
بالرغم من خمس صفقات مهمة وكبرى، أبرمها العراق في مجال الطاقة، خلال الشهر الماضي، آخرها تويقعه مذكرة تفاهم مع شركة “جي إي فيرنوفا” الأمريكية، إلا أن التراجع في تجهيز الكهرباء بات واضحا في العاصمة بغداد، مع انخفاض جودة التيار الكهربائي الواصل لبعض المناطق، ومع انقطاعات متكررة خلال فترة التجهيز.
وبينما يستمر بعض أصحاب المولدات في بغداد بفرض تسعيرات باهظة، وصلت خلال الشهر الحالي إلى 20 ألف دينار للأمبير الواحد، كشفت عضو مجلس محافظة بغداد، علا التميمي، عن “شبكات مشبوهة” مؤلفة من مدير ناحية، ومختار، وبعض من منتسبي الأجهزة الأمنية، بالتعاون مع أصحاب المولدات، لإطفاء وتشغيل الكهرباء في كثير من المناطق.
وقالت التميمي في بيان، إن “البعض أسس شبكة يشترك بها مسؤولو سيطرة الكهرباء، تعمل على إطفاء وتشغيل الطاقة حسب مزاج صاحب المولدة”، مؤكدة أن “هذه الشبكة تتكون من مدير الناحية والمختار وبعض من منتسبي الأجهزة الأمنية في المنطقة”.
وأضافت أن “المولدات الكهربائية ملأت المحلات والمناطق، ويوجد منها ما هو تابع للمحافظة، إلا أن مشكلة تجهيز الكهرباء الوطنية، لا تزال قائمة وبكميات قليلة جدا”.
وأكدت التميمي أنها “توقعت منذ العام الماضي أن يكون هذا العام كارثيا بالنسبة لتجهيز الكهرباء، بسبب سوء إدارة وزارة الكهرباء، وعشوائية عملها”، مشيرة إلى أن “أصحاب المولدات لا يلتزمون بالتسعيرة، ويتحججون دائما بشح زيت الغاز “الكاز” وغلاء سعره”.
ولم ترتفع ساعات التجهيز عن 15 ساعة في أفضل المناطق، كالمجمعات السكنية الحديثة، ومناطق مركزي الكرخ والرصافة، بينما وصلت في بعض مناطق أطراف العاصمة إلى أقل من ست ساعات تجهيز في اليوم، بواقع ساعة تشغيل واحدة مقابل خمس ساعات إطفاء، ولم ينج من هذا التراجع سوى المناطق التي تعتمد على نظام الخصخصة، التي حافظت على كهرباء مستمرة على مدار 24 ساعة.
الجدير بالذكر أن محافظة بغداد، حددت تسعيرة أمبير المولدات الحكومية والأهلية، ليكون سعر الأمبير الواحد للتشغيل الذهبي، أي 24 ساعة، هو 10 آلاف دينار.
ومنذ نحو شهرين، والعراق مستمر بتدارك الانعكاسات السلبية، لسريان قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الخاص بإنهاء الإعفاءات التي منحتها واشنطن لبغداد، المتعلقة باستيراد الغاز والطاقة الكهربائية من إيران، من خلال عدد من الخطوات، من بينها إنشاء منصة عائمة في البحر.
ويعتمد العراق منذ سنوات طويلة، على استيراد الكهرباء والغاز من إيران، وخاصة في ذروة فصل الصيف، ويعتمد بهذا على الإعفاءات الأمريكية المستمرة، والتي تصدر أكثر من مرة خلال كل عام.
ووجه رئيس اللجنة المالية في البرلمان عطوان العطواني، مؤخرا، رسالة إلى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، مفادها أن إيقاف استيراد الغاز من ايران سيتسبب بانهيار منظومة شبكة الكهرباء خلال الصيف المقبل في العراق، في إشارة الى ضرورة تمديد الإعفاءات الممنوحة الى العراق في هذا الجانب، بعد ايقافها رسميا من قبل إدارة رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب.
إلا أن العراق مستمر بإستيراد الكهرباء والغاز من إيران دون توقف، على الرغم من العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، حيث قال عضو لجنة الكهرباء في مجلس النواب، داخل راضي، الأسبوع الماضي، إن “الحكومة العراقية تعمل حاليا على البحث عن بدائل للغاز الإيراني، من خلال استيراد الطاقة الكهربائية من مجلس التعاون الخليجي، والأردن، ودول أخرى”.
ويعتمد العراق على الغاز الإيراني لتشغيل نحو 40% من منظومته الكهربائية، ما يعني أن أي تقليص أو قطع لهذه الإمدادات قد يؤدي إلى تفاقم انقطاعات الكهرباء خلال الصيف.
وخلال الأشهر الماضية، فقد العراق أكثر من 5500 ميغاواط نتيجة توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل، فيما لم تتمكن الحكومة من تعويض هذا النقص، ما أدى إلى انخفاض ساعات التجهيز في معظم مدن البلاد.
ولجأ العراقيون إلى المولدات الكهربائية منذ نحو ثلاثة عقود لتأمين ساعات أضافية من الكهرباء، كبديل وحيد لسد العجز المتزايد في التجهيز، بعد تدمير البنى التحتية وشبكات الطاقة إثر حرب الخليج الثانية، ومع تقادم عمر المحطات الكهرو-مائية فضلا عن التزايد السكاني والتوسع في استخدام الأجهزة الكهربائية وعلى رأسها المكيفات.
وفشلت الحكومات المتعاقبة، في معالجة المشكلة، رغم إنشاء محطات انتاجية جديدة. واستمر العجز نتيجة تضاعف الاستهلاك وفشل بعض المشاريع وتردي شبكات النقل، ما يضطر السكان وأصحاب الأعمال الى استخدام المولدات الأهلية لسد النقص.
وتعد أزمة الكهرباء هي واحدة من أبرز الأزمات التي شهدتها البلاد منذ الغزو الأميركي عام 2003، ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة من تجاوزها، على الرغم من إنفاق نحو 41 مليار دولار في هذا القطاع، وفقا لتقارير رسمية.
أقرأ ايضاً
- مجلس الوزراء يقرر تعطيل الدوام الرسمي لجميع دوائر الدولة في بغداد يومي الخميس والأحد المقبلين
- النقل: ندرس إنشاء حافلات نقل جماعي كهربائية داخل بغداد
- إغلاق شركتين للحج والعمرة ومنفذ صراف آلي غير مجازين في بغداد