حجم النص

بقلم:إياد مهدي عباس
منذ فوزه بولاية ثانية لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية وترامب يفاجيء العالم بتصريحات ومواقف غريبة كانها مستوحاة من حياة الكاوبوي القديمة في الغرب الامريكي المتوحش . اذ حرص على ان يكون مختلفاً في قراراته ومواقفه عن سابقيه من الرؤساء الذين اعتلوا عرش امريكا حتى ولو كان ذلك على حساب مخالفة القوانين والاتفاقيات الدولية المتعارف عليها ،فحينما يطالب بضم دولة اخرى ذات سيادة الى دولته يعد ذلك خرقا لكل المواثيق والقوانين الدولية التي أقرتها المنظمات الدولية والعالمية ، فتصريح ترامب حول ضم دولة كندا التي تفوق مساحتها مساحة الولايات المتحدة الأمريكية وجعلها الولاية الحادية والخمسون من الولايات الأمريكية يعد ذلك تحولاً رديكالياً خطيراً يهدد النظام الدولي والاسقرار العالمي برمته ، ولم يقف ترامب عند حدود كندا فحسب إنما طالب ايضاً بضم جزيرة كرينلاند التي تفوق مساحتها مساحة المكسيك وهي من أكبر جزر العالم والتابعة من الناحية الجيوسياسية الى القارة الأوربية وبالتحديد الى دولة الدنيمارك علماً ان هذه الجزيرة تتمتع اليوم بحكم ذاتي واسع النطاق ، وفي موقف إبتزازي نابع من نهجه التوسعي ونظرته المتعالية في التعامل مع الدول الأقل شأناً صرح ترامب بضرورة إعادة السيطرة الأمريكية على قناة بنما تحت ذريعة الخشية من الهيمنة الصينية عليها رغما ان هذه القناة تمثل جزءاً من جغرافية بنما الوطنية ما اثار ذلك استغراب دول العالم واستهجانها !! وفي لقاء مباشر جمعه مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي طالباً منه السماح للسفن الأمريكية بالمرور عبر قناة السويس بشكل مجاني دون خضوعها الى رسوم المرور المتعارف عليها مما أثار ذلك ردود أفعال غاضبة في الأوساط الأعلامية والسياسية المصرية. ان خطورة تصريحات دونالد ترامب تكمن في إعتقاده بأحقية أمريكا في الاستيلاء على هذه الممرات المائية مما اعده المراقبون مؤشراً خطيراً يؤدي الى زعزعة استقرار النظام الدولي في التعامل البحري عبر جميع الممرات والقنوات المائية العالمية ، وفي موقف خالٍ من الشعور الأنساني وسابقة خطيرة خالف فيها جميع القوانين والاعراف الدولية التي أعطت الشعوب حق العيش على اراضيها بسلام أيد ترامب رغبة إسرائيل في تهجير شعب غزة من أرضه الى أماكن أخرى خارج حدود فلسطين الا انه تراجع عن موقفه هذا فيما بعد، وفي تطور دراماتيكي صادم فرض ترامب رسوم كمركية شاملة وبنسب كبيرة متفاوتة على الواردات الامريكية من مختلف دول العالم بما في ذلك الدول الحليفة لأمريكا فسبب ذلك أزمة سياسية واقتصادية عالمية وركود اقتصادي أضر بمصالح المستثمرين الأمريكان قبل غيرهم ما ولد ذلك موجة سخط كبيرة داخل المجتمع الامريكي أدت الى تكوين رأي عام مناويء للسياسة الاقتصادية في البلاد، ومن المحتمل أن تؤدي هذه السياسة الى ردود أفعال معاكسة من قبل الدول المتضررة وإعلان الحرب التجارية ضد البضائع الأمريكية وفرض قيود جديدة على حركة التجارة العالمية وبالتالي قد تؤدي الى ركود تجاري كبير، وفي مقال للكاتب والصحفي الامريكي (كولبرت كينغ) المنشور في صحيفة واشنطن بوست قال فيه ان الظاهرة(الترامبية) تشكل خطراً على أمريكا وعلى الناس الذين أعتز بهم وأحبهم ، واطلاق الكاتب على قرارات ترامب وسلوكه السياسي اسم (الظاهرة الترامبية) يوضح مدى الأنطباع السلبي السائد بين اوساط المجتمع الأمريكي حول سياسة ترامب الاقتصادية خصوصاً مع تصاعد حالة الغضب والاستياء ضد ادارته للبلاد . وفي دراسة قام بها احد الخبراء الإقتصاديين في معهد (نومورا للابحاث) في اليابان مفادها ان الرسوم الكمركية التي فرضها ترامب تنطوي على خطر كبير قد يدمر نظام التجارة العالمي الحر الذي قادته الولايات المتحدة الامريكية منذ الحرب العالمية الثانية، ومن الواضح ان شهية ترامب الجامحة في الإستحواذ على مقدرات الشعوب قد تمثل نهجاً جديداً قائماً على البلطجة الدولية المنبثقة من مبدأ الميكافلية في التعاطي مع القضايا الدولية من خلال اللجوء الى اسلوب التهديد باستخدام القوة والترهيب اثناء التعامل مع الدول الأقل شأناً وبالتالي سوف يمهد هذا المنهج الى شيوع شريعة الغاب بين دول العالم مما يعرض النظام العالمي برمته الى خطر التفكك والانهيار. ومن تداعيات الظاهرة الترامبية عالميا إعطاءه الضوء الاخضر للكيان الصهيوني في الإمعان بجرائمه الوحشية والسماح باستخدام القوة المفرطة ضد الشعب الفلسطيني والشعوب المجاورة على مرأى ومسمع من الادارة الامريكية. وكذلك محاولته اجبار أوكرانيا على توقيع معاهدة شراكة لاستغلال ثرواتها المعدنية مستغلا بذلك انشغالها بالحرب التي تخوضها ضد روسيا مقابل استمرار الدعم الامريكي لها يوضح هذا العمل مدى رغبة ترامب في الاستحواذ على الموارد الاقتصادية للدول الحليفة مما قد يجعل بعض الدول الحليفة لامريكا ان تعيد النظر في تحالفها معها والبحث عن تحالفات جديدة خارج التبعية الامريكية من أجل الحفاظ على مقدرات شعوبها من الابتزاز الامريكي وهذا يعني خسارة الولايات المتحدة الأمريكة لبعض حلفائها نتيجة سياسة ترامب الانتهازية. ..
أقرأ ايضاً
- عقيدة بثقل القرآن.. فهل نحملها بثقلها؟
- حين تُشترى الأصوات.. تُباع الأوطان
- خور عبد الله.. عقدة تاريخية تتجدد بين العراق والكويت