
يعاني القطاع الزراعي في العراق، جملة اختلالات أثرت بشكل كبير على الانتاج المحلي من المحاصيل المختلفة، وأسهمت بتراجع معدلات نمو الاقتصاد الوطني، إذ يمثل غياب الدعم الحكومي وانفتاح الحدود أمام استيراد مختلف أنواع المحاصيل ومن دون التقييد بالروزنامة الزراعية، فضلا عن شح المياه والتحولات البيئية أبرز المعرقلات التي أدت الى تراجع القطاع الزراعي.
وفي هذا الإطار، انتقدت النائب عن محافظة ذي قار، زينب الخزرجي، قرار وزارة الزراعة بشأن تسويق المحاصيل الزراعية، واعتبرته سبباً مباشراً في تعرّض الفلاحين لخسائر مالية كبيرة.
وكانت وزارة الزراعة، أعلنت في 8 نيسان الجاري، منع استيراد وتداول 37 مادة زراعية في الأسواق المحلية، فيما فتحت باب الاستيراد لـ 7 محاصيل.
وقالت الخزرجي، إن “وزارة الزراعة أصدرت قراراً ينصّ على أن التسويق يتم وفق الخطة الزراعية، حيث إذا قام الفلاح بزراعة 90 دونماً، فإن الوزارة لا تستلم إلا 30 دونماً فقط، متجاهلة بذلك الخسائر التي يتكبّدها الفلاح والتي تُقدّر بملايين الدنانير”.
وأضافت أن “هذا القرار الحكومي تسبب بخسائر فادحة لأبناء محافظة ذي قار وباقي محافظات الوسط والجنوب، وكان الأجدر بالحكومة ووزارة الزراعة أن تولي اهتماماً أكبر بالمنتج المحلي، وتقدم الدعم للفلاحين بدلاً من تحميلهم وحدهم نتائج هذه السياسات الخاطئة”.
وأشارت الخزرجي، إلى أن “الاعتماد الصارم على الخطة الزراعية من جهة، وفتح باب الاستيراد من دول الجوار من جهة أخرى، شكّل ضربة قاسية للمحاصيل المحلية”.
وكان وزير الصناعة خالد بتال النجم، أقر يوم السبت الماضي، بصعوبة منافسة المنتج المحلي للبضائع المستوردة من البلدان المجاورة إضافة الى الصين بسبب انخفاض تكلفة الإنتاج لديها وارتفاعها في العراق.
وحذّرت المديرية العامة للماء في العراق ومنظمة اليونيسيف الدولية، في 4 نيسان الجاري، من أن البلاد تواجه أزمة مائية خانقة، وأن الجفاف والتغيرات المناخية يصعّبان الحصول على مياه الشرب لملايين المواطنين، وأن الأزمة تتفاقم بسبب ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والتصحر، مما يجعل العراق من أكثر البلدان تأثرا بتغير المناخ.
وتتزامن هذه التحذيرات مع تدهور خطير بالقطاع الزراعي، إذ فقد العراق نحو 50% من أراضيه الزراعية خلال السنوات الأخيرة، حسب المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي.
ومن المقرر أن يتوجه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، خلال الأيام القلائل المقبلة الى تركيا، على رأس وفد حكومي رفيع، في زيارة رسمية، تتضمن بحث ومناقشة جملة ملفات وقضايا داخلية وإقليمية، أبرزها ملف المياه.
ويشتكي العراق منذ سنوات من السياسات المائية غير العادلة التي تنتهجها تركيا، عبر بناء العديد من السدود على نهر دجلة ما تسبب بتراجع حصصه المائية، وأيضاً إيران، من خلال تحريف مسار أكثر من 30 نهراً داخل أراضيها للحيلولة دون وصولها إلى الأراضي العراقية، بالإضافة إلى ذلك، فاقمت مشكلة الجفاف وقلة الأمطار خلال السنوات الأربع الأخيرة من أوضاع البلاد البيئية والزراعية.
وانخفض الحجم الإجمالي للمياه الواردة من دجلة والفرات بشكل ملحوظ من 93.47 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى 49.59 مليار متر مكعب في عام 2020، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تصرفات دول المنبع.
ولم يفلح العراق منذ منتصف القرن الماضي بوضع حلول نهائية لأزمة متكررة باتت ورقة ضغط بيد دول المنبع تركيا وإيران، لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية من خلال التحكم بشكل مطلق بتدفق مياه نهري دجلة والفرات.
ومع حلول كل فصل صيف تضرب الأهوار والأراضي الزراعية أزمة مائية تؤدي إلى انحسار مساحات كبيرة في الأهوار وتقليص الخطط الزراعية بسبب شح المياه الواصلة إلى البلاد من دول المنبع، وأحيانا تبلغ الأزمة ذروتها في بعض المحافظات وتؤثر سلبا على تغذية محطات مياه الشرب بالكميات الكافية لانخفاض مناسيب الأنهار المغذية لها وتحولها إلى ضحلة يعصب تنقيتها.
ويفقد العراق 100 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية سنوياً نتيجة التصحُّر ويخلُص تقرير، صدر عن وزارة الموارد المائية العراقية، إلى أن موجات الجفاف الشديد المتوقعة حتى سنة 2025 ستؤدي إلى جفاف نهر الفرات بشكل كامل في قطاعه الجنوبي، بينما سيتحوَّل نهر دجلة إلى مجرى مائي بموارد محدودة.
و يبلغ إجمالي معدل الاستهلاك لكافة الاحتياجات في العراق نحو 53 مليار متر مكعب سنويا، بينما تقدر كمية مياه الأنهار في المواسم الجيدة بنحو 77 مليار متر مكعب، وفي مواسم الجفاف نحو 44 مليار متر مكعب، وإن نقص واحد مليار متر مكعب من حصة العراق المائية يعني خروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية من حيز الإنتاج.
ووفقا لتوقعات “مؤشر الإجهاد المائي” فإن العراق سيكون أرضا بلا أنهار بحلول عام 2040، ولن يصل النهران العظيمان إلى المصب النهائي في الخليج العربي، وتضيف الدراسة أنه في عام 2025 ستكون ملامح الجفاف الشديد واضحة جدا في عموم البلاد مع جفاف شبه كلي لنهر الفرات باتجاه الجنوب، وتحول نهر دجلة إلى مجرى مائي محدود الموارد.
أقرأ ايضاً
- سوق العراق للأوراق المالية توقع مذكرة تفاهم مع سوق أبوظبي للانضمام لمنصة "تبادل"
- لا حل في الأفق.. انتقادات برلمانية لخطوات السوداني في تعديل "سلم الرواتب"
- النفط ينخفض ويتجه لتسجيل خسائر للأسبوع الثاني توالياً