- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الاحتفال بالجلاد: كيف تُكرَّم الجريمة في العراق؟

بقلم: حسن حنظل النصار
في العراق، لا يحتاج المجرمون إلى الهروب، بل كثيرًا ما يُكافَؤون. يُمنَح القتَلة مناصب، ويُعطى الفاسدون الألقاب، وتُنسى دماء الأبرياء تحت شعارات “الوحدة” أو “الاستقرار”.
الاحتفال بالجلادين في العراق ليس استثناءً، بل هو ممارسة ممنهجة تُعيد إنتاج القمع تحت غطاء الوطنية والطائفية والسيادة.
منذ عقود، والعراق يدفع ثمن احتضان المجرمين. من نظام قمعي سابق أسس لدولة الرعب والإعدامات الجماعية، إلى مرحلة ما بعد 2003 حيث تفككت الدولة، وتوزعت السلطة على أساس المحاصصة، وانتشرت الميليشيات، وتسيد أمراء الحرب والمليشيات والمفسدون.
أسماء كثيرة تلمع في الإعلام وتُرفَع صورها في الشوارع، رغم تورطها في جرائم طائفية، أو عمليات اغتيال، أو سرقة ثروات الدولة، أو حتى التعاون مع قوى خارجية ضد مصالح العراق.
بعضهم متهم بقتل المتظاهرين في انتفاضة تشرين، ومع ذلك يتجول بحرية، وربما يترشح في الانتخابات، أو يُقدَّم على أنه “رجل دولة”.
والضحايا؟ تُنسى أسماؤهم، وتُدفن قضيتهم في لجان تحقيق لا تصدر عنها نتائج.
أما الشهداء الذين خرجوا يطالبون بوطن، فليس لهم إلا صور على الجدران، أو دموع الأمهات.
الاحتفال بالفاسد في العراق هو صورة عن غياب الدولة، وعن هيمنة قوى اللادولة.
هو مؤشر على اختطاف الوعي العام، وعلى نجاح أدوات التضليل، التي تجعل من القاتل بطلاً ومن الشهيد “مخربًا”.
لكن يبقى هناك أمل، طالما بقي من يفضح ويكتب ويقاوم النسيان. لأن الذاكرة الشعبية أقوى من كل محاولات التبييض، والتاريخ لا يرحم.
أقرأ ايضاً
- صناعة الثقة بالانتخابات.. كيف؟
- تأثير التحول الرقمي على الجريمة المنظمة: التحديات القانونية الواجب مواجهتها
- تنمية الذات والحد من الجريمة