
وسط شد وجذب يستمر قانون تعديل “سلم الرواتب”، بالترنح داخل أروقة السياسة، دون تحقيق أثر يذكر، وسط تخوف المختصين من الانعكاس السلبي له على الموازنة العامة، لاسيما وأنه سيسبب “طفرة” بالنفقات في ظل ارتفاع عدد الموظفين.
فبعد إقرار رئيس الوزراء محمد السوداني، بأن تعديل بعض القوانين هو الطريق الوحيد لتوحيد سلم الرواتب، انتقد النائب أمير المعموري، الخطوات الحكومية لتعديل سلم الرواتب، واصفا إياها بـ “الميتة”، مؤكدا أنه لا يوجد حل في الأفق إذا استمر الأمر على ماهو عليه.
يذكر أن مجلس الوزراء أصدر قراره (302) في شهر تشرين الثاني 2022 من قبل الحكومة الحالية بسحب أكثر من 25 مقترح قانون من ضمنها قانون الخدمة المدني الاتحادي.
حيث أن المقترحات التي يتضمنها القانون، ووفقا للتسريبات الخاصة بالراتب الاسمي، والتي انتشرت سريعا عبر مصادر دون إعلان رسمي فهي: لحملة شهادة الماجستير 712 ألف دينار، وللبكالوريوس 643 ألف دينار، وللدبلوم 615 ألف دينار، وللإعدادية 562 ألف دينار، وللمتوسطة 546 ألف دينار، وللابتدائية 483 ألف دينار، ولمن يقرأ ويكتب فقط 425 ألف دينار.
وقال المعموري في حوار متلفز، إن “سلم الرواتب ليس كلام يقال أو مناشدة وينتهي بإقراره، بل يحتاج إلى خطوات حقيقية لتطبيقه، تبدأ أولا بتوفير التخصيص المالي”.
وأضاف: “ثانيا يجب أن تكون هناك عدالة في توزيع الرواتب، أي سحب الرواتب العالية وانصافهم مع الآخرين”، مبينا : “أننا حتى الآن لم يتم تخفيض المخصصات التي بها مغالاة لبعض الموظفين”.
ولفت إلى أن “تفعيل ملف عقارات الدولة، حيث أن هذه جميعها إيرادات تدخل للخزينة ومن الممكن أن تكون جزء من هذا الموضوع”، مبينا أن “هناك إيجارات كثيرة من الممكن الإستفادة منها”.
وتابع أن “الدولة معتمدة فقط على النفط وغدا من الممكن أن تنخفض أسعار النفط وبالتالي حتى الراتب الحكومي لا يتم الحصول عليه”، مؤكدا أن “الأمر يحتاج الى خطة مدروسة ليتم تعظيم إيرادات الدولة والحفاظ على أملاك وممتلكاتها، إذ أنه مع الإستمرار بالخطوات الحكومية الميتة لا حل يلوح في الأفق”.
وكان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أكد أمس الأول الإثنين، أن هناك 34 قانوناً وقراراً لمجلس الوزراء منحت مخصصات متباينة شكلت تفاوتاً بالرواتب وتعديلها هو الطريق الوحيد لتوحيد سلم الرواتب.
جاء ذلك بعد دعوات برلمانية، لتطبيق سلم الرواتب على أرض الواقع، لاسيما مع غضب الكوادر التربوية وإضرابهم عن الدوام خلال الفترة الماضية.
و أكد النائب عن كتلة الجيل الجديد ريبوار اورحمن، في 15 نيسان الجاري، أن تمرير تعديل قانون سلم الرواتب مرهون بتوفر الإرادة السياسية، مبينا أنه “كانت هناك إرادة سياسية لتمرير هذا القانون والمصادقة عليه فإنه سيمرر خلال شهرين أو ثلاث أشهر”.
وشهدت عدد من المحافظات العراقية، من بينها ذي قار وبابل والبصرة وديالى، وكربلاء، خلال الأسابيع الماضية تظاهرات وإضراب للمعلمين للمطالبة بحقوقهم المالية وتحسين ظروف عملهم، إلا أنها تحولت، في ذي قار إلى ساحات صراع بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب، حيث قامت الأخيرة بالضرب واستخدام القنابل الدخانية لتفريق الحشود، مما أسفر عن إصابات بين المتظاهرين.
وكان النائب السابق عبد الهادي السعداوي، قال في 8 نيسان الجاري، أنه في حال تمرير تعديل سلم الرواتب الدولة بحاجة فإن الدولة بحاجة إلى 3 تريليون دينار لمعالجة هذا الأمر سنويا”، لافتا إلى أن “المبلغ سيضاف على الموازنة وبالتالي سيرهق الدولة حتى وإن خفضت الإنفاق، حيث أن 80 بالمئة من الموازنة هي تشغيلية”.
جاء ذلك مع توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 3 نيسان الجاري، أمرا تنفيذيا فرض بموجبه الرسوم الجمركية المتبادلة على دول “في العالم أجمع”، تنفيذاً لما توعد به باستمرار منذ حملته الانتخابية بهدف بدء “عصر ذهبي” للولايات المتحدة، حيث وتراوحت الرسوم بين 10% و49%.
وجاء العراق بالمرتبة الثانية ضمن قائمة الدول العربية التي فُرض عليها الرسوم الجمركية، حيث بلغت نسبة الرسوم 39%، وهو ما طرح الكثير من التساؤلات حول الجوانب التي ستضرر من هذه النسبة العالية.
ويطالب نحو 70% من الموظفين العراقيين الذين تُقدر أعدادهم بنحو خمسة ملايين موظف بتعديل سلم الرواتب لما فيه من “ظلم وإجحاف” مقارنة مع أقرانهم من موظفين في وزارات تمنح مخصصات أعلى بكثير من غيرها، ملوحين بالاستمرار في التظاهرات في حال كان هناك تسويف ومماطلة لحقوقهم المسلوبة منذ العام 2008.
وطلبت لجنة النزاهة النيابية، في 25 كانون الثاني الماضي، استضافة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لمناقشة تعديل سلم الرواتب وهو ضمن قانون الخدمة الاتحادي، وذلك لانصاف شريحة الموظفين.
وكان رئيس الوزراء محمد السوداني، أقر في 29 حزيران 2024، بصعوبة إقرار سلم الرواتب، مبينا أنه يحتاج إلى مراجعة أكثر من 34 قانونا وقرارا.
وأكد عضو المالية النيابية مصطفى الكرعاوي في 14 آيار 2024، أن “جداول موازنة سنة 2024 المرسلة من قبل الحكومة لا تتضمن سلم الرواتب الجديد”، مبينا ان “السلم يفترض أن يرسل كقانون منعزل عن الموازنة وهو ضمن صلاحيات الحكومة حصرا وليس للبرلمان أي صلاحيات في زيادة الرواتب الموظفين”.
يشار إلى أن إنتاجية الموظف في العراق لا تتجاوز الـ17 دقيقة يوميا، في ظل حاجة العراق إلى قانون لتنظيم العطل الرسمية التي تتسبب بهدر الوقت وتحول دون الإنتاج والتطور.
وتعاني وزارات الدولة العراقية من ترهل وظيفي يعرقل عمليات الإنتاج في الغالب، ويسبب إرهاقا لخزينتها، من دون تحقيق مردودات مالية تكفي على أقل تقدير لتأمين رواتب العاملين فيها، في بلد ما زال لغاية الآن يعتمد على العائدات النفطية بنسبة لا تقل عن 90 بالمئة لرفد موازناته السنوية بالأموال، في حين لا تحقق مؤسساته الحكومية الصناعية والتجارية والمالية عائدات مالية بإمكانها منافسة النفط.
وكان مجلس الوزراء، أقر في تشرين الأول 2023، زيادة مقطوعة قدرها 100 ألف دينار عراقي على رواتب المتقاعدين، فضلا عن منح مخصصات مقطوعة بنسبة 50 بالمئة لرواتب الدرجات (الثامنة – التاسعة – العاشرة) من سلم الرواتب، لكن اللجنة المالية في البرلمان العراقي، قالت بعد أيام إن هذا القرار يجب دراسته مع وزارة المالية، لأن هذه الخطوات يسبب خللا وفرقا بين موظفي الدرجتين السابعة والثامنة.
وأقر مجلس النواب في حزيران 2023، مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنوات المالية 2023، 2024، 2025، التي وصفت بأنها أضخم موازنة بتاريخ العراق والأولى من نوعها كونها لثلاث سنوات، وجاء إقرارها بعد مخاض عسير بسبب الخلافات السياسية على القانون لاسيما المواد الخاصة بحصة إقليم كردستان التي عطلت التصويت مرات عدة.
ومنذ العام 2008، أجرى العراق تعديلاً على سلم رواتب الموظفين، وبعد سنوات تصاعدت الدعوات بشأن إجراء تعديل آخر على السلم، بما يواكب التضخم الحاصل في السوق العراقية، وهو مسار دخل في “قيل وقال” وكثرة سؤال، وسط تباين في الآراء بشأنه.
أقرأ ايضاً
- البنك المركزي العراقي يصدر توضيحاً بشأن بيع الدولار للمسافرين
- الكويت تبحث عن استثمارات في كربلاء
- رئيس الوزراء: العراق وصل للاكتفاء الذاتي من مادة الإسمنت