
المرقد الوحيد لاحد انبياء الله في العاصمة بغداد شيد منذ الالاف السنين وتخدمه عائلة من خمسة قرون، قررت الحكومة ان ينفذ فيه مشروع عمراني يعيد تأهيله في العام (2012) واختلفت الآراء داخل وزارة الثقافة نفسها بين جهة تريد هدمه بالكامل واعادة بنائه، وبين جهة ترفض بشدة كونه مرقدا اثريا لا يمكن هدمه بل تغلف جدرانه فقط، ونفذت احدى الشركات فيه مشروع بطريقة عشوائية وغير رصينة فالحق الضرر به وتهدمت اجزاء من جدرانه، وما زال مغلقا امام الزائرين العراقيين والعرب والاجانب، تلك هي قصة النبي "يوشع بن نون" (عليه السلام).
ذكره في القرآن
ورد ذكر النبي يوشع بن نون في القرآن بالآية الكريمة (62) من سورة الكهف في قوله تعالى ( فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا)، ويقع قبر وضريح هذا الفتى الذي هو النبي يوشع بن نون في مقبرة الشيخ معروف في جانب الكرخ من بغداد، وورد في سيرته انه "يُوْشَعُ بْنُ نُوْنٍ" (عليه السلام) وهو الغلام الذي رافق النبي موسى (عليه السلام) أثناء مقابلته للرجل الصالح "الخضر"، حسب ما ورد في سورة الكهف هو نبي من أنبياء الله استخلفه الله عز وجل في بني إسرائيل بعد وفاة "موسى" و"هارون" (عليهما السلام) وهو من كتب الله على يده فتح بيت المقدس واسترجاعه من العماليق، ولم يرد ذكره صريحا في القرآن الكريم، لكنه مذكور بالاسم في الأحاديث الصحيحة وفي كتب السير، هو الخليل يوشع بن نون بن إفرائيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، أما أهل الكتاب فيقولون: يوشع ابن عم هود.
مرقده في بغداد
ويقول خادم المرقد السيد " حسين مظفر القدسي الحسيني" الذي توارث الخدمة من اجداد اجداده الى اجداده وآبائه لمدة تمتد الى حوالي (400 ــ 500) عام لوكالة نون الخبرية ان" المرقد جرت عليه اعمال تأهيل في العام (2012) عندما كانت الحكومة تجري التحضيرات لاقامة مهرجان بغداد عاصمة الثقافة العربية والاسلامية الذي كان من المقرر اقامته في العام (2013)، فاعتبر مرقد النبي "يوشع بن نون" من المراقد الاثرية والتاريخية فشمل بالتأهيل لكن الذي جرى وما تراه العين الآن ان العمل هو خراب وليس تعمير، حيث تبنت وزارة الثقافة تنفيذ المشروع وتسلم التخصيصات المالية والانفاق والاشراف كان من ديوان الوقف السني، واقولها بصراحة ان عمليات التأهيل لم تكن بالمستوى المطلوب للمرقد من ناحية كونه مرقد لاحد انبياء الله او للمناسبة التي اختيرت فيها العاصمة بغداد عاصمة للثقافة العربية والاسلامية، حيث كلفت بتنفيذ المشروع شركة كان عملها "رديء جدا"، وتوقف العمل من قبل الشركة والى الآن ما زالت وزارة الثقافة تضع يدها على المرقد وقد اقفلت ابوابه الداخلية امام الزائرين، ولا تقبل ان تسلمه الى الوقف السني ليباشر بإعماره، ولم تتخذ أي اجراء لاكمال العمل واعادة تأهيله، وبمرور الايام وترك التأهيل بدأت اجزاء من الجدران تتساقط وتتهالك".
هدم أم تغليف
واضاف "الحسيني" اننا" اخبرنا ممثلي الوزارة ان سقف المرقد لا يجوز ان يرصف بمادة "الشتايكر" الخرسانية الثقيلة لان المرقد يحتوي على مجموع من القباب، ويجب ان يرصف بالطابوق "الفرشي" المعروف استخدامه قديما في بغداد والمدن المقدسة والقديمة حتى يغلف السقف يمنع تسرب الماء او الرطوبة، ولكن المهندسين المكلفين بالإشراف على تنفيذ المشروع اصروا على استخدام مادة "الشتايكر" واصبح يسرب المياه من السقوف الى داخل الجدران، والمشروع هو عبارة عن غلاف خارجي للمرقد وفي نهاية المطاف جاء خبير من وزارة الثقافة وكان الرأي ان يهدم المرقد بالكامل ويعاد بنائه بنفس الطراز والتصاميم القديمة، الا ان المسؤول عن دائرة الآثار اعترض على الامر باعتباره موقعا اثريا عراقيا قديما، واقترح ان يحقن او يغلف بجدار خارجي، بينما عمليه تغليف جدران المرقد من الخارجي تخفي كونه موقعا اثريا قديما لنبي من انبياء الله، يقصده الزائرون من مختلف الاطياف العراقية المسلمة، وكذلك المسلمون من الهند والباكستان ووفود اجانب، بل جاء زوار في احدى المرات من طوائف يهودية وعرفناهم من الطقوس التي مارسوها في المرقد كونه احد انبياء بني اسرائيل، وهو ضريح لا تقام فيه صلاة الجماعة او العبادات كونه ضريح صغير المساحة، وكثير من الجهات الاعلامية تأتي لتصوير المرقد على ما به من أثر تراثي قديم، ومنها قناة العراقية الرسمية للتعريف بتاريخ النبي يوشع بن نون وسيرته، ونحن بدورنا بما لدينا من معلومات تاريخية واخرى من حوادث ذكرت في القرآن الكريم نتصدى لتقديمها للزائرين العراقيين والعرب والاجانب، ونوضح لهم هل ان هذا المكان مرقد ودفن فيه جسد النبي الطاهر او مقام وقف فيه او صلى على ارضه، لان هناك من يؤيد انه مرقد ويذهب آخرون الى انه مقام لكن الروايات والمعلومات تؤكد انه فتى موسى (عليه السلام) الذي ذكر في سورة الكهف، وبعد وفاة النبي هارون ومن بعده اخيه موسى، اصبح يوشع نبيا وقاد بني اسرائيل وفتح بيت المقدس، وقد اشار اليه الامام علي (عليه السلام) عندما وصل الى دير "براثا" وقال ان هناك نبيا مدفون شرق هذا المكان والمرقد يقع فعلا شرق منطقة براثا، كما نقل عن الامام احمد بن حنبل انه اوصى قائلا "ادفنوني في مدينة فيها نبي وليس قرب ابي" اشارة الى قبر النبي "يوشع بن نون" وهو النبي الوحيد المدفون في بغداد، والذي يقع في منطقة "الشالجية" حاليا والتي كانت تسمى "الشونوزية"، وهي كلمة بابلية تعني "المنفى"، وتذكر الروايات التاريخية ان هذه المنطقة كان "سجن" في العصر البابلي، ويقال ان نبوخذ نصر عندما سبى بني اسرائيل في السبي البابلي الثاني لاستعمالهم بـ"السخرة" جاء نبي الله "يوشع" ليطالب بهم وكانت وفاته ودفنه هنا".
قاسم الحلفي ــ بغداد
أقرأ ايضاً
- أول عيد بلا سرطان.. قصة انقاذ "ليان" من سرطان الدم (فيديو)
- قانون الانتخابات للواجهة مجدداً.. سباق الزعامات يفرض تعديل "اللحظة الأخيرة"
- أسعار السلع لا تتأثر بانخفاض الدولار.. وإجراءات الحكومة "بلا جدوى"