
قبل أشهر من فتح باب الحملة الانتخابية رسميا، ظهرت في عدد من الشوارع العراقية صور لشخصيات سياسية ونواب حاليين، ما اعتبر دعاية انتخابية مبكرة، في ظل غياب أي مؤشرات واضحة على ضبط هذا النوع من الترويج، الأمر الذي فتح الباب أمام تساؤلات حول آليات المتابعة والرصد من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
ويقول الخبير في شؤون الانتخابات، هوكر جتو، إن “الدخول في مرحلة الدعاية الانتخابية لا يبدأ إلا بعد مصادقة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على الكيانات السياسية والمرشحين بشكل رسمي”.
ويضيف جتو، أن “ما يحصل حاليا من نشر صور بعض الأشخاص في الشوارع والمولات ووسائل الإعلام، هو دعاية انتخابية مبطنة وغير مباشرة، لكنها لا تحمل أرقاما انتخابية أو تسلسلات أو شعارات رسمية”، مبينا أن “هذا الأسلوب يعكس شدة التنافس المتوقع بين كثير من المرشحين في الانتخابات المقبلة، خاصة في ظل محدودية المقاعد البرلمانية المتاحة، ما يدفع بعضهم إلى محاولة إيصال رسالة مبكرة للناخبين بأنهم سيكونون ضمن المرشحين في الانتخابات المقبلة”.
وعلى أرصفة الشوارع العامة، ومداخل المدن، امتدت صور ولافتات دعائية لنواب حاليين وشخصيات سياسية، وصلت حتى الشوارع الفرعية وواجهات المراكز التجارية والمولات، تضمنت إشارات إلى ما وصف بإنجازات سابقة أو خدمات مقدمة، في محاولة لتعزيز الحضور المبكر في أذهان الناخبين.
كما تحولت بعض اللافتات إلى وسيلة للترويج غير المباشر لإنجازات حكومية أو خدمات محلية، جرى تنفيذها خلال السنوات الماضية، في محاولة لربطها باسم النائب أو الشخصية السياسية، بما يثير تساؤلات عن استغلال المنصب العام لأغراض دعائية.
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات العامة في 11 تشرين الثاني المقبل، حيث يلزم القانون التقييد بموعد إجرائها قبل 45 يوما من انتهاء ولاية الدورة البرلمانية الحالية، فيما تبدأ الدعاية الانتخابية، بعد مصادقة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على أسماء المرشحين والكيانات السياسية.
إلى ذلك، تؤكد المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات، جمانة الغلاي، أن “فترة استقبال قوائم المرشحين للانتخابات بدأت في 25 أيار الماضي، وتستمر حتى 24 حزيران المقبل”.
وتشير الغلاي، إلى أن “الذين بدأوا بحملات دعائية مبكرة لا يعتبرون مرشحين رسميين لدى المفوضية”، مبينة أن “مجلس المفوضين سيقوم بعد انتهاء فترة التقديم بالمصادقة على الأحزاب والتحالفات والقوائم المنفردة والمرشحين، ليسمح لهم بالمشاركة رسميا في الانتخابات”.
وترى أن “الإعلانات الموجودة حاليا لا تعتبر دعاية انتخابية باعتبار أن هؤلاء الاشخاص غير مصادق عليهم كمرشحين وليس لديهم أرقام انتخابية على قوائم أو أحزاب”، موضحة أن “مرحلة الحملة الانتخابية الرسمية تبدأ فقط بعد المصادقة، وتخضع لضوابط وتعليمات المفوضية، وأي إعلان أو حملة ترويجية قبل هذه الفترة تعد خارج الأطر الرسمية، وأن أصحابها يعاملون كأي شخص عادي ينشر إعلانات لا تستند إلى صفة رسمية كمرشح انتخابي”.
ولوحظ وضع لافتات كبيرة تحمل صور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، واسم تحالفه في شوارع العاصمة بغداد، وفي أغلب مناطقها، بأحجام كبيرة فوق البنايات التجارية.
وفي الانتخابات السابقة التي أجريت في العام 2021، شهدت البلاد تزايدا ملحوظا في الدعاية الانتخابية المبكرة، حيث بدأت الأحزاب السياسية والمرشحون في الترويج لأنفسهم وبرامجهم الانتخابية قبل إعلان موعد الانتخابات الرسمي، وكانت قد حذرت مفوضية الانتخابات من هذه الظاهرة، وهددت باتخاذ إجراءات قانونية ضد المخالفين.
من جانبه، يبين المحلل السياسي، علي ناصر، أن “هذه الدعاية المبكرة ستؤدي إلى نتائج عكسية، إذ قد تنفر العديد من المواطنين وتجعلهم يعزفون عن المشاركة في الانتخابات المقبلة، بسبب تكرار نفس الأسماء والوجوه، مع اختلافات طفيفة في بعض التفاصيل”.
ويشير ناصر، إلى أن “هذه الظاهرة تؤثر سلبا على الحماس الانتخابي وتزيد من حالة الإحباط العام”، مبينا أن “المنافسة بين المرشحين تعتمد بشكل كبير على حجم الأموال التي يمكن صرفها، إذ يلعب المال السياسي دورا أساسيا في الحملات الانتخابية، إلى جانب استغلال النفوذ والسلطة، كاستخدام العجلات الحكومية في الترويج لبعض الشخصيات، كما حصل في الانتخابات السابقة”.
ويستطرد أن “الحل يكمن في تغيير أسلوب الحملات الانتخابية من الدعاية القائمة على الصور والشعارات إلى حملات توعوية تثقيفية، تركز على تعريف الناخبين بآليات تحديث البطاقة الانتخابية، وأهمية اختيار الأفضل، وليس الاكتفاء بتعليق الصور وتكرار الزعامات والصراع حول تسلسلات القوائم”.
وكانت دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية، أعلنت الموقف النهائي لعملية تسجيل التحالفات السياسية، وذلك ضمن المهلة الزمنية المقررة لتقديم طلبات التسجيل، وقالت إن عدد التحالفات السابقة بلغ 66 تحالفا، وعدد التحالفات التي حصلت على شهادة المصادقة من قبل مجلس المفوضين 5 تحالفات، وعدد التحالفات بانتظار المصادقة من قبل مجلس المفوضين بلغت 11 تحالفا، وعدد التحالفات التي أبدت رغبتها بالمشاركة في الانتخابات 25 تحالفا، وعدد القوائم المنفردة التي قدمت طلب إبداء الرغبة بالمشاركة 16 قائمة.
وأكدت مفوضية الانتخابات من جانبها، أن القانون الحالي لا يربط عدد الأحزاب بعدد المقاعد البرلمانية، وأن لكل حزب الحق بترشيح عدد من الأفراد يعادل ضعف عدد المقاعد، ما يعني أن وفرة الأحزاب لا تتناقض مع الإطار القانوني، لكنها تثير قلقا سياسيا واسعا.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- العراق يعتزم إجراء تعداد زراعي لأول مرة منذ 70 عاماً.. خطوة نحو الأمن الغذائي أم "استهلاك إعلامي"؟
- في مصحة وفرتها وزارة الداخلية.. متعافي من المخدرات: صديق السوء ورطني بالإدمان وكدت اخسر اهلي وحياتي
- انتظر اهلها (20) عاما ليرزقوا بها.. مستشفى الثقلين للأروام في البصرة ينقذ حياة الطفلة المريضة "آمنة"