
طفلة جميلة تبلغ من العمر (30) شهرا كأنها وردة تفوح بالعفوية والفرح ذبلت وحاصرتها الآلام من كل جانب وشكت من الآم في بطنها ولا تعرف كيف تصف لأهلها مرضها، فاكتشف المرض انها مصابة بسرطان الدم نتيجة زواج الاقارب وتمكنت ملاكات مستشفيي وارث الدولية للاورام والمجتبى لامراض الدم وزرع نخاع العظم التابعة لهيئة الصحة في العتبة الحسينية المقدسة من تشخيصه وتحديد علاجه، ولكن المشكلة انها تحتاج الى عملية زرع نخاع من الغير وبحكم المحددات لتلك العملية لم تتطابق نتيجة الفحص النسيجي مع ذويها وتضائلت الفرصة وضاقت الافق وتملك اليأس اهلها، لكن مهارة وحنكة وحذاقة خبرات الاطباء جعلتهم يتمكنون من انقاذها واعادتها الى الحية.
المرض والنجاة
وقال الطبيب الذي أشرف على علاجها، اخصائي أورام الأطفال وزرع النخاع الدكتور محمـد عبد الواجد كمال، ان "الطلفة (ليان جاسم محمد) وعلى عكس المتوقع تم انقاذها بحالة جديدة من حالات الزرع الغيري من المرض الذي اصيبت به بهذا العمر المبكر وهذه المرة بسبب زواج الاقارب بين الام والاب، ما اعطاها فرصة للحصول على نخاع عظم مطابق، ويبلغ عمر المريضة سنتان ونصف السنة، اكتشف المرض عندها من قبل المختصين في مؤسسة وارث الدولية لعلاج الاورام قبل ستة اشهر، وشخصت الحالة انها تعاني من لوكيميا ميلودية حادة في الدم عالية الخطورة، ما تطلب معها اجراء عملية زرع نخاع العظم من متبرع، واجريت عملية تطابق الانسجة مع اخواتها ولكن للاسف كانت نسبة التوافق عند ظهور النتيجة (50) بالمئة، ومن هنا أشرت لدينا صعوبة في اجراء عملية زرع النخاع من الغير"، ويضيف مستدركا بالقول "لله الحمد ان الاب والام هم من الاقارب ولاحظنا من دلالات الانسجة ان الاب ممكن ان يتطابق فحصه النسيجي مع ابنته الطفلة، فقمنا باجراء فحص تطابق الانسجة مع الاب وظهرت النتيجة متطابقة بنسبة (100) بالمئة، واجريت عملية زرع النخاع من الاب ونحجت العملية بشكل كامل وشفيت الطفلة (ليان) وعادت لها الحياة".
فرحة حياتنا
من جانبه اكد والد الطفة (محمـد جاسم) ان "طفلته ظهرت عليها اعراض في بداية الامر كانت الارتفاع المستمر في درجة حرارة جسمها وتشكوا من آلام في بطنها ولم نستطع معرفة من اي شيء تشكوا لانها طفلة ولا تستطيع التعبير عن آلامها، ولم نعرف انها مصابة بمرض من امراض الدم، وبعد اجراء التحاليل الخاصة بحالتها اكد الاطباء انها مصابة بمرض سرطان الدم، وعندما اجريت عملية التطابق النسيجي لاختها التوأم ولم تكن النتيجة مشجعة ورفض الطبيب المختص الاعتماد عليها، ولم تكن النتيجة مع فحص امها مطابقة وتملكنا اليأس في نجاح العملية وشفاء ابنتنا بشكل كامل، ولكن جهود الملاكات الطبية في مستفى وارث الدولية لعلاج الاورام ومستشفى الحسن المجتبى لها الفضل بشفاء ابنتنا ولا ينسى هذا الفضل وقد ادخلوا علينا اكبر فرحة في حياتنا وعلى قلوبنا يوم ابلغوني بالتطابق بيني وبين ابنتي في الانسجة، ولهم الشكر يوم عالجوا ابنتنا مجانا باحدث الاجهزة الطبية وافضل الكفاءات".
عملية معقدة
اما رئيس هيئة الصحة والتعليم الطبي الدكتور حيدر حمزة العابدي فأكد لوكالة نون الخبرية ان "التحدي في هذا النوع من العمليات هو العمر المبكر للطفلة ونوع المرض سرطان الدم، لاننا لا نتعامل مع اورام حميدة بل ورم خبيث قاسي جدا، لذلك يحتاج الى علاج للسيطرة على المرض، حتى تبدأ بعدها عملية تبديل النخاع، كما يحتاج الى نخاع ثاني فيه خلايا جذعية ثانية غير الموجودة في جسد الانسان، وكأنما العملية هي تبديل كامل لنخاع العظم، لذلك نحتاج الى اجراء تطابق نسيجي كامل لتبديل نخاع العظم، اي ان الموجود عند الطفلة يتلف ويتوقف عن الانتاج وتصل مناعتها الى مرحلة الصفر، وتعطى بعدها خلايا نخاع العظم الجديدة لتحل محل القديمة وتبدأ ببناء نخاع العظم، وتبقى بعد العملية لمدة شهرين تحت رعاية قاسية ومستمرة ومركزة لان جسم المريض يكون فيها بدون مناعته "صفر" وممكن اي التهاب يقتله ويوضع في غرفة تحسب فيها حتى كمية الهواء الداخلة والخارجة ودرجة نقاوة الهواء والطعام، وكذلك نقاوة الماء الذي يتناوله هو والمرافق الشخصي له، وفي حالة الطفلة "ليان" اكملت كل تلك الاجراءات في مدة شهرين حتى عاد النخاع الى العمل والانتاج وشفيت الطفلة وعادت للكلام وتعافت وخرجت مع اهلها الى بيتها".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
أقرأ ايضاً
- أسعار السلع لا تتأثر بانخفاض الدولار.. وإجراءات الحكومة "بلا جدوى"
- يدعمها مكتب السيد السيستاني في كربلاء.. "العين الصناعية" خدمة طبية نادرة يوفرها مجمع الامام الحسين الطبي
- عبر مصحات نفسية بمعايير نموذجية.. الداخلية تعيد تأهيل مئات الشباب وتنقذهم من تعاطي المخدرات