
لا تزال قضية اتفاقية خور عبد الله، تمثل واحدة من أبرز الملفات المثيرة للجدل في المشهد السياسي العراقي، خاصة وأنها جاءت في فترة حساسة تمر بها البلاد، بين الاستعداد الجاري للقمة العربية التي ستجري خلال أيام، وبين سباق التحالفات السياسية قبيل الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني نوفمبر المقبل.
فبعد دعوات تدويل ملف خور عبد الله وعرضه في القمة العربية المرتقبة في بغداد، أكد الخبير في الشأن السياسي نبيل العزاوي، اليوم السبت، أن قضية اتفاقية خور عبد الله أخذت بعدا انتخابيا، مشيرا إلى غياب الرؤى الموحدة بين الحكومة والبرلمان بشأن هذه القضية.
وصوّت مجلس الوزراء، في 9 نيسان الماضي، على تحديد يوم 11 من شهر تشرين الثاني من العام 2025 موعدا لإجراء الانتخابات التشريعية.
وقال العزاوي في حوار متلفز، إن “قضية اتفاقية خور عبد الله دخلت في مجال الجدلية السياسية التي أخذت بعدا انتخابيا في هذه المرحلة، لا سيما وأن أساسها يعود إلى عام 2013 وبعد أكثر من عشر سنوات أثيرت مرة أخرى”، مؤكدا أن “القرار في 8/8/1993 كان واضحا جدا بشأن ترسيم الحدود البحرية”.
وأضاف أن “ما يثير اللغط حاليا هو حول أحقية رئيسي الجمهورية والوزراء تقديم الطعن لدى المحكمة الاتحادية بشأن اتفاقية خور عبد الله”، مؤكدا أنه “من الناحية القانونية فإنه مجرد أن قبلت المحكمة النظر في القضية فإن ذلك من اختصاصها وإلا لكانت ردته من أول مرة”.
وتابع “نحن اليوم في أزمة لأنه لا يوجد رأي واحد في العراق”، مبينا أن “البرلمان في اتجاه والحكومة اتجاه آخر”، معتقدا أن “فضية خور عبد الله برلمانية وليس حكومية، بمعنى أن البرلمان هو المسؤول عن صحة الجلسة التي إقرت بها الاتفاقية”.
وحول السيناريوهات المتوقعة القادمة، أجاب قائلا “أما أن تذهب المحكمة الاتحادية مع الحكومة ومع طعن رئيسي الجمهورية والوزراء، وتعيده للبرلمان وهنا الكارثة الكبرى”، متسائلا “هل سيذهب البرلمان بالثلثين ويطعن بالقرار؟”.
وكان رئيس كتلة حقوق النيابية، سعود الساعدي، أكد أمس الجمعة، أنه من غير المقبول أن يبقى ملف خور عبد الله صامتا، في ظل التعديات الكويتية المستمرة على الأراضي والمياه العراقية”، مطالبا الحكومة بـ”طرح الملف رسميا في القمة العربية المقبلة، والعمل على تدويله عبر الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي دفاعا عن السيادة العراقية”.
وأجلت المحكمة الاتحادية، في 30 نيسان الماضي، النظر في الطعن المقدم من رئيسي الوزراء والجمهورية بخصوص اتفاقية خور عبد الله، إلى وقت لاحق، دون تحديد موعد محدد.
وبدأت قصة اتفاقية خور عبد الله، في أيلول 2023، خيث أصدرت المحكمة الاتحادية قرارا يقضي بعدم دستورية قانون التصديق على اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله، التي تم توقيعها بين العراق والكويت عام 2012 وصادق عليها البرلمان العراقي في 2013.
واستندت المحكمة في حكمها إلى أن التصديق على الاتفاقية لم يحصل على أغلبية الثلثين من أعضاء مجلس النواب، كما تنص المادة 61 من الدستور العراقي.
إلا أن هذا القرار أثار استياء واسعا في الكويت، حيث اعتبرته الحكومة الكويتية “ادعاءات تاريخية باطلة”.
وسلمت الكويت مذكرة احتجاج رسمية للسفير العراقي لديها، معربة عن رفضها القاطع للحكم ومطالبة بغداد باتخاذ خطوات لمعالجة تداعياته.
ووصف وزير الخارجية الكويتي، الشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح، الحكم بأنه يحتوي على “مغالطات تاريخية”، مؤكدا أن بلاده تتوقع من الحكومة العراقية اتخاذ “إجراءات ملموسة وحاسمة وعاجلة” لمعالجة هذا الأمر.
فيما أكدت الحكومة العراقية التزامها بالاتفاقيات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مشددة على أهمية احترام وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين العراق والكويت وفق السياقات الدستورية والقانونية.
إلا أنه في 15 نيسان الماضي، قدم كل من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد طعنا بقرار المحكمة الاتحادية بشأن الاتفاقية، وجاء هذا الطعن في إطار سعي الحكومة العراقية للحفاظ على العلاقات الثنائية مع الكويت وتجنب أي توترات قد تنجم عن هذا القرار القضائي، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في العراق، وسط اتهامات لرئيس الوزراء محمد السوداني بالتدخل لعرقلة تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية القاضي بإلغاء اتفاقية خور عبد الله المبرمة مع الجانب الكويتي، وذلك استنادا إلى ما قالوا إنها وثيقة بحوزتهم.
في المقابل، أعلن نواب عزمهم تقديم شكوى رسمية ضد رئيس الوزراء إلى الادعاء العام، على خلفية ما وصفوه بمخالفة قانونية لقرار صادر عن أعلى سلطة قضائية في البلاد.
وكان القاضي والوزير السابق وائل عبد اللطيف، أكد في حينها أن “اتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت تشوبها مخالفات قانونية ودستورية جسيمة”، مشددا على أن “قرار المحكمة الاتحادية بشأن الاتفاقية سليم بنسبة 100% ولا يمكن الطعن فيه، باعتباره قرارا باتا وملزما للجميع”.
وكشف النائب علاء الحيدري، عن تقديم الكويت رشاوى لأطراف عراقية تصل إلى 600 مليار دولار لتمرير اتفاقية خور عبد الله، فيما حذر النائب المستقل هيثم الزركاني، رئيس الوزراء محمد السوداني من “يوم أسود” في حال التنازل عن خور عبد الله.
وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 833 لسنة 1993، فقد تم تقسيم خور عبد الله مناصفة بين العراق والكويت، فالحدود تبدأ من العلامة 107 إلى 110 وتمثل خط الساحل بين الجانبين، أي تكون المياه للعراق واليابسة للكويت، ومن النقطة 111 إلى 134 هو خور شيطانة، وتمثل خط التالوك لمجرى الينابيع العذبة، وبالتالي أصبح المجال البحري للعراق أكبر من مجال الجانب الكويتي، ومن النقطة 134 إلى 162 هو خور عبد الله، ويكون مناصفة بين العراق والكويت، أي الجزء الشمالي للعراق والجنوبي للكويت، فيما ترك القرار، ما بعد العلامة 162، ولم يرسمها، ورهن تحديدها بمفاوضات بين العراق والكويت.
يشار إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، زار الكويت مطلع 2023، وبحث خلال زيارته التي استمرت لساعات عدة، التعاون بين البلدين وسبل تطوير العلاقات، دون التطرق لملف الحدود "حسب البيانات الرسمية".
أقرأ ايضاً
- 20 ساعة بلا كهرباء.. تشاؤم أمريكي لصيف العراقيين
- 20 ساعة بلا كهرباء.. تشاؤم أمريكي لصيف العراقيين
- السوداني بين نيران الصراع.. رشاوى "خور عبد الله" و"ضغوط الشرع"