
فتحَ تخويل حكومي لوزيرة المالية، طيف سامي، بسحب مبالغ الأمانات الضريبية بهدف تسديد رواتب الموظفين، باب الجدل حول هشاشة الوضع الاقتصادي والسياسة المالية، في ظل اعتماد البلاد شبه الكلي على النفط، موردا أساسيا لتمويل الموازنة العامة.
وفي هذا الإطار، أكد النائب أحمد الشرماني، أن اعتماد حكومة محمد شياع السوداني على مبالغ الأمانات الضريبية لدفع رواتب الموظفين، مؤشر واضح على فشل السياسة المالية للحكومة، متوقعا أن يكون القادم أسوأ، وقد يدفع البلاد إلى الاقتراض مجددا من البنك الدولي.
وقال الشرماني في حوار متلفز، إن “استخدام الأمانات الضريبية لتغطية الإنفاق التشغيلي مؤشر خطير وواضح على فشل السياسة المالية للحكومة”، مبينا أن “العراق بلد صناعي وزراعي، ومنافذه تدر على خزينة الدولة مبالغ ضخمة جدا، لو كانت تحت سيطرة الحكومة المركزية”.
وتابع قائلا “أما المنافذ في شمال العراق فحدث ولا حرج، لأنها خارجة عن سيطرة الحكومة المركزية، والتهريب من خلالها قائم على قدم وساق، إضافة إلى ذلك أن موقع العراق الرابط بين أسيا وأوروبا يمكن أن يدر مبالغ ضخمة توازي ما يستحصله العراق من بيع النفط”.
وأكد أن “الحكومة أخطأت في قرارها الأخير، والخطأ سوف يتراكم مثل كرة الثلج”، مبينا أن “السحب من الأمانات الضريبية ليس نتاج اللحظة، إنما سلسلة أخطاء في السياسة المالية أوصلتنا الى هذه المرحلة، حيث أن القادم أسوأ لان الحلول دائما تكون آنية، وقد نلجأ في الأشهر المقبلة للاقتراض من صندوق البنك الدولي”.
وكان الخبير الاقتصادي، د. نبيل المرسومي، نشر الأربعاء الماضي، وثيقة عبر حسابه على منصة “فيسبوك”، كشفت عن قرار الحكومة الجديد، الذي جاء فيه “بناء على ما عرضته وزيرة المالية عرضاً طارئاً خلال اجتماع مجلس الوزراء، وما جاء في كتاب وزارة المالية المرقم (11س/ 373)، بتاريخ 14/ 4/ 2025. قرر مجلس الوزراء في جلسته الاعتيادية الـ15 المنعقدة في 15/ 4/ 2025، الموافقة على (تخويل وزيرة المالية صلاحية سحب مبلغ الأمانات الضريبية التي لم يمض عليها خمس سنوات، البالغ 3 ترليونات و45 مليار و7 ملايين و500 ألف و252 ديناراً، لتمويل وتسديد رواتب شهر نيسان والأشهر اللاحقة المودعة في حساب وزارة المالية لدى البنك المركزي العراقي (70019)، والتي ستودعه به لاحقاً بحسب الحاجة لإجمالي الدولة، على أن تجري التسوية النقدية شهرياً عند المطالبة بها عن طريق عكس مبلغ الأمانات من الإيرادات المستحصلة الفعلية شهرياً عند إجراء التحاسب الضريبي”.
وأثار هذا التخويل الجدل حول هشاشة الواقع الاقتصادي للبلاد، حيث ذكر النائب مصطفى سند، أن “هذه الأموال نفسها التي ارتبطت سابقا بقضية نور زهير”، في إشارة منه إلى الفضيحة المالية السابقة التي اشتهرت إعلاميا تحت اسم “سرقة القرن”.
فيما أكد عضو اللجنة المالية النيابية، معين الكاظمي، أن اللجنة المالية البرلمانية، وباقي اللجان النيابية، سوف تعمل على استضافة وزيرة المالية، والجهات المسؤولة في الحكومة، لمعرفة أسباب ودوافع سحب الحكومة العراقية أموال الأمانات الضريبية بهدف دفع الرواتب”.
وبحسب تأكيدات صادرة عن وزيرة المالية، خلال استضافاتها السابقة في مجلس النواب، أن الحكومة لا تعاني من أي نقص في السيولة، كما أن الوضع المالي مستقر ومطمئن.
وكان صندوق النقد الدولي، توقع في منتصف الشهر الماضي، انكماش الاقتصاد العراقي بواقع 1.5% هذا العام، على أن يعود للنمو في 2026 بمعدل 1.4%، على خلفية تراجع أسعار النفط وتوقعات بتباطؤ الطلب بسبب ركود الاقتصاد العالمي المحتمل الناتج عن الحرب التجارية.
ويقدّر صندوق النقد الدولي، أن العراق يحتاج إلى سعر نفط يبلغ 92 دولاراً للبرميل لتغطية الإنفاق الحكومي العام الجاري، فيما يجري تداول عقود خام برنت المستقبلية قرب مستوى 65 دولاراً.
يشار إلى أن إيرادات موازنة 2024، بلغت “144 تريليون و336 مليار دينار، في حين بلغت النفقات 210 تريليونات و936 مليار دينار، حيث بلغ العجز 63 تريليوناً و599 مليار دينار، إلا أنه لم يتم تنفيذها ولا صرف أموالها لغاية الآن، بالرغم من تحذيرات المختصين بفقدان الثقة في قدرة الحكومة على الإدارة المالية، ويتسبب بإرباك اقتصادي واستثماري وسياسي أيضا.
وتضمنت نسخة الموازنة المعدة لثلاث سنوات، العديد من المواد الخاصة بالاقتراض الخارجي، منها الاستمرار بالاقتراض وفقا لاتفاقيات سابقة، إلى جانب اقتراض جديد من مؤسسات دولية وحكومات مختلفة.
يشار إلى أن الموازنة الثلاثية، ونتيجة لقيمة الرواتب المرتفعة جدا، بسبب التعيينات الجديدة، أدت إلى تقليص الموازنة الاستثمارية بشكل كبير، ووفقاً لمختصون فأن هذا الأمر سيجبر الدولة على الاقتراض.
يذكر أن الاقتراض الخارجي الذي يلجأ إليه العراق، يذهب جزء كبير منه لصالح قطاع الكهرباء، وهو ما تضمنه الموازنات السابقة، وكان آخرها موازنة 2021، حيث تضمنت بنودا عديدة حول صيانة محطات الطاقة الكهربائية، منها قروض بضمانات مؤسسة الصادرات الدولية بقيمة 145 مليون دينار، و100 مليون دولار، فضلا عن تمويل صيانة محطة الدورة في بغداد بمبلغ 301 مليون دولار.
أقرأ ايضاً
- امتعاض في العراق.. تبرع ومساعدات خارجية رغم الفقر والأزمة المالية
- المالية النيابية تستبعد تعديل سعر برميل النفط
- أصوات الشحة المالية ترتفع.. هل هناك أزمة؟