- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
نشر الأحكام القضائية وانتهاك حرمة الحياة الخاصة

بقلم: القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون ويتمثل الحق في الحياة الخاصة في وجهين متلازمين هما حرمة الحياة الخاصة والتي تعني حرية الفرد في انتهاج الأسلوب الذي يرتضيه لحياته بعيدا عن تدخل الغير. وسرية الحياة الخاصة تعني حرية الفرد في إضفاء طابع السريةً على الأخبار والمعلومات التي تتولد عن حريته في اختيار حياته الخاصة ومثال ذلك المراسلات والصور الخاصة واخبار التحركات الخاصة بالمواطنين واخبار الزواج والطلاق والمرض.
وتتميز اسرار الحياة الخاصة عن الاسرار العامة سواء اكانت وظيفية أو مهنية، فأسرار الحياة الخاصة ملك للأفراد اما اسرار الحياة العامة فهي ملك للجمهور لان صاحبها يزاولها بحكم صلته بالحياة العامة ونص المشرع العراقي على جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة في المادة ٤٣٨ من قانون العقوبات العراقي رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ المعدل حيث نص على عقوبة الحبس مدة لاتزيد على سنة وبغرامة لاتزيد على مليون دينار كل من نشر بإحدى طرق العلانية اخبارا أو صورا أو تعليقات تتصل بأسرار الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد ولو كانت صحيحة إذا كان من شأن نشرها الإساءة اليهم ومن اطلع من غير الذين ذكروا في المادة ٣٢٨ على رسالة أو برقية او مكالمة تليفونية فأفشاها لغير من وجّهت اليه إذا كان من شأن ذلك إلحاق ضرر بأحد ووفقا لقانون حق المؤلف رقم (٣) لسنة ١٩٧١ المعدل في المادة (٦) فان الأحكام القضائية تتمتع بالحماية القانونية حيث نصت الفقرة (٣) منه على الحماية القانونية لمجموعة الوثائق الرسمية كنصوص القوانين والأنظمة والاتفاقيات الدولية والأحكام القضائية وسائر الوثائق الرسمية.
وان الغاية من منع نشر الأحكام القضائية إلا بموافقة مسبقة من القضاء فهي حماية خصوصيةً أطراف الدعوى لقد اهتمّ المشرع العراقي بفرض العناية للحق في الخصوصية حيث نصت المادة (١٠) من الدستور العراقي بان لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية كما نصت المادة (١٧) من الدستور العراقي بان لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية بما لا يتنافى مع حقوق الآخرين والاداب العامة فالحق في الحياة الشخصية حق دستوري وقد عمل المشرع العراقي على حماية خصوصية المتقاضين في جميع مراحل الدعوى انتهاء بصدور الحكم القضائي خصوصا ان المبدأ الدستوري ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته وان المشرع العراقي قد نص على جريمة المساس بسير القضاء وعدم جواز نشر الأخبار المتعلقة بمحاكمات قرر القانون سريتها أو نشر تحقيقات في دعاوى النسب أو الزوجية أو الطلاق أو الهجر أو نشر أسماء او صور المجنى عليهم وأسماء أو صور المتهمين الأحداث ونشر ماجرى في الجلسات العلنية للمحاكم بغير أمانة وسوء قصد.
كما أن المشرع العراقي قد نص في قانون المطبوعات على عدم جواز نشر كل ما من شأنه التأثير على القضاة بصدد الدعاوى التي ينظرون فيها وراي العضو المخالف في محكمة مؤلفة من هيئة ومأمن شأنه التأثير على الادعاء العام أو المحامين أو المحققين أو الشهود أو الرأي العام في قضية معروضة أمام القضاء لذلك فان نشر الأحكام القضائية ينبغي ان يخضع إلى ضوابط خصوصا لتعلق تلك الأحكام القضائية بأمور شخصية سيما إذا تم نشرها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الإلكترونية أو غيرها وما تتضمنه من أسماء الخصوم ووقائع تتعلق بحياتهم الخاصة لذلك فإن نشر قرارات محكمة التمييز الاتحادية والمحاكم الأخرى بدون موافقة القضاء وما يتبعها من إهانة واعتداء بعبارات غير لائقة خلافا للقانون يشكل جريمة وفق لأحكام قانون العقوبات العراقي رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ المعدل.
أقرأ ايضاً
- المساعدة القضائية والمساعدة القانونية
- مائز العدل والحق في تنظيم ميزان الحياة
- متقاعدون يبحثون عن عمل: رواتبنا لا تكفي والحياة مكلفة