
يبدو أن الكتل السياسية قد بدأت حربها لتقسيم الحقائب الوزارية، قبل أن تخوض الانتخابات التشريعية المقررة في 11 تشرين الثاني المقبل، مما سيعقد المشهد السياسي بشكل أكثر.
وفي هذا الإطار، أكدت عضو تحالف الفتح، مديحة الموسوي، أن ضعف التمثيل الدبلوماسي لوزارة الخارجية يجب أن يعالج ضمن أولويات المرحلة المقبلة، مرحجة أن تسند الوزارة لغير الأكراد.
وقالت الموسوي في تصريح تابعته وكالة نون الخبرية، إن “هناك ضعفا واضحا في أداء وزارة الخارجية العراقية، خصوصا على مستوى التمثيل الدبلوماسي في الخارج”، مؤكدة أن “هذا القصور يجب أن يُعالج ضمن أولويات المرحلة المقبلة”.
ورجحت الموسوي، أن “تُسند حقيبة وزارة الخارجية في الحكومة المقبلة إلى جهة غير كردية”، مشيرة إلى أن “تشكيل الحكومات العراقية لا يشترط احتكار الوزارات من قبل مكون معين، بل يعتمد على التوافق بين جميع المكونات”.
وأشارت إلى أن “هناك أخطاء واضحة داخل الوزارات الحالية، سيتم العمل على تصحيحها في المرحلة المقبلة”، مضيفة أن “العراق بدأ يستعيد عافيته تدريجيا، ويتجه نحو استقرار سياسي وإداري يعيده إلى مساره الطبيعي”.
يشار إلى أن وزير الخارجية، فؤاد حسين، دائما ما يتم طرح اسمه على طاولة الاستجواب في البرلمان، والسبب التهمة الموجهة إليه بفشل الوزارة وضعف تمثيلها للعراق، وتحديدا فيما يتعلق بملف المياه، والتوغل التركي في الداخل العراقي، واتفاقية خور عبد الله، فضلا عن عدم علم الوزير بما يدور في ممثليات العراق في الخارج، إلا أن تعطيل البرلمان وانتهاء الفصل التشريعي حال دون ذلك، بسبب ضغوطات سياسية داخلية وخارجية، بحسب مراقبين.
ويعد التوافق السياسي، إحدى الركائز غير المكتوبة في النظام السياسي العراقي بعد عام 2003، حيث تقوم أغلب التفاهمات المتعلقة بتشكيل الحكومة وتوزيع المناصب السيادية، على مبدأ المحاصصة والتوازن بين المكونات، وعلى الرغم من اعتماد الانتخابات كآلية دستورية لاختيار أعضاء البرلمان، إلا أن النتائج النهائية غالبا ما تكون رهن التحالفات والاتفاقات، التي تفضي إلى تشكيل السلطة التنفيذية، بعيدا عن حجم المقاعد البرلمانية لكل طرف.
وشهدت الدورات النيابية المتعاقبة منذ 2005، اعتمادا واضحا على التفاهمات السياسية لتسمية رؤساء الحكومات، بدءا من إبراهيم الجعفري، مرورا بنوري المالكي، ثم حيدر العبادي، وعادل عبد المهدي، وصولا إلى مصطفى الكاظمي، وأخيرا محمد شياع السوداني.
ولم تشكل أي حكومة بناء على نتائج انتخابية حاسمة، بل ظلت خاضعة لمعادلات التوافق، التي غالبا ما تعكس ميزان القوى داخل الإطار السياسي، لا داخل البرلمان فحسب، وهو ما ساهم في ترسيخ فكرة أن “الكتلة الأكبر” تحدد بعد الانتخابات لا قبلها.
يشار إلى أن العملية الانتخابية في العراق تجري وفق القانون الانتخابي النافذ، وهو قانون (انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018 المعدل)، والنظام الانتخابي المعتمد بموجب القانون المذكور ويتم بنظام التمثيل النسبي، بحسب مختصين.
وتعد الانتخابات العراقية القادمة من أكثر الدورات تعقيدا منذ سنوات، بحسب العديد من المراقبين، حيث بات العراقيون يواجهون العديد من المشكلات في اختيار ممثليهم، في ظل ارتفاع أعدادهم، ووجود المال السياسي الذي يعيق وصول المستقلين للسلطة.
ويمر العراق بتحديات كثيرة تحيط به، بدءا من الصراع الأمريكي الإيراني وانعكاساته على الداخل العراقي، وصولا إلى الخلافات السياسية حول الانتخابات المقرر إجراؤها في 11 تشرين الثاني المقبل والانقسام حول تعديل قانونها، فضلا عن تحديات أخرى اقتصادية وخدمية.
وصوّت مجلس الوزراء، في 9 نيسان الماضي، على تحديد يوم 11 من شهر تشرين الثاني من العام 2025 موعدا لإجراء الانتخابات التشريعية.
يذكر أن معادلة “التوافق” تسببت في الانتخابات المبكرة التي جرت في 2021، بانسحاب التيار الصدري من البرلمان وعدم مشاركته بتشكيل الحكومة، حيث أصر على تشكيل الحكومة وفق مبدأ “الأغلبية”، أي بالاعتماد على عدد مقاعد كل كلتة، لا سيما وأنه كان صاحب العدد الأكبر بـ72 مقعدا نيابيا.
وبعد انسحاب الصدر، تشكلت الحكومة الحالية، عبر التوافق، من خلال تشكيل ائتلاف إدارة الدولة، الذي ضم جميع الكتل السياسية، وجرى الاتفاق على السوداني ومنح الثقة في البرلمان.
ويرى مراقبون أن إعلان الصدر عدم خوض الانتخابات المقبلة من شأنه أن يُحدث فراغا سياسيا داخل البيت الشيعي، ويفتح الباب أمام قوى أخرى لإعادة رسم خارطة التوازنات، في وقت يمر فيه العراق بتحديات داخلية معقدة تتطلب حضورا سياسيا قويا ومؤثرا.
أقرأ ايضاً
- الرئيس العراقي يستقبل السفير الايراني في بغداد
- نتنياهو: "إسرائيل" تعمل لإيجاد بلدان تستقبل سكان قطاع غزة
- نحمل الحكومة كامل المسؤولية.. الشهداء النيابية: رفع الصور من الطرق العامة قبل القمة إهانة لرموز الوطن