
يبدو أن الدعوات التي يتلقاها زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر، للعودة إلى العملية السياسية والمشاركة في الانتخابات لن تجدي نفعا، فبعد رفض أكثر من دعوة، يرى مراقبون أن الصدر حسم قراره بعدم المشاركة لأسباب عللها بالفساد، وأخرى لم يعلنها تتعلق بالعوامل الإقليمية والتحولات الداخلية، لافتين إلى أن هذه الدعوات تأتي كمحاولة من القوى السياسية لتعزيز شرعية الانتخابات أو لتحميل الصدر مسؤولية أي إخفاقات مستقبلية.
ووجّه رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، يوم الجمعة، رسالة إلى الصدر، دعاه فيها إلى مشاركته في الانتخابات المقبلة والعدول عن قرار المقاطعة.
ويقول المحلل السياسي مجاشع التميمي، إن “رفض الصدر دعوة رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد للمشاركة في الانتخابات يعكس تمسكه بموقفه المعلن بعدم المشاركة في العملية السياسية الحالية، معللا ذلك برفضه الاشتراك مع الفاسدين، وشروط أخرى تتعلق بقضايا حصر السلاح بيد الدولة وتقوية الدولة وترك المشروع السياسي المتمثل بالتوافقية”.
ويضيف التميمي، أن “الدعوات المتكررة من شخصيات سياسية بارزة مثل نوري المالكي، وعمار الحكيم، لعودة الصدر إلى الساحة السياسية قد تعكس رغبة حقيقية في تعزيز شرعية الانتخابات وضمان مشاركة التيار الصدري الذي يمثل قاعدة جماهيرية واسعة، ومع ذلك، لا يمكن استبعاد احتمال أن تكون هذه الدعوات محاولة لتحميل الصدر مسؤولية أي إخفاقات مستقبلية أو لإشراكه في تحالفات قد لا تتوافق مع رؤيته الإصلاحية”.
وكان الصدر، رد يوم الجمعة، على دعوة رئيس الجمهورية بشأن المشاركة في الانتخابات المقبلة، مؤكدا أن عدم المشاركة في الانتخابات لا تعني المطالبة بتأجيلها أو إلغاء موعدها.
وقال الصدر، في معرض رده “إنني حزين أن يشارك الشعب العظيم في انتخاب الفاسدين وسراق المال الذين لم يسترجعوا إلى يومنا هذا بما فيها صفقة القرن التي وزعت على محبي الصفقات”، وفيما تعهد بأنه “سيبقى جنديا أمام كل ما يعصف من تحديات ومصائب”، يؤكد في الوقت نفسه أنه “سيدافع عن العراق أمام أي تحديات مستقبلية كي يعيش البلاد بلا فساد ولا تبعية ولا طائفية مقيتة”، على حد قوله.
وعن أسباب عدم المشاركة “الصدرية”، لا يستبعد التميمي أيضا أن “يكون قرار الصدر مرتبطا بعوامل إقليمية، كالصراع الأمريكي الإيراني، أو تحولات داخلية في العراق، فتصريحاته حول هيمنة الخارج وقوى الدولة العميقة تشير إلى رفضه للتدخلات الخارجية”، لافتا إلى أن “هذا الموقف قد يكون خطوة استراتيجية لمراقبة المشهد السياسي من الخارج، مع إمكانية العودة في حال تهيأت ظروف ملائمة”.
وفي الشهر الماضي، أعلن الصدر، عدم مشاركته في الانتخابات المقبلة، معللا ذلك بوجود “الفساد والفاسدين”، فيما بين أن العراق “يعيش أنفاسه الأخيرة”.
وقرر الصدر، في حزيران 2022 الانسحاب من العملية السياسية في العراق، وعدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة حتى لا يشترك مع الساسة “الفاسدين”، بعد دعوته لاستقالة جميع نوابه في البرلمان والبالغ عددهم 73 نائبا.
من جهته، يرى المحلل السياسي غالب الدعمي، أن “الدعوات التي يبادر بها السياسيون من أجل مشاركة الصدر لن تجدي نفعا، لا من بعيد ولا من قريب، لأن قراره واضح وصريح بعدم المشاركة في الانتخابات”.
ويضيف الدعمي: “كانت هناك بعض الأحاديث عن أن مشاركة الصدر كانت مرهونة بدعوته والتماسه من قبل بعض الشخصيات، لذلك تصاعدت هذه الدعوات في الفترة الأخيرة برسائل ومناشدات، لكن الصدر أجاب قاطعا كل هذه الأحاديث”.
وتنبع رغبة القوى السياسية وبعض الأطراف في الإطار التنسيقي بمشاركة الصدر في الانتخابات، بحسب الدعمي، من “الخشية من احتمالية ذهاب أصواته إلى قوى مناهضة أخرى”، لافتا إلى أن “الصدر أمر جمهوره بتحديث بطاقاتهم الانتخابية وهذا يعني أن التيار قد يعطي صوته لآخرين مناهضين للإطار التنسيقي، لكن الجزء الأكبر من الإطار يعدون عدم مشاركة التيار عيدا لهم لأنهم سيحظون بمقاعده النيابية”.
ويوم السبت، أكد زعيم تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم، أهمية مشاركة جميع القوى السياسية في الانتخابات المقبلة، معربا عن أمنيته بمشاركة التيار الصدري فيها، واصفا إياها بـ”المفصلية” التي ستعزز الاستقرار في البلاد.
وفي وقت سابق، وصف رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، مشاركة التيار الصدري في العملية السياسية بـ”الضرورة”، داعيا الصدر إلى المشاركة.
كما أفادت وسائل إعلام نقلا عن “مصادر سياسية”، بأن أغلب الكتل السياسية وبمختلف عناوينها ومكوناتها بعثت ممثلين عنها للنجف في محاولة لجس موقف زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر، من المشاركة بالانتخابات البرلمانية المقبلة من عدمها.
إلى ذلك، يعلل الباحث في الشأن السياسي ماهر جودة، دعوة رئيس الجمهورية للصدر، بأن “تيار الأخير الأوسع في الشارع العراقي ويكسب المعركة الانتخابية من الجولة الأولى، إضافة إلى أن عزوف الشعب عن المشاركة ألقى بظلاله على العملية السياسية، فعدم مشاركة الشعب العراقي وبينهم التيار الصدري تمثل رسائل سلبية عن العراق إلى العالم”.
ويضيف جودة، أن “رئيس الجمهورية أراد أن يفعل النظام السياسي لأن مشاركة الصدريين تصنع حراكا سياسيا وانتخابيا ومعارضة في البرلمان، ولكن الصدر قطع هذا الطريق نهائيا برده على رئيس الجمهورية بعدم المشاركة”.
ويخلص إلى أن “الصدر رأى أن المشاركة مع هذه الأحزاب التي لا تحظى باحترام الشعب ولا تتمتع بمقبولية سيجعل البرلمان ضعيفا كما هو حال البرلمان الحالي الذي بدا عاطلا ومعطلا وبلا حضور سواء برئاسة أصيلة أو مؤقتة”.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- في العراق.. عمال النظافة يعتمدون على دعم الناس للاستمرار
- ممثل السيد السيستاني يطلع على اخر الإنجازات داخل مطار كربلاء الدولي (فيديو)
- 16 عاما على انطلاقتها : قناة كربلاء الفضائية صوت الامام الحسين الى العالم (فيديو)