
لم تحضى وحدة ادارية بالاهمال الحكومي في العراق مثلما حظيت ناحية "ابي غرق" حيث ما زالت تلك الناحية التي يرجح وصول عدد نفوسها الى (140) الف نسمة تفتقد لمستشفى يقدم خدماته للاهالي ويحافظ على حياته في زمن كثرة فيه الامراض والاعراض والاوبئة والفايروسات، ورغم وجود قطعة ارض مخصصة لبناء المستشفى ضمن التخطيط العمراني منذ حكم الطاغية المقبور، الى ان الحكومات بمختلف مسمياتها لم تحرك ساكنا، بل ان ايدي خفية حولت تلك الارض ذات الموقع المميز الى مشروع استثماري لبناء مستشفى اهلي!!، ليجبر الناس ذوي الدخل المحدود على دفع مئات الالاف او الملايين ليتعالجوا بدل ان يكون علاجهم في مستشفى حكومي.
عشرات الاحياء
واناب المواطن "خضير عباس يوسف الشمري" بالحديث عن اهالي الناحية مؤكدا لوكالة نون الخبرية ان" عدد نفوس ناحية "أبي غرق" في محافظة بابل قبل اجراء التعداد السكاني العام الاخير تتراوح بين (120 ــ 140) الف نسمة، وتمتد من سيطرة "أم الهوى" نزولا الى منطقة "محيزم"، حيث يضم مركز الناحية احياء الاحرار، والزراعة، والسلام، والجواد الاول، والجواد الثاني، والشرطة، والبتول، والسجاد، والحسين، مع تفرعاتها الزراعية، ويضاف لها المجمعات السكنية الكوثر، وارض بابل، وارض الصفوة، ومجمع الشقق واطئة الكلفة، والحمام الاولى، و الحمام الثانية، ومناطق الاطراف مثل ابو غرق الاوسط، واليوسفية، والعوامر الاولى، والعوامر الثانية، وزغيب، وزغيب العرب، والرغيلة، والمسافر، والقرى الاخرى، ويمكن القول ان في الناحية اكثر من (40) حي سكني ومن اولى معاناتهم هو عدم وجود مستشفى يقدم لهم الخدمة ويحمي حياتهم، مع العلم ان قطعة الارض المخصصة لتشييد مستشفى في الناحية موجودة على الشارع العام على طريق "يا حسين" الرابط بين محافظتي بابل وكربلاء المقدسة منذ زمن نظام الطاغية المقبور في خرائط الناحية والتخطيط العمراني ومصادق عليها.
ارض متروكة
ويصف الشمري ابعاد الارض بقوله ان" مساحة تلك الارض المخصصة لبناء المستشفى تصل الى اكثر من (10) دونم اي ما يعادل (25) الف متر مربع، لكن جهود ادارة الحي الرسمية والحكومة المحلية في محافظة بابل كان ضعيفا جدا، وهذا الكلام ليس رجما بالغيب انما بعد جهود قمنا بها لنوصلها الى نواب المحافظة في البرلمان ومحافظ بابل والقائم مقام، ومنذ العهد المباد الى التغيير بعد العام (2003) لم يتحرك احد على اقرار هذا المشروع ضمن مشاريع المحافظة واستحصال الموافقات الرسمية لادراجه في خطط تنمية الاقاليم او المشاريع الوزارية ومنح التخيصيصات اللازمة لانجازه، والغريب انه منذ مدة احيلت تلك القعطة من الارض المخصصة لبناء مستشفى حكومي الى الاستثمار لبناء "مستشفى اهلي"!!، وقدمنا شكوى الى هيئة النزاهة في بابل، لكن الملفت للنظر والمضحك والمبكي في نفس الوقت ان المتسبب في عدم تفعيل المشروع واحالته للتنفيذ كان احد السياسيين المتنفذين من اهالي بابل الذي ادين بالاختلاس وحكم عليه بالسجن، وفوجئنا ان بلدية "ابي غرق" لا تطلب الشكوى بالرغم من وجود ضرر حرمان الناحية من بناء مستشفى وتدعى انه الرأي القانوني، وهو امر لو حصل لألغيت الفرصة الاستثمارية لتلك القطعة من الارض".
الدخل المحدود
الغالبية العظمى من اهالي الناحية من الفقراء وذوي الدخل المحدود، هكذا يصف الشمري حال الناس في "أبي غرق" ويضيف بالقول" ان تحويل الارض الى بناء مستشفى اهلي بمشروع استثماري يعني ان خدماته ستكون باسعار عالية جدا، كما هو الحال في جميع المستشفيات الاهلية بالعراق، وهذا امر سيلحق الضرر باهالي الناحية الذين هم من طبقة متوسطة وتحت خط الفقر واكاد اجزم ان الميسورين لا يشكلون اكثر من (10) بالمئة من مجموع السكان، والباقين الذين يشكلون (90) بالمئة بحاجة الى مستشفى حكومي يقدم خدماته باسعار تكاد تذكر ولا طاقة لهم لدفع مئات الالوف او ملايين الدنانير، وهو كلام نقل حرفيا الى المسؤولين ولكن لم نجد اي تحرك منهم"، مشيرا الى ان" هناك قضية مهمة تتعلق في ايام الزيارة الاربعينية والتي تمر من خلالها الحشود المليونية من الناحية الى كربلاء المقدسة وتغلق فيها جميع الطرق الرئيسة والفرعية، وعند حصول اي طارئ او حالة مرضية خطرة يكون من الصعب جدا نقلها الى مركز الحلة لان الزخم البشري يمنع ذلك وقد يتوفى المريض، بل حصلت حالات عدة نقل فيها حالات طارئة الى المستشفى التركي او الجمهوري وهما المستشفيان الوحيدان في المحافظة وتوفى عدد منهم في الطريق، وموقع قطعة الارض المخصصة لبناء المستشفى مهم جدا ومتميز ويمكن ان يقدم خدماته لاهالي الناحية والمحافظة والزائرين في الزيارات المليونية كونه يقع على الشارع العام، بل حتى في الايام الاعتيادية فان حصلت حوادث يتطلب نقلها الى مستشفيات تبعد اكثر من (7) كيلومترات ومع ذروة الزخم المروري داخل مركز الحالة قد تتطلب عملية نقلها الى وقت يمكن ان يستمر الىساعة"، منوها الى ان" محافظة بابل فيها الكثير من المستشفيات الاهلية الاستثمارية ولا تحتاج الى مستشفى جديد، ونظمنا الكثير من التظاهرات للمطالبة بانشاء مستشفى حكومي ومنها التقينا بمحافظ بابل الاسبق "حسن منديل"، لاستغلال فقرة في العقد تشير الى سحب العمل من الشركة المنفذة المتلكئة والارض لم تبنى فيها طابوقة واحدة لغرض الغاء عقد الاستثمار واعادة المشروع للمستشفى الحكومي، ولم نجد تحرك جدي بهذا المشروع"، مؤكدا ان "اعداد المواطنين تضاعفت خلال العقدين الماضيين من الزمن، وما موجود في الناحية هو مركز صحي صغير لا يقدم الا خدمات محدودة جدا قياسا بالحاجة الفعلية للناس، كما جمعنا تواقيع اكثر من (3000) مواطن من الناحية من مختلف الشرائح سلمتها بيدي الى اكثر من نائب برلماني من بابل، وتحجج البعض بأن المساحة لا تكفي لبناء مستشفى وحصلنا على كتاب رسمي يؤكد امكانية بناء مستشفى على مساحة (5) دونم، بينما تكفي مساحة (10) لبناء مستشفى سعة (100) سرير، والتقينا بمدير دائرة الصحة الاسبق الدكتور "ميثم الاعرجي"، ومدير التخطيط حينها وايدوا ما نطلبه وصارت مخاطبات رسمية في حينها، ونسمع في الآونة الاخيرة كثير من الاخبار عن تخصيص ارض لبناء مستشفى ولكن الامل والحلم لا يتحقق الا بالحصول على سند ارض وفيه تغيير جنسها الى بناء مستشفى وتتم المباشرة بتشييده".
قاسم الحلفي ــ بابل
أقرأ ايضاً
- عبر مصحات نفسية بمعايير نموذجية.. الداخلية تعيد تأهيل مئات الشباب وتنقذهم من تعاطي المخدرات
- العراق يعتزم إجراء تعداد زراعي لأول مرة منذ 70 عاماً.. خطوة نحو الأمن الغذائي أم "استهلاك إعلامي"؟
- بعد تعافيه من الادمان.. احد ضحايا المخدرات: كنت ارى أبي وأمي من ألد اعدائي