
هو شاب كاسب يعمل بجد مثل الاف الشباب العراقيين كان خبازا في فرن للصمون ويعيش مع امه وابيه ويكسب المال الحلال ويساعدهم في المعيشة ويجمع بعض من المال للزواج، تحرك عليه احد المتعاطين وسحبه الى درب "الكريستال" فاصبح مدمنا وترك عمله والحق الاذى باهله، حتى بات يرى امه وابيه اعدى اعدائه، فقام والده بالابلاغ عنه وانقاذه ليدخل مصحة نفسية وفرتها وزارة الداخلية ويعود الى رشده وعقله واهله وعشيرته.
زلة القدم
ويقول المتعافي من الادمان " م، ع، ك" البالغ من العمر (26) عاما ويسكن في احدى المحافظات الوسطى لوكالة نون الخبرية انه" في العام (2024) كنت أعمل خبازا في فرن للصمون وأسكن في بيت مؤجر مع والدي ووالدتي فقط بعد زواج اخواتي، وصلت الى الصف الخامس الابتدائي وتركت الدراسة، ومنذ بلوغي الحادية عشرة من العمر التحقت بالعمل في فرن الصمون يملكه ابن عمي، وكنت أعمل من الساعة الثانية بعد منتصف الليل الى منتصف النهار، وهذا ما جعلني لقمة سائغة للانجرار في تعاطي المخدرات لان عملي يتطلب السهر والتعب، ويعمل معي (8) عمال آخرين، وكان يتردد علينا مشغل مولدة كهرباء اهلية، ويتسامر معنا، لكنه كان يتعاطى المخدرات في حمام الفرن بالخفية كون المولدة لا يوجد بها حمام، وكنا نشك بفعله، واستمر بالتردد علينا وتوثيق علاقته بنا، وكان يتباهى امامنا انه يستمر بالسهر لايام عدة ولا يشعر بالتعب في عمله بالمولدة، بينما نحن نعاني من السهر والتعب، ويقارن لنا بين حجم الراحة التي يتمتع بها والتعب الذي يعترينا، واخبرنا انه يشرب "أركيلة الكترونية" تعطيه القوة والمطاولة على السهر، وبعد ان لاحظت انه يسهر يوميا معنا الى الفجر ولا يشعر بالتعب ونشاطه واضح جدا، سألته عن سبب هذه الميزة لديه اخبرني انها بسبب "الاركيلة" وسيعلمني بها في وقت آخر، وفي احد الايام اوقفت العمل في الخامسة فجرا لتناول طعام الافطار، واخذت له افطار وذهبت الى المولدة، فوجدت شخص يجلس معه فاخرج انبوبة ودعاني لتناول المادة التي تعطيه القوة، وبالفعل تناولتها وشعرت بقوة غريبة في جسدي ولم اتناول الطعام لعدم وجود شهية لدى ولم اشعر بالنعاس او الحاجة للنوم كما هي عادتي يوميا، وبعد ان تعاطيتها مجانا دون مقابل اخبرني انها مادة "الكريستال" المخدرة، وعدت الى العمل وانجزته بقوة غريبة ووقت اقل، واستمريت بالعمل الى الثانية عشرة ظهرا ولم ارغب بالنوم نهائيا، ومنها زلت قدمي في طريق ادمان المخدرات".
الغرام بـ (250) ألف
واستمر بلا نوم ليومين كاملين يعمل بنفس القوة ولا يشعر بالتعب ويضيف" في اليوم الثاني بدأ التعب يدب في جسدي واني بحاجة الى نوم عميق وانا مكلف بالعمل ليلا في الفرن لاعداد عجين الصمون الى الصباح وصاحب الفرن يعتمد علي بذلك اي ان رزق الفرن وارزاق العمال تعتمد على عملي ولكني شعرت بالتعب والنحول والنعاس ولم استطع العمل وكنت بحاجة كبيرة لتعاطي "الكريستال"، وبدأت اغوص في وحل الادمان فذهبت الى مشغل المولدة وطلبت منه تزويدي بـ"الكريستال" وزودني به مجانا ايضا، ثم بعد مدة جاء الي وطلب مني مبلغ (250) الف دينار عراقي لشراء مادة "الكريستال" المخدرة، وعرض علي شراء دراجته النارية وبالفعل اشتريتها منه واخذ المبلغ واشترى به المخدرات حيث كان سعر الغرام الواحد من "الكريستال" يباع بمبلغ (50) الف دينار عراقي، واصبحنا انا وهو وصديقه نتعاطى المخدرات سوية في الفرن عندي ويزودني بها مجانا، واصبح تزويده لي بالمخدرات متقطعا بين يوم واخر او بين مدة واخرى بحجة انها لا تكفيه، فطلبت منه ان يبيع لي منهن فأرسلني الى شخص مروج يوزع المخدرات، فذهبت اليه واشتريت منه خمس غرامات بمبلغ (250) الف دينار بعد ان اتصل به واخبره عني، وهذه الغرامات الخمسة تكفي المتعاطي تقريبا شهر كامل، لان الكمية التي يتناولها المتعاطي في مثل حالتي للعمل الليلي قليلة جدا".
وحل الادمان
بعد هذه المرحلة اصبحت مدمنا على المخدرات ولا استطيع تركها هكذا يصف حالته ويكمل الحديث بالقول" اصبحت معتاد على تعاطيها ولا استطيع العمل نهائيا بدونها، واذا لم اتعاطيها استمر بالنوم لساعات طوال، واصبحت اتعاطى المخدرات في البيت، وفي احد المرات لم احصل على المخدرات وتطلب حضوري للعمل لعدم وجود اسطة خباز وذهبت بدراجتي النارية وافتعلت حادث مروري وقلبت الدراجة بي كسرت فيه يدي حتى يكون لي عذر بالانقطاع عن العمل في الفرن، وسألني والدي عن الحادث فأخبرته انه حادث مروري ولكنه كان يشك في تصرفاتي وحالتي وتولدت عنده قناعة اني اتعاطى المخدرات، فتحدث معي بلطف وطلب مني اني يأخذني الى المصحات النفسية او المستشفيات لعلاجي من الادمان، فرفضت ذلك بشدة وعناد وأنكرت اي صلة لي بتعاطي المخدرات".
أبي وأمي اعدائي
وانقطعت عن العمل واصبحت تصرفاتي صعبة وعصبية واكسر كثير من الحاجات في البيت، وأتأخر بالعودة ليلا او فجرا، وكثرت المشاكل بيني وبين اهلي، ولا اعطيهم اي مبلغ لمصروفات البيت، لان والدي كاسب ووالدتي ربة بيت، واصبحت اشعر اني أبي وأمي هم الد اعدائي اذا تحدثوا معي او نصحوني، ودخلت يوما الى البيت فوجدت أبي يبكي وناداني وطلب مني شيئا واحد، وهو ان اترك طريق المخدرات ولا الحق به العار والسمعة غير الجيدة لان افعالي اتعبته واثقلت كاهله، وانه لا يريد مني اي شيء، ولم انقطع عن التعاطي واصبحت اتعاطى بشكل خفي حتى لا يشعر بي، وحاولت ان اغير من سلوكي وتقربت من ابي وامي ونفذت النقود التي جمعتها من عملي وبعت دراجتي النارية وجميع الحاجات التي اقتنيتها سابقا وافلست فعدت الى العمل في الفرن، وكنت انام لمدة (3) ايام مستمرة من التعب والنحول في جسدي، وابقى يقضا لمدة اسبوع وكأن عقلي توقف عن التفكير بالحياة والمحيط الذي اعيش فيه، وكنت اتصرف بشكل غير اخلاقي في الشارع دون احساس كأن اخرج بملابسي الداخلية، وفي احد الايام جئت الى البيت مستعجلا لان عندي عمل في الفرن واردت التعاطي فأخذت قليل منها على قدر عملي ليلا وبقي الكيس في البيت، وكان والدي قد حذرني انه اذا وجد مخدرات في البيت فسوف يبلغ عني الجهات الامنية، وعدت لأتعاطى مرة اخرى ولم اجد المخدرات، فسألت والدي ان كيسا فيه نقود غير موجود في غرفتي لاني اشتريتها بمبلغ كبير ولا املك النقود للشراء مرة اخرى واحتاجها بالتعاطي، فنكر معرفته به وحصلت مشكلة كبيرة وكنت اصرخ عليهم واتهمت اهلي بسرقة نقودي".
والد ينقذ ولده
بعد تفاقم الامور وانجراف الابن في طريق الادمان الخطير صار لزاما على الوالد انقاذ ابنه من طريق الضياع والهلاك ويؤكد (المتعافي) من الادمان ذلك بقوله" ذهب والدي الى مديرية مكافحة المخدرات في محافظتي وابلغ اني متعاطي ومؤذي واحتاج الى مصحة نفسية لاعادة تأهيلي، وبعد اسبوع القي القبض علي في البيت، ودخلت الى المصحة النفسية في شهر آب من العام الماضي (2024)، وبدأت رحلة العلاج الحقيقية والعودة الى الانسانية والحياة واصبحت شابا سويا من خلال برنامج المصحة النفسية الذي يعطينا منذ الساعة السابعة صباحا الى العاشرة ليلا برنامج حافل بالنشاطات يبدأ بالتدريب الرياضي، والفطور الصباحي، ثم المحاضرة الدينية، والمحاضرة التنموية والثقة بالنفس، والاكتئاب، والحالة النفسية، وتعلمت القراءة والكتابة في دروس محو الامية واصبحت اقرأ القرآن هنا، واقيم الصلاة، والصيام، والعبادة، والآن اشعر كم الحقت الأذى بأبي وأمي وعشيرتي، وهنا في المصحة يعمل الجميع من الضباط والمنتسبين كأخوة لنا، وقد عاهدت الله والائمة الاطهار وابي وامي ان اعود شابا صالحا اعمل بشرف واسعى للزواج وتكوين اسرة".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- في مصحة وفرتها وزارة الداخلية.. متعافي من المخدرات: صديق السوء ورطني بالإدمان وكدت اخسر اهلي وحياتي
- للاطفال رعاية وعناية خاصة.. "دنيا" شابة جاءت من "ابو غريب" للعلاج في مستشفى الثقلين بالبصرة
- انتظر اهلها (20) عاما ليرزقوا بها.. مستشفى الثقلين للأروام في البصرة ينقذ حياة الطفلة المريضة "آمنة"