- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العراق بعد مؤتمر القمة… من التحديات إلى الريادة الإقليمية

بقلم: حسين النعمة
في مشهد عكس عودة العراق إلى واجهة العمل العربي والدولي، اختتم مؤتمر القمة المنعقد في بغداد بنجاح، مجسداً انتقال البلاد من مربع الأزمات إلى ساحات الفعل الدبلوماسي والتأثير الإقليمي. لقد كانت هذه القمة، التي احتضنتها العاصمة العراقية بحضور قادة وزعماء من مختلف الدول العربية، بمثابة اختبار حقيقي لقدرة العراق على النهوض بمسؤولياته السياسية والاقتصادية، وهو اختبار نجح فيه بامتياز.
مواطن قوة العراق تتجلى
أظهر العراق خلال انعقاد القمة عدداً من مواطن القوة التي أعادت التأكيد على مكانته كدولة محورية في المنطقة. ففي الجانب الأمني، أثبتت مؤسسات الدولة قدرتها على حماية الوفود وتأمين أجواء آمنة للقمة، ما عكس تطوراً ملحوظاً في المنظومة الأمنية.
وقد صرّح وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، في مؤتمر صحفي عقب القمة: "العراق اليوم ليس فقط ساحة لتبادل وجهات النظر، بل منصة لبناء تفاهمات إقليمية حقيقية."
كما أكد رئيس الوزراء العراقي على هامش القمة أن: "انعقاد القمة في بغداد هو تأكيد على أن العراق استعاد عافيته، وبات قادراً على لعب دور جامع، بعيداً عن سياسة المحاور."
ثمار المؤتمر: عودة الدور القيادي
من أبرز ثمار القمة، استعادة العراق لدوره كجسر للحوار العربي – العربي، والعربي – الإقليمي. تبنت القمة حزمة من التوصيات أبرزها:
إنشاء "منتدى بغداد للتعاون الإقليمي" يعقد سنويًا لتعزيز الحوار الاقتصادي والأمني.
دعم مشاريع الربط الكهربائي بين العراق ودول الجوار.
إطلاق مبادرة عراقية للتكامل الزراعي والغذائي بين الدول العربية.
تعزيز التعاون في مجالات مكافحة التصحر وتغير المناخ.
وقد علّق الأمين العام لجامعة الدول العربية قائلاً:"قمة بغداد أعادت الحياة إلى روح التضامن العربي، والعراق قدّم نموذجاً للقيادة الحكيمة والتخطيط المسؤول."
رسائل سياسية قوية
أوصل العراق من خلال تنظيمه القمة رسائل واضحة عن استقراره السياسي وقدرته على استضافة الفعاليات الكبرى، بما يعكس ثقة المجتمع الدولي بقدراته.
وأثنى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على التنظيم قائلاً:"لقد عكست القمة في بغداد عمق الحضارة العراقية، وقوة الدولة في تجاوز المحن والعودة إلى الصفوف الأولى عربياً." فيما أشار وزير الخارجية الفرنسي – الذي حضر كضيف مراقب – إلى أن:"العراق اليوم يمثل فرصة للحوار، ونحن نثق بقيادته في تقريب وجهات النظر الإقليمية."
المستقبل: منبر للحوار والتكامل
نجح العراق من خلال هذه القمة في إعادة رسم صورته أمام الرأي العام العربي والعالمي: من دولة كانت ترزح تحت نيران الحروب، إلى دولة تصوغ مبادرات وتحتضن حوارات مصيرية.
وقد أشار تقرير تحليلي نشرته وكالة "رويترز" إلى أن:"مؤتمر بغداد مثّل نقطة تحوّل في السياسة الإقليمية، ومنح العراق موقعًا تفاوضيًا متقدمًا في ملفات الأمن والطاقة."
وأوصى عدد من الخبراء والمراقبين بضرورة استمرار العراق في لعب هذا الدور عبر:
تأسيس مراكز تفكير إقليمية تستضيفها بغداد.
تعزيز التعاون الإعلامي العربي لنقل خطاب موحد داعم للاستقرار.
تنظيم قمم مصغّرة بشأن قضايا النزوح والمياه والطاقة.
خاتمة
ليس من المبالغة القول إن مؤتمر القمة في بغداد لم يكن مجرد فعالية سياسية، بل كان لحظة مفصلية في التاريخ العراقي المعاصر. لحظة كشفت عن عراق جديد، يمتلك أدوات التأثير، ويستثمر جهوده لبناء مستقبل أفضل لشعبه وشعوب المنطقة.