
رغم انشغال الأوساط السياسية والمحلية بمخرجات قمة بغداد، وما رافقها من ضعف في التمثيل الدبلوماسي للقادة العرب، عاد الحراك السياسي المتصاعد استعدادا للانتخابات في تشرين الثاني 2025، ليعيد الحديث حول الولاية الثانية لرئيس الوزراء، محمد شياع السوداني.
وفي هذا الإطار، ربط مختصون وسياسيون، اليوم الأحد، محاولات رئيس الوزراء، محمد السوداني في تمتين العلاقات التركية، والأمريكية، والكويتية، من أجل الحصول على الولاية الثانية، مشيرين أيضا إلى أن ما رافق قمة بغداد أمس، يوجب على السوداني إعادة حساباته، قبل انطلاق صافرة الولاية الثانية.
وقال رئيس الهيئة التنظيمية للحراك الشعبي من أجل الحزام والطريق، حسين الكرعاوي، إن “معظم الاتفاقات التي عقدها رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، مع الجانب التركي، وزيارته إلى أنقرة، يراد منها تعزيز حظوظه في الحصول على الدعم من أجل الولاية الثانية في السلطة”.
وأضاف، أن “الكثير من المشاريع التي عمل السوداني عليها، تؤكد سعيه للحصول على الولاية الثانية، خصوصا ما يتعلق باستقباله للشركات الأمريكية، والعمل على ميناء طرابلس، ودخوله على الخط في مسألة بيع خور عبد الله للجانب الكويتي”.
وبين، أن “محاولة السوداني الطعن أمام المحكمة الاتحادية، بخصوص قضية خور عبد الله، تندرج ضمن محاولة السعي للبقاء في السلطة عبر الدعم الخارجي، فضلا عن كونها رسائل إيجابية باتجاه المحور الأمريكي”.
إلى ذلك، رأى الباحث السياسي، علاء مصطفى، في تدوينة له عبر منصة (أكس)، أن “خطاب الحكومة قدم للعراقيين وعودا غير واقعية بشأن القمة العربية”، مبينا أن “الخطاب اختزلها بشخص السوداني، وبالتالي ربط ثمار نجاحها بسلته، وجعل ضريبة تواضعها عليه”. وأضاف، أنه “بعد انتهاء القمة ذات التمثيل المحدود، واتضاح موقف العواصم العربية المؤثرة منه، أصبح لزاما عليه مراجعة حساباته قبل انطلاق صافرة الولاية الثانية!”.
وجاءت القمة العربية في العاصمة بغداد، يوم أمس، مخيبة للأمال ودون مستوى الطموح ، إثر غياب أبرز الزعماء العرب عنها واقتصارها على 6 رؤساء فقط، بعد ضجة إعلامية وتحضيرات أمنية ولوجستية، طغت على كل شيء في العاصمة بغداد، منذ أسابيع تحضيرا لها.
وتباينت آراء المراقبين وراء ذلك ضعف التمثيل، بين غياب القرار السيادي في العراق، والفوضى الإعلامية، واضطراب الوضع الإقليمي، والخلافات العربية بينها الصراع العراقي – الكويتي على المياه الإقليمية، وانتهاء بزيارة الجنرال الإيراني، إسماعيل قاآني إلى بغداد، بالتزامن مع المناسبة.
فيما رأى المحلل السياسي الأردني، أحمد فهيم، في وقت سابق من اليوم الأحد، أن هناك لوبيا عربيا أراد أن يفشل هذه القمة، من خلال تخفيض التمثيل الدبلوماسي إلى هذا المستوى.
ولم تسجل القمة العربية في بغداد، ردود فعل بارزة من القوى والأحزاب السياسية، إذ لم تصدر بيانات مؤيدة أو معارضة لمقرراتها، باستثناء زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر، الذي وجه رسالة إلى القادة العرب المجتمعين في بغداد دعاهم فيها إلى أن “يكونوا صفاً واحداً من أجل نصرة إخوانكم في غزة ولبنان واليمن”، كما دعا إلى “وقفة عربية تجاه سوريا ديمقراطية لا تشدد فيها ولا طائفية”.
وركزت أعمال القمة العربية الرابعة والثلاثين في العاصمة العراقية بغداد، أمس السبت، على وقف الحرب على غزة، وإقامة الدولة الفلسطينية، وسط دعوات لإصلاح منظومة العمل العربية.
وجاءت اتفاقية خور عبدالله بين العراق والكويت، بشأن تنظيم الملاحة في الممر البحري الضيق المتصل بمياه الخليج، لتشكل مدارا لتجاذبات سياسية حادة في الداخل العراقي، وسط اتهامات لرئيس الوزراء، محمد السوداني، باستغلال الأمر انتخابيا.
وأعلن نواب، نهاية الشهر الماضي، عزمهم تقديم شكوى رسمية ضد رئيس الوزراء إلى الادعاء العام، على خلفية ما وصفوه بمخالفة قانونية لقرار صادر عن أعلى سلطة قضائية في البلاد.
وتعتبر مسائل ترسيم الحدود بين الكويت والعراق، من المسائل المصيرية عبر التاريخ بالنسبة لكلا الطرفين، نظرا لما اكتنفها من تطورات تاريخية نالت طابع الشد والجذب، وساهمت فيها التجاذبات التي سادت علاقات البلدين الجارين، ووصلت هذه التجاذبات لذروتها في آب 1990 بالغزو العراقي للكويت، واستمرار آثاره من القضايا الثنائية العالقة حتى اليوم.
وارتفعت حدة الخلاف، خلال الفترة الماضية، بين الإطار التنسيقي، ورئيس الوزراء، محمد السوداني، لأسباب، بحسب سياسيين، تعود إلى تفرد السوداني بالقرار، وابتعاده عن قوى الإطار، مشيرين إلى أن ذلك سوف يخسره المنصب، حتى وأن حصل على مقاعد انتخابية أكثر من قوى الإطار.
ولوح تيار الفراتين الذي يترأسه رئيس الوزراء، في 29 نيسان الماضي، بفتح الأوراق و”فضح” أسماء الذين يفسدون في مؤسسات الدولة في حال تكرار سيناريو استهداف السوداني، متحدثا عن أطفال من داخل الأحزاب يتحكمون بوزراء في الحكومة.
جاء ذلك، بعد تحذيرات ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، من انشطار في البيت الشيعي، بسبب سياسة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، مشددا على ضرورة تغيير بعض فقرات قانون الانتخابات، لتشجيع المجتمع على المشاركة في الانتخابات على حدّ تعبيره.
وخلال الأشهر الماضية، شهد إطار التنسيقي، خلافات واضحة بشأن مسألة توجيه دعوة إلى رئيس النظام السوري، أحمد الشرع، للمشاركة في القمة العربية المرتقبة في العاصمة بغداد، ولقاء السوداني بالشرع في الدوحة دون إبلاغ الإطار بتلك الزيارة.
وتعد الانتخابات العراقية القادمة من أكثر الدورات تعقيدا منذ سنوات، بحسب العديد من المراقبين، حيث بات العراقيون يواجهون العديد من المشكلات في اختيار ممثليهم، في ظل ارتفاع أعدادهم، ووجود المال السياسي الذي يعيق وصول المستقلين للسلطة.
ويمر العراق بتحديات كثيرة تحيط به، بدءا من الصراع الأمريكي الإيراني، وانعكاساته على الداخل العراقي، وصولا إلى الخلافات السياسية حول الانتخابات المقرر إجراؤها في 11 تشرين الثاني المقبل، والانقسام حول تعديل قانونها، فضلا عن تحديات أخرى اقتصادية وخدمية.
وصوّت مجلس الوزراء، في 9 نيسان الماضي، على تحديد يوم 11 من شهر تشرين الثاني من العام 2025، موعدا لإجراء الانتخابات التشريعية.
وينص القانون على أن يكون تحديد موعد الانتخابات قبل 90 يوما، لكن السوداني حدد موعد الانتخابات بشكل مبكر جدا وقبل 7 أشهر من موعدها المحدد، وهي قد تكون “سابقة من نوعها”، في محاولة لقطع الطريق على أية إشكالات ومزايدات سياسية محتملة.
أقرأ ايضاً
- اكاديمية الثقلين للتوحد في البصرة : تعالج (4) الاف طفل مجانا بـ"مليار" دينار وعلى نفقة العتبة الحسينية
- 4 ملفات حساسة على طاولة السوداني وأردوغان في أنقرة
- السوداني بين نيران الصراع.. رشاوى "خور عبد الله" و"ضغوط الشرع"