
بقلم: إسراء نادر كيطان
ان تخصيص الاموال للمنفعة العامة يوجب ان يتم تنظيمها وفقا لاحكام قانونية خاصة تضمن حمايتها من اي اعتداء يمكن ان يؤدي الى تعطيل الغرض منها، وهذا مااستقر عليه الوضع في اغلب الانظمة القانونية، فارتقى مستوى حماية المال العام في المنظومة القانونية، اذ جاء الدستور العراقي عام 2005 في مادته (27) التي نصت على (اولا: للاموال العامة حرمة وحمايتها واجب على كل مواطن، ثانيا: تنظم بقانون الاحكام الخاصة بحفظ املاك الدولة وادارتها وشروط التصرف فيها والحدود التي لايجوز فيها النزول عن شيء من هذه الامول)، الى جانب ذلك ان القواعد العامة تقضي بتعويض الاضرار ايما كان مالكها على ان يتم ذلك عن طريق القضاء بعد رفع دعوى تعويض، وبما ان اللجوء للسلطة القضائية يتطلب جهد ووقت بسبب كثرة الدعاوى المنظورة امامها لذلك سلك المشرع العراقي مسلك جديد لحماية المال العام ومواكبة التطور الحاصل وحل المشكلات التي قد يتم الاصطدام بها نتيجة لتباين المصالح والافكار، ومن أهم المشاكل التي تواجه القانون هو عدم وضوح الغاية الرئيسية لوضعه مما يؤدي إلى استغلال القانون استغلال سيئ أو تستعمل فيه المحاباة أو الاثراء بلاسبب، ولحماية المال العام سن المشرع العراقي قانون يسمى بقانون التضمين رقم (31) لسنة 2015 النافذ والذي له ذاتية وخصوصية تتجسد في الاتي:-
اولا:- قانون التضمين من القوانين الادارية:- يقصد بذلك ان التضمين هو اجراء اداري من الادارة لان الاخيرة هي المختصة به من ناحية الاجراءات والتي تبدأ بتشكيل لجنة تحقيقية مع الموظف المتسبب بالضرر وهدر المال العام ويشكل هذه اللجنة استنادا للمادة (2/اولا) من قانون التضمين الوزير المختص او رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة او المحافظ او من يخوله، وتكون من (رئيس وعضوين من ذوي الخبرة والاختصاص على ان يكون احدهم حاصل على شهادة جامعية اولية في القانون) وهذا يعني ان اللجنة التي تحقق مع الموظف هي لجنة تحقيق اداري وتوصياتها لها دور في القرار اما بتضمين الموظف او عدمه، كما ان الطعن في قرار التضمين يكون امام المحاكم الادارية.
ثانيا:- قانون استثنائي ومستقل:- ان الاصل الحكم بالمديونية يكون بحكم قضائي في حين ان قانون التضمين خرج عن هذا الاصل واعطى المشرع العراقي هذه الميزة للادرة بشكل خاص لكي تكون الاجراءات سريعة عكس الاجراءات القضائية وذلك بدلالة المادة (3) من قانون التضمين بضرورة استكمال اجراءات التحقيق والمصادقة خلال (90) يوم من تاريخ حصول الضرر فهوجمع سلطة الاتهام والحكم بيد الادارة لذلك هو قانون استثنائي.
ثالثا:- مبلغ التضمين هو دين ممتاز للادارة:- الديون الممتازة هي التي تكون لها الاسبقية عن الديون المستحقة على الموظف فان مبلغ التضمين استنادا للمادة (7) من القانون يجب ان يدفع خلال (30) يوم من تاريخ المصادقة على القرار او بشكل اقساط لمدة لاتزيد عن (5) سنوات وفي حال تأخر عن تسديده يطبق عليه قانون تحصيل الديون الحكومية رقم (53) لسنة 1977 وهو الحجز على اموال المدين بالقدر اللازم الذي يكفي لايفاء الدين.
رابعاً:- قانون التضمين هو تطبيق لمبدأ عدم التركيز الاداري:- وهذا يتجسد في منح بعض الجهات الادارية سلطة اتخاذ القرارات دون الرجوع للسلطات المركزية ذلك حماية للمال العام وتجنب تعقيدات السلطة المركزية مما يسبب بطئ وتعطيل تنفيذ القانون.
ومن خلال ماتقدم ان قانون التضمين هو قانون يتعلق بالموظف والمكلف بخدمة عامة تسبب بضرر لخزانة الدولة سواء كان مستمر في الخدمة او انتهت خدمته لاي سبب، وهو امتياز للادارة لجبر الضرر الذي يصيبها وحماية لاموال الدولة من خلال الزام الموظف بدفع مبلغ التضمين بامر من الادارة دون اللجوء للقضاء وبذلك يكون قانون التضمين قانون يتميز بالخصوصية والسرعة مختلف عن بقية القوانين الاخرى.
أقرأ ايضاً
- دور القضاء الحامي للحقوق والحريات في سد الثغرات القانونية التي ترد في القوانين
- المساعدة القضائية والمساعدة القانونية
- حماية الشهود في القضايا الجنائية: بين النص القانوني والتطبيق العملي