- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
التعليم القانوني "القياس والتقييم"

بقلم: أ.د. علي هادي عطيه الهلالي - عميد كلية القانون – جامعة بغداد
ظهرت نتائج الامتحان التنافسي للمتقدمين إلى المعهد القضائي للدورة (50)، ويُلاحظ أن المشتركين في الامتحان كانوا (299) متقدمًا ولكن لم يجتز الامتحان سوى (43) متقدمًا فقط، إذ تراوحت درجات الممتحنين بين (7،5 – 65 %)، وبلغت نسبة النجاح (14،5 %)، وبالمقارنة مع نتائج المتقدمين للدورة السابقة (49) التي اشترك فيها (818) متقدماً، لم يتمكن سوى (131) مشتركاً فيها من النجاح، ولكن الدرجات تفاوتت بين (6 – 72،5 %) إذ بلغت نسبة النجاح (16%)، وبالتأكيد فإن الوضع لم يختلف كثيراً عن نسبة النجاح في امتحان الدورة (48) والتي بلغت (6%).
إن ما تعكسه نتائج الامتحان التنافسي للمتقدمين إلى المعهد القضائي تتشابه الى حد كبير مع نتائج المتقدمين للامتحان التنافسي للدراسات العليا في الجامعات؛ وهي أول مؤشر على مستوى مخرجات التعليم القانوني الحكومي والأهلي في العراق، والمشكلة تظهر أن نتائج الامتحان التنافسي للمتقدمين للمعهد القضائي مستمرة في التراجع، رغم التشدد في شروط المعدلات المطلوبة من المتقدمين للامتحان حيث كان شرط الحصول على معدل (70) في البكلوريوس الحد الادنى للتقديم للدورة (50) ولكن رغم ذلك استمرت النتائج المتدنية، رغم أنهم حاصلون على ذلك المعدل أو يزيد بكثير في كليات القانون التي تخرجوا منها.
إن ما تعكسه النتائج أعلاه يرصد جُملة من الإخفاقات التي تواجه التعليم القانوني واطرافها تشمل: (التدريسي والطالب والمادة العلمية) كما يعكس الفجوة الكبيرة بين التعليم القانوني الأكاديمي ومتطلبات سوق العمل ومديات استفادة مخرجات كليات القانون من الفرص التي يقدمها ذلك السوق.
إن عددًا من سياسات التعليم القانوني في الكليات الحكومية والأهلية يجب أن تُراجع وعلى وجه الخصوص؛ المقررات الدراسية وأساليب التدريس والاهتمام بالجوانب التطبيقية، فضلا عن تعزيز مهارات التفكير النقدي وتحليل النصوص القانونية واكتشاف مقاصدها وغاياتها، بدلاً من الاعتماد على الحفظ والتلقين، وقد يكون مسار بولونيا هو الفرصة الأخيرة لتطوير التعليم القانوني
إن سياسة القبول في كليات القانون، وإعداد المقبولين وترجيح الكفاءة النوعية على الكمية، سيكون احدى وسائل تطوير مخرجات التعليم القانوني ومواءمتها مع سوق العمل، بدلاً من تعثر تلك المخرجات في أول اختبار تواجهه.
إن استمرار ظهور ذلك المستوى المتراجع للمخرجات لا يليق بالتعليم القانوني في العراق الذي بدأ مشواره قبل نشأة العديد من الدول في المنطقة العربية، حيث بدأ في مدرسة الحقوق عام 1908 وما قبلها، والتي أُدمجت في جامعة بغداد بعد تشكيلها في خمسينيات القرن الماضي.
إن استمرار التشدد في شروط المتقدمين للمعهد القضائي برفع المعدل للتقديم، واستمرار التشدد للمتقدمين بالدراسات العليا وتشدد نقابة المحامين في قبول عضوية الخريجين كلها امور تسهم الى حد بعيد بدعم التعليم القانوني في العراق، ولكن تبقى الضرورة ملحة لمراجعة سياسة التعليم القانوني بصورة شاملة، وتقييم الإدارات القائمة عليها تقييماً جدياً، بحيث تكون نتائج الخريجين في سوق العمل مؤشراً على نجاح هذه الإدارات ومبرراً لتغييرها بالكفاءات إذا اقتضى الأمر.
أقرأ ايضاً
- العملات المشفرة وتنظيمها القانوني
- تأثير التحول الرقمي على الجريمة المنظمة: التحديات القانونية الواجب مواجهتها
- التلقين جرثومة التعليم القاتلة