
في مدينته كربلاء، يحوّل الفنان الشاب علي حيدر محمد المواد البسيطة والمهمَلة إلى تحف فنية تخطف الأنظار، حيث يصنع من شعر الزبائن وتراب المدينة المقدسة لوحاتٍ تحمل في تفاصيلها روح التراث وقدسية المكان.
من الحلاقة إلى الفن: رحلة إبداع غير تقليدية
يستخدم علي حيدر شعر زبائن صالونات الحلاقة بعد جمعها وتنظيفها، ليرسم بها لوحاتٍ تجسد شخصيات دينية وتاريخية، مثل الإمام الحسين والعباس (عليهما السلام)، بينما يحوّل تراب كربلاء إلى أعمال فنية تعكس عمقاً روحياً وجمالياً.
يقول الفنان في حديثه لوكالة نون الخبرية: "اختياري لهذه المواد نابع من رغبتي في خلق لغة بصرية فريدة، تثبت أن الفن كامن في كل شيء حولنا، حتى في أبسط المواد."
التقنية: بين هشاشة الشعر ورمزية التراب
يوضح علي أن التعامل مع الشعر يتطلب دقةً فائقة، حيث يفضل الشعر الناعم لسهولة تشكيله، بينما يشكل الشعر الكثيف تحدياً تقنياً. أما تراب كربلاء، فيتم معالجته بعناية ليصبح مادةً خاماً للرسم،مما يضفي على اللوحات بُعداً روحياً.
وعن تفاعل الناس، يقول: "يتفاجأ الزبائن أولاً، ثم يتحول تفاعلهم إلى إعجاب وفخر، خاصة عندما يرون شعرهم أو تراب مدينتهم يتحول إلى عمل فني يُعرض في منازلهم أو على سياراتهم."
فن الغبار: اكتشاف جديد ينال انتشاراً عالمياً
إلى جانب تقنية الرسم بالشعر والتراب، ابتكر الفنان تقنية "فن الغبار"التي لاقت اهتماماً واسعاً بسبب طابعها الإبداعي المختلف. ويؤكد أن هذه التقنية تعبّر عن فلسفته في البحث الدائم عن التجديد.
التحديات ورسالة الفن المقدس
يواجه علي تحديات تقنية في الحفاظ على متانة اللوحات المصنوعة من مواد هشة، لكنه يعتبر ذلك جزءاً من متعة الإبداع. ويرى أن الفن الكربلائي يحتاج إلى مواكبة العصر مع الحفاظ على الأصالة، وهو ما يحاول تحقيقه من خلال أسلوبه الفريد.
رسالته للعالم؟
"الفن ليس مادةً، بل رؤية.. والمقدّس يمكن التعبير عنه بكل اللغات، حتى بلغة التراب وشعر الإنسان."
خاتمة
علي حيدر محمد ليس مجرد فنان، بل حكّاءٌ بصري يوثّق قدسية كربلاء بلغة إبداعية غير مألوفة. بأدوات بسيطة، يصنع أعمالاً تذكّرنا بأن الجمال يُولد من الشغف، وأن الخلود الفني قد يبدأ من شعرةٍ أو حفنة تراب.
"الفن ليس حبراً على ورق، بل هو روح تُخلَّد في مادة."
حاوره/ منار قاسم
أقرأ ايضاً
- اشترى مسبحة وتبين انها مرصعة بالذهب .. في مدينة كربلاء المقدسة .. اغلى مسبحة سعرها (70) الف دولار اميركي
- *محمد الصواف: عدسة توثق الحقيقة وتنقل قصص الإنسانية في قلب الأزمات*
- بعض الاواني يتجاوز عمرها قرن.. حاجات نحاسية اصبحت "انتيكات" مهنة عائلة كربلائية منذ (150) عاما