
يستمر قانون الانتخابات في العراق بتصدر الملفات الجدلية على الساحة السياسية، حيث يثير نقاشات حادة بين القوى السياسية والمجتمعية بشأن الحاجة إلى تعديله أو الإبقاء عليه كما هو، قبل الاستحقاق الانتخابي المقرر في نهاية العالم الحالي.
إذ ترى جهات سياسية، أن غياب الرغبة والجدية لغالبية القوى والكتل في البرلمان سوف تدفع نحو الإبقاء عليه، مشيرة إلى أن الحديث المتكرر حول تعديله سوف يربك الناخب العراقي.
وقال النائب مهند الخزرجي، إنه “على الرغم من قيام عدد من أعضاء مجلس النواب بجمع تواقيع لأجل إدراج فقرة لمقترح تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، إلا أنه لا توجد رغبة او جدية لغالبية الكتل السياسية لتعديل القانون”.
واضاف انه “اذا تم طرح التعديل سيتم الإخلال بالموعد الدستوري، بسبب التأثير على توقيتات مفوضية الانتخابات بشأن إجراءاتها اللوجستية والادارية لعملية الاقتراع العام”، مرجحا ”عدم اجراء اي تعديل على القانون الحالي”.
وكان نواب قد أقروا بصعوبة تعديل قانون الانتخابات، بسبب الانقسام السياسي بين كبار الكتل السياسية، منوهين إلى أن كل طرف سياسي سيعمل على تمرير القانون وفق ما يخدم مصلحته الحزبية، ولذا تم تأجيل هذا التعديل لحين حسم القوانين الخلافية المعلقة منذ أشهر دون التصويت عليها.
إلى ذلك، قال النائب حيدر السلامي، إنه “على جميع القوى السياسية استقراء القوانين ولا سيما قانون الانتخابات”، مشددًا على “أهمية أن يتضمن القانون مؤشرات قوية تعزز ثقة الجمهور بالعملية الانتخابية”.
وأشار إلى أن “مجلس النواب يسعى إلى زيادة نسبة المشاركة في الانتخابات”، معتبرا أن “الحديث المتكرر عن تعديل قانون الانتخابات يبعث برسائل سلبية إلى الناخبين خاصة أولئك الذين بدأوا بالمشاركة بعد عزوف طويل”.
وأضاف أن “استقرار القوانين الانتخابية يعد عاملًا أساسيًا في تعزيز ثقة المواطنين بالعملية الديمقراطية”.
وكان عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب، أوميد محمد، أكد في 23 شباط الماضي، أن مسودة تعديل قانون الانتخابات لم تصل بعد إلى البرلمان، لكن هناك توجها لاعتماد نظام يخصص 20% من المقاعد للفائز الأعلى بغض النظر عن انتمائه الحزبي، مقابل 80% يتم توزيعها وفق “سانت ليغو”، وهو ما يعد سابقة لم تختبر سابقا.
يشار إلى أن العملية الانتخابية في العراق تجري وفق القانون الانتخابي النافذ، وهو قانون (انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018 المعدل)، والنظام الانتخابي المعتمد بموجب القانون المذكور ويتم بنظام التمثيل النسبي، بحسب مختصين.
ودعا زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر، مؤخرا، أنصاره إلى تحديث سجل الناخبين سواء دخلوا بالانتخابات أم قاطعوها من خلال إجابة على سؤال احدهم، وهو ما فسره كثيرون بأنه استعداد للعودة إلى المشاركة.
وتثير إمكانية عودة زعيم التيار الوطني الشيعي عن قراراته السابقة هواجس حقيقية لدى أغلب القوى الشيعية الممسكة بزمام السلطة، نظرا إلى ما للرجل من شعبية وقدرة على تجييش الشارع واستمالة الناخبين وهو ما تأكّد عمليا خلال الانتخابات الماضية التي حصل فيها على عدد كبير من مقاعد البرلمان، وما منعه آنذاك من تشكيل الحكومة هو تحالف أبناء عائلته السياسية ضدّه وائتلافهم في تكتل مضيّق هو الإطار التنسيقي وآخر موسّع هو تحالف إدارة الدولة الذي ضمّ إلى جانب الأحزاب والفصائل الشيعية أحزابا سنية وكردية.
وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، في 10 شباط الماضي، استعداداتها الفنية لإجراء انتخابات مجلس النواب 2025، مشيرة إلى أن مراكز التسجيل في المحافظات تجري حالياً التسجيل البايومتري للناخبين لغرض إنجاح عملية انتخاب مجلس النواب 2025، والتي ستجري قبل مدة (45) يوماً من تاريخ انتهاء الدورة الحالية لمجلس النواب.
وكان أمين تيار الحكمة في ديالى، فرات التميمي، كشف في 18 كانون الثاني الماضي، عن وجود ثلاث رؤى سياسية لتغيير القانون، مشيراً إلى أن “الأكثر ترجيحاً هو مقترح الدوائر الانتخابية لكونه يحد من استغلال السلطة في العملية الانتخابية ومن تأثير المال السياسي”.
وقدم النائب عامر عبد الجبار، مقترح قانون “الحوافز الانتخابية” موقعاً من عشرة نواب، إلى رئيس البرلمان، الذي وافق بدوره على المقترح وأحاله إلى اللجنة القانونية.
ونصّ مقترح القانون على أن يُمنح الموظفون من المدنيين والعسكريين المشاركون في التصويت كتاب شكر مع احتساب خدمة إضافية لمدة ستة أشهر، أما المواطنون الذين يشاركون في الانتخابات ويدلون بأصواتهم فستُمنح لهم الأولوية في التعيين ضمن الوظائف الحكومية.
ويشمل المقترح منح كل مُصوّت من المشمولين بالالتزامات الضريبية من العاملين في القطاع الخاص بمختلف القطاعات إعفاءً ضريبياً يصل إلى مليون دينار عراقي للمشاركين في التصويت مما يخفف العبء المالي عليهم، وبالنسبة للمواطنين المشمولين بدفعات الضمان الاجتماعي المقدمة من وزارة العمل، فسيتم منحهم أولوية في إنجاز معاملاتهم الرسمية في الوزارة.
وبالرغم من اعتماد القانون الانتخابي (رقم 16 لسنة 2005) القوائم المغلقة ونظام القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد، إلا أنه قسم العراق إلى 18 دائرة انتخابية، واستمر العمل به حتى عام 2010، ليشهد بعدها تعديلا تمثل في اعتماد القوائم الانتخابية شبه المفتوحة.
وفي 2014 أصدر البرلمان قانونا جديدا للانتخابات، اعتمد فيه نظام سانت ليغو حسب معادلة 1.7، لكن هذه المعادلة شهدت تغييرا في انتخابات 2018 الذي شهد إصدار قانون انتخابي جديد اعتمد معادلة 1.9.
وشهد القانون تغييرا جذريا عام 2020، استجابة لمطالب احتجاجات تشرين (خريف 2019)، إذ اعتمد على الأكثرية بدلا من النسبية، وقسم المحافظة التي كانت في القوانين السابقة دائرة واحدة إلى عدة دوائر انتخابية، ما أسهمت بفوز عشرات المستقلين لأول مرة، وتراجع في حظوظ غالبية الأحزاب الكبيرة التي لم تتمكن من تحقيق الأغلبية، الأمر الذي دفع الأحزاب التقليدية للسعي إلى تغيير القانون، وهو ما حدث بالفعل في 27 آذار 2023، أي قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات بشهور.
يذكر أن مجلس النواب قد صوت خلال جلسته التي عقدت في الـ27 من آذار 2023 بحضور 218 نائبا على قانون “التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لعام 2018”.
وشملت التعديلات الأخيرة إلغاء النظام المعمول به في انتخابات تشرين الأول 2021، واعتمد بموجب النظام الانتخابي الجديد نظام الدوائر المتعددة وقسم البلاد جغرافيا إلى 83 دائرة بدل النظام القديم الذي حدد أن كل محافظة تمثل دائرة انتخابية واحدة.
وبحسب سياسيين، فإن الأحزاب الناشئة والمرشحين المستقلين استفادوا من قانون الدوائر المتعددة، الذي يمنح المرشح فوزه المباشر من خلال أعداد المصوتين له، لكن نظام الدائرة الواحدة يعطي للقائمة الانتخابية أصوات الناخبين للمرشحين ضمن هذه القائمة، لكن في المقابل رأى مراقبون للشأن العراقي أن التعديلات الأخيرة تعزز هيمنة الأحزاب التقليدية على حساب القوى الناشئة.
أقرأ ايضاً
- في العراق.. عمال النظافة يعتمدون على دعم الناس للاستمرار
- المالية النيابية تستبعد تعديل سعر برميل النفط
- الصدر يرفض الدعوات.. لماذا تصر القوى على مشاركته؟