
في خضم انشغال الساحة العراقية بقضايا سياسية وجدلية، مرّ تطور اقتصادي بالغ الأهمية دون أن يلقى الاهتمام الكافي، بحسب ما أشار إليه الخبير الاقتصادي منار العبيدي، محذرًا من تداعياته على الاقتصاد الوطني. فقد سجّل معدل التضخم الشهري في العراق تراجعًا هو الأول من نوعه منذ أكثر من ثلاث سنوات، ليصل إلى مستوى سلبي، وهو ما اعتبره العبيدي مؤشرًا “مقلقًا على دخول البلاد في مرحلة ركود اقتصادي تهدد بنسف ما تبقى من استقرار في السوق المحلية”.
وقال العبيدي، إن “الرأي العام انشغل في الأيام الماضية بثلاث قضايا رئيسية، تمثلت بزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخليج، وتقييم نتائج القمة العربية، والجدل حول تبرع العراق بمبلغ 40 مليون دولار إلى لبنان وغزة، بينما مرّ تطور اقتصادي بالغ الأهمية مرور الكرام، وهو تراجع معدلات التضخم في العراق، حيث سجلت النسبة الشهرية للتضخم انخفاضًا للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاث سنوات، بل وصلت إلى مستوى سلبي”.
وأضاف أن “رغم أن انخفاض الأسعار، لا سيما للسلع غير الغذائية، يعد أمرًا إيجابيًا من منظور المواطن المستهلك، إلا أن تسجيل معدلات تضخم شهرية سالبة غالبًا ما يشير إلى دخول الاقتصاد في مرحلة من الركود، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على نشاط القطاع الخاص، عبر تراجع الطلب وضعف حركة المشاريع، وبالتالي تقليص فرص العمل وتدهور القدرة التنافسية للمنتج المحلي أمام السلع المستوردة الأرخص، خاصة مع انخفاض سعر صرف الدولار في السوق الموازي”.
وأردف أن “العراق، وهو يسعى لتفعيل دور القطاع الخاص لتقليل العبء عن كاهل القطاع العام، لا يستطيع تحمّل كلفة الركود، إذ أن زيادة البطالة وتراجع الإيرادات واتساع عجز الموازنة العامة ستؤدي إلى شلل أهم محرك اقتصادي في البلاد، وهو الإنفاق الحكومي،
ولتجنب الدخول في هذا السيناريو الخطير، يقترح العبيدي إجراءات عاجلة لتحفيز القطاع الخاص، أهمها:
1. خفض أسعار الفائدة، خصوصا على السندات الحكومية التي تسببت في سحب كميات كبيرة من السيولة النقدية من السوق.
2. منح إعفاءات ضريبية واسعة للشركات والمشاريع، بما في ذلك فترة إعفاء لا تقل عن ثلاث سنوات للشركات التي توفر فرص عمل حقيقية للعراقيين.
3. إطلاق مبادرات تمويلية عاجلة بالتعاون بين البنك المركزي ووزارة المالية تستهدف دعم القطاعين الصناعي والزراعي.
4. تقليص الإجراءات البيروقراطية والرسوم المفروضة على المشاريع الإنتاجية لتمكينها من تحقيق الاستدامة.
واختتم قائلا: “في ظل هشاشة أدوات الدولة في تحفيز الاقتصاد عبر القطاع العام، فإن مواجهة الركود دون تدخل فعال سيعني أزمة بطالة خانقة وتآكل فرص العمل وتفاقم الضغوط على الحكومة”.
أقرأ ايضاً
- الرواتب آمنة.. والموازنة في الخطر والبرلمان يحذّر من مؤشرات "سلبية" تهدد الاستقرار
- مع إغلاق البورصة.. انخفاض طفيف بأسعار الدولار في العراق
- الذهب ينتعش قليلاً في انتظار مؤشرات أميركية جديدة