
في ظل التطورات السياسية والاقتصادية المتسارعة في المنطقة، عاد الحديث مؤخراً عن خط أنابيب “كركوك – بانياس” ليتصدر المشهد من جديد، لاسيما بعد التقارب الحكومي مع سوريا وأرسال بغداد وفداً رسمياً رفيع المستوى إلى دمشق، أمس الأول الجمعة، لدراسة إمكان إعادة تأهيل وتشغيل خط أنابيب النفط بين البلدين.
ورغم توجهات العراق لتوسيع منافذه التصديرية، إلا أن الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، أكد، أنه لا توجد جدوى اقتصادية من إعادة بناء الخط أنبوب تصدير النفط العراقي – السوري والذي يربط بين كركوك وبانياس.
وتصنف سوريا ضمن الدول المحدودة المساهمة في الطاقة على مستوى العالم، وبالرغم من ذلك فإن الثروة النفطية فيها شكلت موردا مهما للسلطة قبل الثورة، وساحة خطيرة للصراع بعدها، حيث لا يكاد الإنتاج السوري من النفط -في ذروته- يشكل 0.05% من الإنتاج العالمي، بطاقة لا تتعدى 400 ألف برميل يوميا، كان يخصص أكثر من نصفها للاستهلاك المحلي، وهو إنتاج منخفض بالمقارنة مع دول جارة غنية بالنفط مثل العراق الذي ينتج يوميا قرابة 4.3 ملايين برميل.
وذكر المرسومي في تدوينه على “فيسبوك”، انه “لا توجد جدوى اقتصادية من إعادة بناء الخط العراقي – السوري والذي يربط بين كركوك وبانياس لان معظم انتاج حقول كركوك التي تبلغ نحو 300 الف برميل يوميا يجري استهلاكها داخليا”.
وأضاف “حتى لو طورت برتش بتروليوم حقول كركوك فأنها لن تضيف سوى 112 الف برميل إلى الإنتاج الحالي مما يعني ارتفاع كبير في كلفة النقل ورسوم المرور”.
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أعلن أمس السبت، عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية بعدما كان العراق ينفق 6 تريليونات دينار سنوياً.
وبدأ العراق خطوات عملية، أمس الأول الجمعة، لإعادة تشغيل خط أنابيب النفط الممتد عبر سوريا إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط، بإرسال وفد حكومي رسمي إلى دمشق لبحث آليات إعادة التأهيل، وفقاً لبيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء العراقية.
وجاء ذلك في ظل توقعات صندوق النقد الدولي، في 22 نيسان الجديد، انكماش الاقتصاد العراقي بواقع 1.5 بالمئة هذا العام، على أن يعود للنمو في 2026 بمعدل 1.4 بالمئة، على خلفية تراجع أسعار النفط كما توقع تباطؤ الطلب بسبب ركود الاقتصاد العالمي المحتمل الناتج عن الحرب التجارية.
ويعتمد الاقتصاد العراقي بشكل كبير على النفط كمصدر رئيسي للدخل القومي، حيث تشكل عائدات النفط أكثر من 90 بالمئة من إيرادات الدولة، ما يجعله عرضة للتأثر بالتقلبات في أسعار النفط العالمية.
وشهدت أسعار النفط تراجعا حادا هذا الشهر، لامست خلاله أدنى مستوياتها في أربع سنوات، وسط مخاوف المستثمرين من أن يؤدي التصعيد المتبادل في الرسوم الجمركية بين أميركا وشركائها التجاريين إلى تراجع الطلب على الخام.
ويُعد خط أنابيب النفط العراقي السوري، المعروف باسم “كركوك-بانياس”، من أقدم مسارات تصدير النفط في الشرق الأوسط.
ويعود تاريخ إنشاء الخط إلى عام 1952 بطول يبلغ 800 كيلومتر، وبقدرة ضخ تصل إلى 300 ألف برميل يوميًا، وقد توقف العمل به مراراً على مرّ العقود بسبب التوترات السياسية والأمنية في المنطقة.
ومع أن أنبوب “كركوك – بانياس” يوفر منفذاً حيوياً لبغداد على البحر المتوسط، إلا أن المشروع لا يزال يواجه تحديات أمنية وفنية كبيرة، أبرزها تدهور البنية التحتية للأنبوب الذي تعرّض للاستهداف والتخريب خلال سنوات الحرب في سوريا، بالإضافة إلى التكاليف المرتفعة لإعادة تأهيله، التي تُقدّر بأكثر من 8 مليارات دولار.
وكان مراقبون أشارو إلى أن إحياء خط أنابيب النفط العراقي السوري يرتبط بقرار سياسي بامتياز، في ظل استمرار التوترات في الأراضي السورية وعدم استقرار الأوضاع الأمنية على الحدود.
ويمثل الخط خياراً اقتصادياً مثالياً لبغداد، كونه يوفّر منفذًا منخفض التكلفة مقارنة بخط العقبة الذي يثير مخاوف من نهايته في إسرائيل؛ ما يثير انقسامات داخلية في بغداد.
في عام 2007، وقّعت بغداد اتفاقًا مع دمشق لإعادة تشغيل الخط عبر شركة روسية، لكنه أُلغي في 2009 بسبب ارتفاع التكاليف. واليوم، تعود الأنظار مجددًا إلى خط “كركوك-بانياس” رغم التحديات.
أقرأ ايضاً
- تزويد العراق لبلدان عربية بالنفط.. غياب للجدوى أم مساعدة لـ"الأشقاء"؟
- اجرت (440) عملية عام (2024).. العتبة الحسينية تقدم خدمات كبيرة لعمليات القلب المفتوح للاطفال(فيديو)
- "غياب الرغبة" و"الجدية" يدفعان نحو الإبقاء على "قانون الانتخابات" دون تعديل