
يستمر الجدل في العراق حول الطعن المقدم من رئاستي الجمهورية والوزراء لدى المحكمة الاتحادية بشأن بطلان اتفاقية خور عبد الله، حيث كشف رئيس حركة حقوق النيابية سعود الساعدي، اليوم الأحد، عن لوبي عراقي بنفس كويتي يعمل لصالح الكويت، متحدثا في الوقت ذاته عن خفايا إيداع الاتفاقية لدى الأمم المتحدة، وعلاقة رئيسي الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني ورئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي بذلك.
وكان مجلس الأمن الدولي قد أصدر في عام 1993 القرار رقم 833 الذي ينص على ترسيم الحدود البرية والبحرية بين البلدين، بعد الغزو العراقي للكويت سنة 1990، وتم توقيع اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في ممر خور عبد الله بين العراق والكويت عام 2012، وصادق عليها البرلمان العراقي عام 2013.
وقسمت الاتفاقية ميناء خور عبد الله بين العراق والكويت، ويقع في أقصى شمال الخليج العربي بين كل من جزيرتي وربة وبوبيان الكويتيتين وشبه جزيرة الفاو العراقية، ويمتد إلى داخل الأراضي العراقية مشكلا خور الزبير الذي يقع فيه ميناء أم قصر في محافظة البصرة جنوبي العراق.
وقال الساعدي في حوار متلفز، إن “أكثر من 60 توقيعا نيابيا تم جمعه من قبل أعضاء البرلمان لوضع فقرة مناقشة وإستضافة رئيس مجلس الوزراء محمد السوداني ووزير الخارجية فؤاد حسين بخصوص الطعون التي قدمت للمحكمة الاتحادية للعدول عن قرارها ببطلان اتفاقية خور عبد الله”.
وأضاف أنه “حسب المعلومات فإن هناك لوبي عراقي بنفس كويتي يعمل لصالح الكويت”، متسائلا: “لماذا تم ترسيم الحدود البحرية بهذه السرية والضبابية، رغم كونها قضية سيادة تتعلق بثروات البلد الحالية والمستقبلية، حيث تضم عشرات الآبار الغازية والحقول النفطية”، فيما أكد بالقول: “منطقتنا الاقتصادية مهددة بالمصادرة”.
وتابع أنه “تم جمع تواقيع 172 نائبا أي أكثر من نصف زائد واحد، لمطالبة الحكومة بإيداع قرار بطلان اتفاقية خور عبد الله في الأمم المتحدة إلا أن حزبي الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني وتقدم بزعامة محمد الحلبوسي طالبوا نوابهم بسحب تواقيعهم من هذا القرار”.
واستطرد: “لقد قمنا أيضا بإحالة وكيل وزير الخارجية الى القضاء بسبب تقديمه معلومات مضللة للحكومة والبرلمان حول إيداع قرار البطلان لدى الأمم المتحدة، حيث مرة يقول الإيداع قرار شكلي ومرة يقول رئيس الوزراء لم يوجهنا بذلك”، مؤكدا أن “وزير الخارجية العراقية ينتمي لجهة انفصالية لا تؤمن بالعراق الواحد”.
ونظم عدد من المواطنين وأعضاء في مجلس النواب العراقي، أمس السبت، تظاهرة في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، للمطالبة بعدم التفريط بـ”خور عبد الله” حيث وأعرب المتظاهرون، عن مساندتهم لقرار المحكمة الاتحادية العليا القاضي ببطلان اتفاقية خور عبد الله، فيما رفضوا في الوقت نفسه الطعن الذي تقدم به رئيسي الجمهورية والوزراء.
وكانت قد قضت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية قانون التصديق على الاتفاقية في 4 أيلول 2023، ليقدم رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في 15 نيسان الجاري، بطعنين منفصلين أمام المحكمة الاتحادية العليا في العراق على قرارها الذي أبطل تصديق الاتفاقية المتعلقة بتنظيم الملاحة في خور عبد الله بين الكويت والعراق، إلا أنه أؤجل البت في الدعوى حتى نهاية الشهر الجاري.
واتهم عدد من أعضاء البرلمان، رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، بالتدخل لعرقلة تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية القاضي بإلغاء اتفاقية خور عبد الله المبرمة مع الجانب الكويتي، وذلك استناداً إلى ما قالوا إنها وثيقة بحوزتهم.
وأعلن النواب عزمهم تقديم شكوى رسمية ضد رئيس الوزراء إلى الادعاء العام، على خلفية ما وصفوه بمخالفة قانونية لقرار صادر عن أعلى سلطة قضائية في البلاد.
وتعتبر مسائل ترسيم الحدود بين الكويت والعراق من مسائل مصيرية عبر التاريخ بالنسبة لكلا الطرفين، نظراً لما اكتنفها من تطورات تاريخية نالت طابع الشد والجذب، وساهمت فيها التجاذبات التي سادت علاقات البلدين الجارين، ووصلت هذه التجاذبات لذروتها في آب 1990 بالغزو العراقي للكويت، واستمرار آثاره من القضايا الثنائية العالقة حتى اليوم.
وكان القاضي والوزير السابق وائل عبد اللطيف، أكد في حينها أن “اتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت تشوبها مخالفات قانونية ودستورية جسيمة”، مشدداً على أن “قرار المحكمة الاتحادية بشأن الاتفاقية سليم بنسبة 100% ولا يمكن الطعن فيه، باعتباره قراراً باتاً وملزماً للجميع”.
وأكد الخبير بترسيم الحدود ومستشار وزير النقل السابق حسن العبادي، في تصريح سابق، أن “الحدود بعد العلامة 162، أهملت بالكامل، وفي وقت الحاكم المدني للعراق بول بريمر جرى حراك لترسميها، وقد تشجعت الكويت آنذاك لبدء المفاوضات مع العراق، لكنها كانت على قناعة بأن هذه المساحة البحرية قابلة للاستغلال بسبب تبدل الحكومات في العراق، فاتجهت إلى تعطيل المفاوضات”.
وأضاف أن “الكويت خلال السنوات الماضية، اتجهت إلى إنشاء جزيرتين اصطناعيتين قرب الخط الملاحي التجاري العراقي، وهو الخط الوحيد للعراق الذي تدخل منه السفن، وهذه أخطر جزر، لكونها تعتبر أراضي كويتية، وقد تمكنت الكويت من تسجيلها رسميا كجزر طبيعية في الخرائط الأدميرالية البريطانية وهذه كارثة”، مبينا أن “قانون البحار الدولي، اشترط أن تبتعد الجزيرة عن الساحل الكويتي، نصف مساحة البحري الإقليمي للدولة الساحلية المقابلة، وهذا ما تحقق بإحدى هذه الجزر، وجرى توسيعها وبناء برج مراقبة فيها على حساب العراق، وأصبحت الجزيرة تبعد عن ميناء البصرة 18 ميلا بحريا فقط”.
وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 833 لسنة 1993، فقد تم تقسيم خور عبد الله مناصفة بين العراق والكويت، فالحدود تبدأ من العلامة 107 إلى 110 وتمثل خط الساحل بين الجانبين، أي تكون المياه للعراق واليابسة للكويت، ومن النقطة 111 إلى 134 هو خور شيطانة، وتمثل خط التالوك لمجرى الينابيع العذبة، وبالتالي أصبح المجال البحري للعراق أكبر من مجال الجانب الكويتي، ومن النقطة 134 إلى 162 هو خور عبد الله، ويكون مناصفة بين العراق والكويت، أي الجزء الشمالي للعراق والجنوبي للكويت، فيما ترك القرار، ما بعد العلامة 162، ولم يرسمها، ورهن تحديدها بمفاوضات بين العراق والكويت.
يشار إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، زار الكويت مطلع 2023، وبحث هناك خلال زيارته التي استمرت لساعات عدة، التعاون بين البلدين وسبل تطوير العلاقات، دون التطرق لملف الحدود حسب البيانات الرسمية.
أقرأ ايضاً
- بالفيديو:تفاصيل زيارة ممثل السيد السيستاني الشيخ عبد المهدي الكربلائي الى العتبتين العسكرية والكاظمية ومرقد السيد محـمد
- العراق يرفض تقارير الانكماش الاقتصادي: متحصنون بالدولار
- في العراق.. عمال النظافة يعتمدون على دعم الناس للاستمرار