
متحف يعد الثاني من نوعه في العالم من ناحية النوع وقدم الصناعة يضم (4500) كاميرا ومعداتها، منها صنعت قبل (136) عاما، واخرى استخدمت في مركبة "ابولو" وصورت الفضاء، وغيرها تصور في اعماق البحار، وفيه الكاميرا "الخشبية" الاولى، وكاميرات "البوكس"، و"الفلودنك" التي تسمى "الاوركورديون"، وكاميرات "تجسس"، وكاميرات للاطفال، واخرى فورية كاميرات لها تاريخ طويل ووثقت قرون من التاريخ، وبعد (45) عاما من الانتظار فتحت العتبة الحسينية المقدسة الابواب وقدمت الدعم الكامل لصاحب الفكرة ومالك الكاميرات ليفتتح متحفا وطنيا عراقيا يضاهي افضل المتاحف المتخصصة بالعالم.
اول مكتشف
وقال المشرف العام على متحف الذاكرة البصرية الدكتور "خليل الطيار" في حديث مع وكالة نون الخبرية ان "هذا المتحف يؤسس لتفعيل الذاكرة البصرية، والمقصود بها ان للانسان عقل يفكر وعيون تبصر وهو اول من راقب كل شيء، بعد ان صنع الله فيه افضل ما يصنع للمخلوقات بعدما جعله يفكر ويبصر ويدرك الاشياء، لكن هذه الذاكرة بحاجة الى الاحتفاظ بها، لان ذاكرة الانسان تحتفظ بكل شيء لنفس الانسان فقط، وحتى يصدرها للآخر وليعبر عن محيطه وعالمه وافقه كان لابد من صناعة شيء يسجل هذه الذاكرة، ومن هنا بدأ التفكير في صناعة آلة تستطيع ان تحتفظ بالزمان والمكان وتوثق الحال، فكانت فكرة انتاج الكاميرا وهنا يعتقد خطأً ان اول من وضع اسس صناعة الكاميرا هم الغربيون، وهذا وهم كبير لان ثقافة وعلوم الاسلام كانت هي السباقة، واول من فكر في صناعة الكاميرا هو "الحسن بن الهيثم البصري" عام (664) في خيمته المعهودة حينما ابصر شعاعا من ثقب ما سقط على الجدار الثاني فتكونت له صورة، ومن هنا امسك بتلابيب هذه الفكرة واسماها آنذاك "القمرة"، ومنها وضع اسس في كتابه " المناظر" الذي شرح فيه العين البصرية وفند النظريات اليونانية التي قالت كيف تسقط الاشياء في العين بإشعاع ينطلق من الاشياء الى العين وليس العكس، وهذه الفكرة لصناعة آلة تحافظ على حبس الضوء كانت من نتاج الفكر العربي والاسلامي، ومنها سرق الآخرون هذه الفكرة ووضعوها موضع التنفيذ وانطلقت رحلة صناعة الكاميرا التي مرت بمراحل عدة، بدأت بامكانية لم تستطع الحافظ على الصورة لانه لم يكن هناك المعادلة الكيميائية التي تحفظها، وانتجت الصورة لكنها تبخرت بعد دقائق لان نترات الفضة تتأثر بالظل والضوء، ولغاية منتصف القرن الثامن عشر بدأت افكار الفنان والكيميائي الفرنسي "لويس داجير" بوضع نترات الفضة على الالواح وقبض على اول صورة من صانع الصور "جوزيف نيبس" في العام (1826) والذي استغرق تعريضها ثماني ساعات حتى اكمل تصوير صورة واحدة، لكنها بدت غير واضحة المعالم لوجود فقر في نقاء العدسات، ومن هذه الفكرة بتحسين الصورة والقبض عليها وعلى مساحتها بدأ مشروع التفكير العلمي بصناعة الكاميرا".
البداية مع الفنون
واضاف ان "السؤال الاهم لماذا ننشغل بالاحتفاء بهذه الكاميرا وهي آلة عبارة عن قطعة حديد، وانا باعتقادي وهذا المتحف يؤسس له اني لا اجمع كاميرا بوصفها آلة حديدية، انما كائنات تفكر وهي كاميرا صغيرة الحجم ولكنها كبيرة العطاء داخلها اسود وعينها مشعة هي التي صنعت (انسكلوبيديا) لذاكرة الانسان (اي موسوعة او قاموس مرشد للعلوم والفنون) فهي عيوننا المؤجلة والمرتحلة لما خلف الحجب، وهي التي رحلت الى البعيد وقربته مثل الفضاء، واسفل البحار، وعمق الصحراء، وقربت الحاضر للماضي وجاءت بالماضي للحاضر، وحركة ذاكرة الانسان وشاركته ولولاها لما استطعنا ان نعرف كثير من اسرار الله "عز وجل"، وشاركت الانسان في افراحه واحزانه وسجلت كل مراحل التاريخ، والآلة مجرد حابسة للضوء والذي يؤسس للصورة هو الانسان، والمصور الاول في سر الكون والخليقة هو الله، وهو القائل "وهو الذي يصوركم في الارحام"، " وصوركم فأحسن صوركم"، مشيرا بالقول" كنت اميل الى الفنون الجميلة ودرست السينما والفنون بشكل عام، لكني ارتبطت بالكاميرا عندما عملت مع صديقي المهندس البحري المرحوم "مؤيد الصالحي" الذي ارتبط بالكاميرا وجعلني اعشق الكاميرا، وبدأت صحفيا وكانت حاجتي للكاميرا لتوثيق الحدث، ومنه تعرفت على التصوير وعالمه، وتساءلت من الذي يبقي الحدث الواقعي عبر ورقة على نقوع الاوراق وعرفت انها الكاميرا ومنها هنا بدأت علاقتي السببية معها، وباشرت بدراسة كيفية اسقاط الضوء، واين يحبس بها، ومن يساعد على امرار الحزم وهي والسرع، والغالق، والشتر، وبدأت بفحص اجزائها لاكتشافي انها عالم بحد ذاته".
انواع الكاميرات
واوضح "الطيار ان "مسيرتي بدأت مع الذكرة البصرية بـ (3) كاميرات موجودة حاليا في المتحف، وعرفت الاختلاف بينهما وتولد عندي عشق جمع الانواع من الكاميرات، وستجد في هذا المتحف الكاميرا "الخشبية" الاولى، وكاميرات "البوكس"، و"الفلودنك" التي تسمى "الاوركورديون"، وكاميرات التصوير في الفضاء، والتصوير تحت الماء، وكاميرات "تجسس"، وكاميرات للاطفال، واخرى فورية، ثم انتقلت الكاميرات السينمائية بجميع انواعها (8 ــ 16 ــ 35) مليمتر، واخذت بتوسيع هذه الرؤيا لاني ابحث عن كل ما يتعلق بعالم "الاوبتكل البصري"، وهي المجاهر، والنواظير، وحتى الاجهزة والنواظير الطبية، ولان اول صناعة الكاميرا كانت شخصية على يد اشخاص يصعب الحصول عليها فان الله وفقني للحصول على اقدم كاميرا صنعت في العام (1889) اي عمرها (136) عاما، ومنها بدأت اجمع الكاميرات حسب تاريخ صنعها من الكاميرات الخشبية الى عالم الديجيتل".
الاف الانواع
وبين ان "المتحف حاليا يعد ثاني افضل متحف من حيث اعداد الكاميرات ومقتنيات التصوير المعروضة فيه، بعد متحف "سيدني" في استراليا التي تمتلك اكبر متحف للكاميرات ويبلغ عددها اكثر من (10) الاف قطعة، اقتناها مجموعة من الافراد الهواة وعرضوها تحت سقف، لكني استطعت بمفردي من امتلاك (4500) قطعة من نفقتي الخاصة ليكون في العراق ثاني اكبر متحف كاميرات في العالم بعد متحف "سيدني"، وحاليا اسس متحف في تركيا يمتلك (2500) كاميرا، وعندما كنت املك (1500) كاميرا نظمت معارض عدة واطلع عليها الكثير من المسؤولين، وانا صديق لثلاث وزراء ثقافة في العراق، وكل منهم كان يحلم ان يضع هذه المقتنيات تحت سقف متحف دائمي، وطرقت كل الابواب بحكم عملي كوكيل وزير لهيئة الاعلام والاتصالات السابق، ومنذ (45) عاما وانا احلم بعرض تلك المقتنيات في متحف عراقي خالص رغم العروض المغرية التي قدمت لي من جهات عدة، الا ان وصلت الى مرحلة اليأس والملل وبدأت اشعر ان هذه الثروة ستموت بصناديقها المخزنة فيها، الى ان قدحت فكرة من احد الزملاء في قسم الاعلام بالعتبة الحسينية المقدسة بطرح الامر على المتولي الشرعي، لكني كنت اقول في داخلي ما علاقة العتبة الحسينية وهي المؤسسة الدينية التي تهتم بالمشاريع الخدمية الطبية والتعليمية والانسانية بمشروعي، وبناء عليه قدمت طلبا من سطرين الى الشيخ "عبد المهدي الكربلائي"، واذا بي اتلقى ردا منه لا نظير له، ووجدت نفسي امام شخص يلم بقيمة الماضي ويحرص على الحفاظ عليه وسخر جميع امكانيات العتبة الحسينية لوضع هذه الثروة تحت سقف متحف دائمي ونحن اليوم نقف في بركات هذا التوجيه المبارك، ونسعى من خلال اقامة هذا المتحف الى الاحتفاظ بهذه الثروة العظيمة التي لا تقدر بثمن لان لكل قطعة قصة وعشق معين، وخصصت لي قاعتان في مدينة سيد الاوصياء الاولى بمساحة (320) متر مربع تعرض فيها الكاميرات والمقتنيات الملحقة بها، وفي الطبقة الثانية تعرض مخرجات الكاميرات وما وثقته من صور، لتتعرف الاجيال الحالية على ماضيها وتستشعر حاضرها وتستشرف مستقبلها عبر معرض الذاكرة البصرية، وسيصبح هذا المتحف معلما ثقافيا، ومعرفيا، وتاريخيا".
مركبة "ابولو" الفضائية
ولفت الى ان" المتحف بجهود العتبة الحسينية المقدسة والذي قررت في نفسي ان يكون ملكا للامام الحسين (عليه السلام)، والذي وثقت عدد من الكاميرات الموجودة فيها قصة الحسين وشعائرها، ستعرض فيه صور عن تاريخ كربلاء الصورية من العام (1885) منذ توقيت الرحالة لها، الى وقتنا الحالي الذي اصبحت فيه منارة مشعة وصارت معنى وليس اسما لمدينة، وبحكم عملي الوظيفي سافرت الى كثير من الدول وكنت اقصد اسواق الكاميرات والانتيكات لاقتني الكاميرات القديمة، واكثر مدينة اشتريت منها كاميرات قديمة هي العاصمة المصرية القاهرة وتحديدا في شارع المعز الذي تتوفر فيه ثروة من الكاميرات كونها مدينة اسسا للسينما ومدينة تمتلك حضارة، كما حصلت على كثير من المقتنيات من العراق الذي تعود حضاراته الى الاف السنين وهي مقصد للسائحين، واول الشركات التي تبيع الكاميرات اسست في العراق، واغلى كاميرا اقتنيتها هي واحدة من اندر الكاميرات في العالم اسمها (Hasselblad) استخدمت في تصوير المركبة الفضائية "أبولو" وفيها عدسة مقاومة للحرارة واشعة الشمس والرطوبة والانجماد وما زلت اغلفها بكيس من النايلون حرصا عليها من الاتربة، ويبلغ سعرها حاليا (16) الف دولار، وجميع المعروضات في المتحف صناعاتها نادرة ولا تقدر بقيمتها الصناعية، وفي احيان كثيرة اضطررت الى الاقتراض وبيع الحلي الذهبية لزوجتي لأشتري الكاميرات ومعداتها القديمة، وما يؤلمني هو ذلك الصندوق في القاعة الذي يضم اثمن ما امتلكه في المتحف ويجمع كاميرات ومعدات احترقت بحادث بعد سقوط النظام المباد خلال المعارك التي حصلت بين قوات الاحتلال الاميركية ومن قاومهم وتسبب احدى الاطلاقات من نوع "الحارق الخارق" لمحلي "استوديو العراق" في شارع العباس (عليه السلام) واحرق المحل بالكامل ومنها جزء من افضل مقتنياتي، وهي قصة موثقة في الامم المتحدة و"اليونيسكو"، وستعرض محروقة في المتحف لتوثق ذاكرة ذلك الزمان".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- في موسمها الدراسي الاول.. اعدادية الثقلين المهنية للبنات في كربلاء .. منهاج تربوي بطراز جامعي
- ممثل السيد السيستاني يطلع على اخر الإنجازات داخل مطار كربلاء الدولي (فيديو)
- بمشاركة (14) اعدادية مهنية.. العتبة الحسينية تقيم الملتقى والمعرض السنوي الاول لدعم التعليم المهني