
بقلم: القاضي حبيب إبراهيم حمادة
الشاطئ او ما يعرف بالخط الساحلي هو شريط ضيق من الأرض يحد مسطحا مائيا كالمحيط او البحيرة او البحر او النهر، وهو فاصل بين المسطحات المائية واليابسة، ويتكون عادة من مزيج من الرمل والحصى والتي تترسبها الأمواج من المحيط، وتحتوي تلك الترسبات على قطع متنوعة من الاصداف او الاعشاب البحرية او الكائنات البحرية الصغيرة، كما تعرف بانها شكل من اشكال الارض يقع الى جانب مسطح مائي ويتكون من جزئيات فضفاضة من الرمل والحصى وتحتوي على اصداف الرخويات او الطحالب المرجانية، وتكون على انواع متعددة منها الرملية والطينية والصخرية والمتجمدة والاستوائية.
وللشواطئ او البيئة الساحلية اهمية قصوى في مختلف النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياحية والثقافية للدولة الامر الذي يوجب الاعتناء بها والحيلولة دون الاضرار بها من خلال توفير الحماية القانونية لها وعلى النطاقين الدولي والداخلي من اجل المحافظة على التوازن البيئي في اطار التنمية المستدامة وضمن اطار تحقيق التوازن بين الانشطة الاقتصادية او الاجتماعية او السياحية والحفاظ على مكونات البيئة الساحلية والغطاء النباتي لها.
وقد عرف المشرع العراقي بموجب احكام المادة (١) من قانون استغلال الشواطئ رقم ٥٩ لسنة ١٩٨٧ المعدل بالقانون رقم ٧ لسنة ١٩٩٠، النهر بانه (مجرى مائي طبيعي له منبع ومصب، مصدر مياهه من العيون او المياه الجوفية او البحيرات....)، والرافد بانه (مجرى مائي طبيعي يصب في النهر الرئيسي، مصادر مياهه هي كمصادر النهر الرئيسي...)، كما عرف الجزيرة كونها (الارض الواقعة داخل مجرى النهر او الرافد المرتفعة من جميع جوانبها بمياهه وقد تغمر بالمياه او لا تغمر) أما الجرف فهو (حافة النهر او الرافد المرتفعة التي لا تتعرض للانغمار بالمناسيب العالية)، اضافة الى تعاريف اخرى لحوض النهر وحوض البحيرة والخزان والسداد النظامية وخط الانغمار الاعلى وشاطئ النهر شاطئ البحيرة او الخزان او المحرم.
وتتمثل الحماية القانونية للشواطئ في التشريع العراقي بالحماية الادارية من جهة والحماية الجزائية من جهة اخرى، وقدر تعلق الامر بالحماية الادارية للشواطئ فانها توجب عدم استغلال اراضي الشواطئ الا بموافقة الجهات الادارية المختصة، لذا فان الترخيص الاداري او الاذن المسبق من تلك الجهة هي الشرط الواجب توافره للاستغلال، اذ ورد النص صراحة في المادة (٣) من قانون استغلال الشواطئ على انه (لا يجوز استغلال اي ارض مشمولة باحكام هذا القانون بالزراعة او الغرس او انشاء بناء او مشروع فيها الا بموافقة وزارة الري ووزارة الزراعة)، كما تبرز الحماية الادارية للشواطئ بقيد الحظر او المنع اذ منع المشرع العراقي وبموجب أحكام المادة (٤) من القانون المذكور من استغلال أراضي الشواطئ إلا وفقا للاستعمالات المشار اليها فيه، إلا أن المشرع العراقي وبموجب أحكام المادة (١) من قانون تعديل قانون استغلال الشواطئ رقم ٧ لسنة ١٩٩٠ قذ اجاز استغلال أراضي الشواطئ بإنشاء البساتين والأبنية والمشاريع الأخرى على جانبي النهر وأمام السدة النظامية او خلفها بما لا يؤثر على انسيابية مجرى النهر وتلوثه. ويعد الترخيص او الحظر من القرارات الإدارية الواجب توافر أركانها وتكون قابلة للطع فيها امام محاكم القضاء الإداري في حالة توافر احد اسباب الطعن فيها.
اما عن الحماية الجزائية للشواطئ، فإنها تتمثل بالنصوص العقابية الواردة في قانون استغلال الشواطئ او القوانين العقابية الاخرى، اذ ورد النص في المادة (٦) من القانون المشار اليه اعلاه على ان ( اولا: يعاقب المخالف لاحكام هذا القانون بغرامة لاتقل عن مائة دينار ولا تزيد على خمسمائة دينار.
ثانيا: وتكون العقوبة الحبس مدة لاتزيد على سنة وبغرامة لاتقل عن ثلاثمائة دينار ولاتزيد على الف دينار او باحداهما اذا ارتكب الفعل المخالف لهذا القانون بعد صدور حكم بات بإدانته ومعاقبته عن مخالفته الاولى). وتطبيقا لأحكام المادة(٨) من القانون ذاته فان التقرير المقدم من قبل الموظف المختص في دائرة الري المؤيد بشهادته انما يعد دليلا كافيا لإثبات المخالفة لاحكام القانون مالم يتوفر دليل قاطع بخلاف ذلك. إضافة الى ذلك فان القرارات والأحكام الصادرة بحق المخالفين لاحكام القانون انما تخضع لطرق الطعن المقررة قانونا تطبيقا لاحكام المادة (٩) من القانون المذكور.
والملاحظ بان النصوص العقابية المشار اليها اعلاه يمكن تحقق الغاية منها في الردع والإصلاح بوقتها الا انها لم تعد كذلك في الوقت الحاضر سيما ان قانون استغلال الشواطئ قد تم تشريعه منذ مدة طويلة ولم تعد العقوبات الواردة فيه مناسبة للردع والحيلولة دون ارتكاب المخالفات المذكورة فيه بحيث اصبح استغلال ضفاف شواطئ دجلة والفرات في بغداد او المحافظات المارة فيها بشكل عشوائي وغير منظم او بدون الحصول على اذن او اجازة الجهات الادارية المختصة في البناء او اقامة المنشآت فيها، وللحفاظ على تلك الضفاف واستعمالها بشكل يحافظ على جماليتها والحصول على موارد مالية من استغلالها، فان الامر يوجب على مجلس النواب في العراق تشريع قانون جديد لاستغلال الشواطئ ببيان مفصل لإجراءات ذلك الاستغلال مع فرض العقوبات المقيدة للحرية والمالية المناسبة بحق المخالفين لأحكامه.
أقرأ ايضاً
- تأثير التحول الرقمي على الجريمة المنظمة: التحديات القانونية الواجب مواجهتها
- مكاتب الاعلان والمطابع والحماية القانونية
- الأطر القانونية للذكاء الاصطناعي