
من دورات لايام محدودة الى (8) معاهد تخصصية افتتحها العتبة الحسينية المقدسة في سبع محافظات تقدم خدماتها لشريحة المكفوفين من عمر اربع سنوات في رياض الاطفال الى عمر (55) عاما في محو الامية، بعد ان خرجت (850) مدرس متخصص لهم من حملة شهادة البكالوريوس.
وقال مسؤول معاهد المكفوفين في العتبة الحسينية المقدسة "عامر هاشم حبيب" في تصريح لوكالة نون الخبرية ان "الخطوة الاولى كانت في العام (2015) عندما اوعز المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ "عبد المهدي الكربلائي" باطلاق دورات تدريبية لشريحة المكفوفين في جميع المحافظات العراقية، وكان في كربلاء اربع مكفوفين من الذكور والاناث، وتوالت الدورات حتى طلب طفل صغير عمره (10) سنوات في احد الايام حيث كان المتولي الشرعي يوزع شهادات التخرج من الدورة التدريبية بأن تكون له مدرسة يداوم بها مثل الاطفال الاصحاء الباقين، وكان لهذا الطلب أثرا كبيرا تمخض عن افتتاح مدرسة لشريحة المكفوفين في كربلاء المقدسة، ومنها بحثنا عن مؤسسات تعنى بشريحة المكفوفين للاستفادة من تجاربهم، وكان لنا تعاون مع معهد النور في بغداد لتنظيم دورات تخرج ملاكات عاملة بهذا التخصص، كما تعاونا مع منظمة "برايل" التي يقودها الدكتور صادق المالكي فأقيمت درات لتعلم هذه اللغة وبإشرافه، ثم اتجهنا الى كلية التربية الخاصة في جامعة بابل، وبالفعل خضعت ملاكات من حملة الشهادات في العتبة الحسينية لدورات مكثفة في طريقة الكتابة "برايل"، والحاسوب الناطق، والسير والسلوك، وبعد جهوزية المبنى والملاكات التعليمية اصبح الامر يتعلق بقبول التلاميذ، فتوجهنا الى مديرية تربية كربلاء المقدسة لتزويدنا باعداد الطلبة المكفوفين لديها من الصف الاول الى الخامس الابتدائي، وكانت الاعداد التي زودنا بها قليلة، فتوجهنا الى مديرية العمل والشؤون الاجتماعية في كربلاء المقدسة لمعرفة عدد المستفيدين المسجلين لديها فقط، وقد فوجئنا بان (1204) مسجل في كربلاء المقدسة يضم جميع انواع الإعاقة من ذوي الاحتياجات الخاصة مثل المصابين الشلل، وفاقدي البصر والسمع".
واضاف ان "العمل بدأ باستقبال (30) تلميذ من عمر (6 ــ10) سنوات، لان الصف الواحد يجب ان لا يتعدى عدد تلاميذه (10) اطفال فقط، لتوفير الهدوء في الصف ولكي يستطيع المعلم او المعلمة ان يأخذ وقته الكافي لتعليم الطلبة كلا على انفراد كونهم يعتمدون على السمع، كما ان وزارة التربية تشترط ان يكتب الاستاذ نيابة عن التلميذ، لذلك فإن وصول الطلبة من الصف الاول الى الخامس يتطلب توفير مئة معلم يكتب لمئة طالب وتصبح العملية صعبة، بينما اذا كان عددهم (30) فالعملية مسيطر عليها، واستحصلنا الموافقات الرسمية من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لافتتاح هذا المعهد الذي سمي "معهد" وليس مدرسة ابتدائية" لان فيه اعمال ثانوية ونشاطات لا "صفية" مثل السير والسلوك، وبرنامج الحاسوب الناطق، والسير مع الكفيف المبصر، والطعام ، والورش، والاعمال اليدوية، فافتتحنا معهد للدراسة الابتدائية تدرس فيها مناهج الوزارة كاملة عن طريق تحويلها الى طريقة "برايل" اللمسية، وشرعنا بالصف الاول الابتدائي، وسمي المعهد "معهد الامام الحسين" ثم اصبح "نور الامام الحسين"، كون المؤسسات والمنظمات العالمية تعتمد كلمة "النور" لفاقدي البصر، و"الامل" لفاقدي السمع، و"التوحد" لمتلازمة داون والمتأخرين بالنطق"، و"الحنان" لفاقدي العقل".
واوضح ان "العمل الآخر الذي باشرنا فيه هو المعالجة لشريحة المكفوفين لمن تجاوزت اعمارهم (10) سنوات، ممن فاتهم الانتظام في الدراسة، وهذا هو المعهد الاهلي الاول والوحيد في العراق وكربلاء المقدسة، فافتتحنا صف لتعليم اليافعين من عمر (10 ــ 12) سنة، كما افتتحنا صفا للتعليم المسرع لمن هم في عمر (12 ــ 18) سنة، وصف لمحو الامية من عمر (15 ــ 55) سنة، ومنها بدأ المعهد يستقبل جميع الاعمار من شريحة المكفوفين من فاقدي البصر وضعف البصر الشديد من كلا الجنسين، ويتم قبول التلاميذ عن طريق الرقعة الجغرافية لاقرب مركز صحي ولجنة الصحة المدرسية التي تحيل المكفوف الى المعهد، وبعد اعوام عدة من النجاحات التي تحققت، قدم اهالي محافظة المثنى طلبا الى المتولي الشرعي للعتبة الحسينية لافتتاح معهد في محافظتهم، كون فيها اعداد من فاقدي البصر، وحسب ما روي لنا ان هناك منطقة فيها تسمى "العين" يكثر فيها فاقدي البصر، كما وردت طلبات اخرى من محافظات عدة، فأوعز المتولي الشرعي بافتتاح (14) معهد للمكفوفين في المحافظات على عدد الائمة المعصومين، وكان اول معهد في كربلاء والثاني معهد "نور الامام الحسن" في محافظة المثنى في العام (2018)، وفي العام (2023) افتتحت (3) معاهد هي معهد "نور الامام الباقر" في ذي قار، ومعهد "نور الامام السجاد" في بابل، و"معهد نور الامام الصادق" في طوز خرماتو بمحافظة صلاح الدين، ثم افتتح "معهد نور الامام الرضا" في ديالى، و"معهد نور الامام الكاظم" في جانب الرصافة من بغداد في العام (2024)، واخيرا افتتحت "ثانوية نور الامام علي بن ابي طالب" في كربلاء وهي اول ثانوية تفتتح في العراق ودراستها اوسع من المعاهد التي تدرس الابتدائية، ومنها اصبح للعتبة الحسينية المقدسة (7) معاهد وثانوية واحدة في (7) محافظات عراقية".
واشار الى ان "العتبة الحسينية كان لها الريادة في افتتاح اول روضة للمكفوفين في العراق وسميت بـ "روضة النور" في محافظة كربلاء المقدسة، وتستقبل المكفوفين من عمر (4 ــ 6) حتى تأهلهم للدخول الى الابتدائية، كون اغلب العائلات لا تعرف كيف تتعامل مع الكفيف، حيث تعمد الكثير من العائلات الى تفريغ الغرفة التي يوضع بها الطفل الكفيف من الاثاث لتلافي اصطدامه بها او تعثره، وعزلته قد تصبه بالتوحد او التخلف العقلي، ونحتاج الى تدريب الاهالي على التعامل مع ابنائهم المكفوفين، لذلك اشترطنا دخول ام الطفل الى الصف ومعايشتها لاجواء الدراسة لكي تتعلم، وما ثبت لدينا ان حوالي (30) بالمئة من الازواج الذين ينجبون اطفال مكفوفين ينفصلون عن الزوجات بالطلاق لظنهم انها هي السبب الذي سيجعل الناس تبتعد عن مصاهرته او الزواج من ابنائه"، مبينا ان" العراق لا توجد فيه جامعات او معاهد تخرج معلمين او مدرسين للمكفوفين، ونحن ملزمون بمناهج وزارة التربية، لذلك لجأنا الى تدريب ملاكات باختصاصات تعليم المكفوفين عبر دورات تدريبية بدورة اولى لمدة (16) يوما على التعامل بطريقة "برايل" اللمسية، وطرائق التدريس الخاصة بشريحة المكفوفين، واستعمال الحاسوب الناطق، والسير للمكفوف بمفرده على العصا او مرافق مبصر والسلوك في التعامل مع المجتمع، ومنها تعليمه على الاكل بطريقة "عقارب الساعة" حيث يوزع الطعام والماء على امكنة عقارب الساعة ويحفظها ليتناولها بطريقة حضارية، ومنذ العام (2015) لغاية العام الجاري (2025) تمكنا من تدريب اكثر من (850) حامل شهادة بكالوريوس في المعاهد الموزعة في المحافظات، كما وجه المتولي الشرعي للعتبة الحسينية لتعيين فاقد البصر من حملة الشهادات بمختلف التخصصات دون شرط وقيد، لتكون مأوى لهم وحافز للطلبة المكفوفين".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- بدعم كبير من العتبة الحسينية.. متحف "الذاكرة البصرية" سيفتتح في كربلاء بـ(4500) كاميرا قديمة ومعداتها(مصور)
- بمشاركة (14) اعدادية مهنية.. العتبة الحسينية تقيم الملتقى والمعرض السنوي الاول لدعم التعليم المهني
- فقدوا أمهم وأباهم في شهرين.. ثلاث ايتام رعتهم العتبة الحسينية.. اصغرهم صار لاعب كرة قدم موهوب