
معروف عن العراق بطبعه الكريم المبادر لتقديم المساعدات لدول الجوار وغيرها، لكن المثل المصري يقول (ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع)، هكذا يُعبّر مراقبون عن امتعاضهم من استمرار الحكومة العراقية بـ"التبرع بمقدرات الشعب".
ويؤكد المراقبون، أن بعض المحافظات لا تزال تحت خط الفقر، وتعاني من نقص كبير في البنى التحتية، في وقت يشكو الكثير من المواطنين من قلة الخدمات وفرص العمل، فيما تتزامن تلك المساعدات بإعلان الحكومة وجود عجز مالي في الموازنة نتيجة انخفاض أسعار النفط.
امتعاض نيابي
ويقول عضو لجنة الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم في مجلس النواب، جواد اليساري، إن "الحكومة العراقية تصرح بوجود عجز مالي في الموازنة، لكنها في الوقت نفسه يلاحظ أنها تقوم بإرسال مساعدات لبعض الدول، وكان من الأولى الالتفات إلى شعبها الذي يعاني من قلة فرص العمل والأدوية والخدمات عموماً".
ويضيف اليساري، أن "بعض المحافظات العراقية تحت خط الفقر، وسكانها يعاني، لذلك هم أحق بهذه المساعدات من الدول الأخرى، فمن غير المقبول إكرام الغير وإهمال أبناء الوطن الذين هم تحت مسؤولية الحكومة".
ويؤكد، أن "بعض النواب يرفضون هذا التوجه الحكومي ويعلنون اعتراضهم في بيانات، ويطالبون من الحكومة تقديم المساعدات والتبرعات إلى الشعب، لكن لا يؤخذ بهذه الاعتراضات من قبل الحكومة التنفيذية، لذلك سيكون هناك موقف نيابي جديد بهذا الخصوص في الأيام المقبلة".
حاجة داخلية
من جهته، يقول رئيس مركز بغداد للدراسات الاستراتيجية، مناف الموسوي، إن "العراق يعاني من نقص كبير في الكثير من القضايا، فهو أحوج أن تكون هناك تبرعات له لإعادة البنى التحتية وتطوير منظومة الكهرباء وإعادة المصانع وتحسين الإنتاج الوطني من المحاصيل الزراعية وغير ذلك".
ويضيف الموسوي، أن "التبرع الذي تقوم به الحكومة من غير المعلوم إن كان من الفائض، وإذا كان من الفائض لماذا لا يتم استخدام هذه الأموال داخل البلاد بدل الضغط على الموظفين والمواطنين، حيث هناك تبرع شبه إجباري عليهم".
ويؤكد، أن "الكثير من المواطنين يقومون بالتبرع من أنفسهم وإرسال المساعدات إلى الدول المتضررة كما حصل في لبنان وغزة، لكن ليس بإجبار حكومي، صحيح العراق بطبعه كريم، لكن هناك مثل مصري يقول (ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع)".
ويرى، أن "هناك ازدواجية حكومية في هذا التعامل، ففي وقت تمارس الحكومة الكتمان على حجم المساعدات التي ترسلها، حيث إن معظم تلك المساعدات لا يُعلن عنها بل يتم إرسالها بالكتمان، تطلب الحكومة التبرع للمدارس لإكمال النقوصات فيها، بداعي عدم القدرة على شراء رحلات وسبورات وغير ذلك من مستلزمات المدارس".
مخاطر سياسة التبرع
بدوره، يرى الباحث في الشأن الدولي والإقليمي، علي الناصر، أن "طلب الحكومة العراقية بحملة تبرع للمدارس لم توفق فيه، لأنه من المفترض أن تكون الصادرات والأموال العراقية للداخل لا تذهب كتبرعات إلى الخارج ليستفيد منها الشعب العراقي قبل باقي الدول التي لا تحاول حتى أن تكون لها كلمة في نصرة العراق".
لكن رغم ذلك، يضيف الناصر، أن "الحكومة العراقية مستمرة بالتبرع بمقدرات الشعب العراقي، على سبيل المثال النفط إلى الأردن والحنطة إلى سوريا، والعديد من التبرعات الأخرى ليست لدول الجوار فقط، وإنما حتى لدول أبعد".
ويؤكد، أن "هذه المساعدات تأتي في وقت والاقتصاد العراقي يمر بفترة انخفاض كبير حيث يعاني من الركود بسبب السياسة الاقتصادية التي لم تنجح طيلة الفترات الماضية، والأوضاع المربكة على سوق وصادرات النفط العراقي نتيجة انخفاض أسعار النفط".
ويوضح، أن "نتيجة الانخفاض الحالي في أسعار النفط، باتت إيراداته تغطي رواتب الموظفين فقط دون التكاليف الاستثمارية رغم الحاجة إليها للنهوض بواقع الاقتصاد العراقي، حيث إن العراق بحاجة إلى إعادة المصانع والمعامل وبناء البنى التحتية".
ويعزو الناصر تبرع العراق للدول، إلى أن "العراق يتعرض لضغوطات كبيرة منذ فترات ماضية ومستمرة لحد الآن، وأن هذه الضغوطات هي ما تُجبر العراق على التبرع لهذه الدول، لكن تقوية الروابط مع الدول الأخرى بهكذا سياسات اقتصادية غير جيد، وسيعرّض العراق لمنحدر حاد وانزلاق خطير في الوضع الاقتصادي العراقي".
المصدر: شفق نيوز
أقرأ ايضاً
- في العراق.. عمال النظافة يعتمدون على دعم الناس للاستمرار
- المالية النيابية تستبعد تعديل سعر برميل النفط
- النفط وموازنة العراق.. أزمة "معقدة" والحلول "محدودة"