
تمكنت وزارة الداخلية من خلال توفيرها لعدد من المصحات النفسية الموزعة في مختلف المحافظات العراقية من انتشال مئات الشباب المغرر بهم ممن تحولوا الى ضحية الادمان على المخدرات، وعبر برامج واساليب ومعايير نموذجية وفرتها الوزارة في تلك المصحات حولت هؤلاء الضحايا الى اشخاص اسوياء يمارسون الرياضة ويتعلمون مهن مختلفة حسب ميولهم، ويتلقون محاضرات تنموية وتثقيفية ودينية، وفتحت لهم ورش واقيمت لهم معارض لمنتجاتهم، حتى صاروا مؤهلين للاندماج مع المجتمع واصحاء ليعودوا الى حياتهم وعائلاتهم سالمين.
معايير نموذجية
وقال مدير مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في محافظة كربلاء المقدسة العميد المهندس الحقوقي "مثنى ناظم علي الزبيدي" في حديث مع وكالة نون الخبرية ان" الوزارة افتتحت مجموعة من المصحات النفسية لعلاج المدمنين على المخدرات كونهم ضحايا ومنها في كربلاء المقدسة، وادخلنا منتسبينا العاملين فيها بدورات خاصة للتعامل مع النزلاء بطريقة تساعدهم على الشفاء، ووفرنا مركز صحي داخل المصحة يعمل به طبيب بتخصص الطب العام، و(3) اطباء نفسيين، وطبيب اسنان"، موضحا ان" وجود طبيب الاسنان مهم جدا لان المتعاطي يعاني من تهشم وهشاشة الاسنان، وكذلك وفرنا مختبر وصيدلية متكاملة، وعيادات ضماد واسعافات اولية، وسيارة اسعاف خاصة بالمصحة لنقل الحالات المرضية التي لا يمكن علاجها داخل المركز، ووفرنا باحثين نفسيين من منتسبي الوزارة الحاصلين على شهادات في علم النفس والاجتماع وادخلنا المنتسبين في دورات علمية وعملية اضافية لزيادة خبراتهم، واستقطبا (4) من طلبة الحوزة العلمية ادخلوا في دورات خاصة للتعامل مع النزلاء وكيفية ايصال المعلومات لهم في المحاضرات التي يلقونها عليهم، وادخلنا منتسبينا في دورة خاصة عن كيفية التعامل مع النزيل دون ان يشعر بهم النزيل انهم من جهة امنية ويرتدون الزي المدني خلال عملهم، والعمل بمنهج الوزارة الذي يشدد على التعامل الانساني".
برنامج التأهيل
واضاف ان" برنامج التأهيل مكثف جدا ويمتد لمدة (15) ساعة يوميا من الساعة السابعة صباحا الى العاشرة ليلا، ويتضمن ممارسة الرياضة الصباحية المكثفة التي باتوا يحبونها، ثم وجبة الافطار الصباحي، وبعدها المحاضرات التنموية، والاجتماعية، والمعرفة السلوكية، ومناهج نفسية، ومن ثم ساعة "لا منهجية"، تتضمن عرض فلم وثائقي عن الطموح، او الامل، والتفاؤل، او العزيمة والاصرار، وهي مجموعة من الافلام تعيد بناء شخصياتهم، وتقام الظهر صلاة الجماعة في المصحة التي يشارك بها النزلاء بامامة احد طلبة الحوزة العلمية، واطلقت عليهم تسمية "اصدقاء المستقبل" لانهم صاروا يشعروا باننا نأخذهم الى بر الامان، كونهم امانة في اعناقنا ولن نسمح بأي تصرف فيه تعنيف او توبيخ للنزيل، ومن بعد الصلاة ينتقلون الى القاعة الرياضية المخصصة للعب رياضة تنس الطاولة، او "الفيشة"، او الدراجة الثابتة، وباقي الالعاب المتوفرة لهم، وفي برامج تأهيلهم ساعة ثانية لا منهجية يقرأون فيها بعد ان زودتنا العتبة الحسينية المقدسة بمجموعة من الكتب التي توافق رغباتهم من القصص والروايات، ووفرنا مجموعة اخرى من جهات عدة، ووفرنا لهم الورق والاقلام للرسم والملابس خاصة لمن لا يزوره احد في المصحة من اهله او معارفه، واقمنا لهم معرض لمنتجاتهم من الرسم والتحف التي صنعوها بأيديهم، وزارت المعرض جهات عدة ومنها العتب الحسينية المقدسة واعجبوا بما صنعه النزلاء، كما قدم النزلاء مسرحية كاملة من تأليفهم واخراجهم وتمثيلهم، بعد ان اعددنا لهم المكان المناسب، وتمحورت فكرتها حول موضوعة انهم ضحية ومظلومين، وكان لتفعيل المحاكم المختصة للمادة (39) التي تعطي للمحكمة بعد اطلاعها على ملف المتهم وتاريخه الجنائي واسلوبه والمادة المضبوطة معه خلال القاء القبض عليه والمادة التي يتعاطاها، صلاحية ايداعه في المصحة النفسية لاعادة تأهيله، بدل ارسال الى التسفيرات والسجن لان الحكم الصادر عليه يكون من شهر الى (3) أشهر فيمكن ان يتعالج من التعاطي".
ورش تعليم المهن
وذكر "الزبيدي" ان" المصحة فتحت بها ورش لتعلم المهن مثل ورشة الحدادة حيث تمكن احدهم الذي يتقن مهنة الحدادة من تدريب (10) آخرين معه وقاموا بصناعة مجموعة من الابواب والشبابيك للمصحة من الدرجة الاولى، واصبح لدينا (15 ــ 20) حداد ماهر، واختير من هم باعمار شبابية صغيرة الذين لديهم الرغبة في اكتساب الخبرات وادخلناهم في دورات تعلم الحلاقة، وتخرج منها (10) حلاقين، وكذلك ادخلنا مجموعة اخرى منهم في ورش تعليم مهنة النجارة، واصبح (5 ــ 6) نجارين ماهرين، وجميع هؤلاء يمكنهم بعد انتهاء مدة تأهيلهم في المصحة الخروج والعمل بهذه المهن، وكذلك دربنا مجموعات اخرى على تصليح كهربائيات السيارات او مصلح سيارات "فيتر"، ولمسنا من اقامة الورش حب النزلاء لها والاستمرار بالعمل فيها لانهم يريدون ان يثبتوا شخصياتهم واهميتهم في المجتمع وانهم منتجين لا عاطلين وعالة على عائلاتهم، كما ادخلنا الكثير منهم في دورات "محو الامية" خاصة لمن لا يعرف القراءة والكتابة او ممن ترك الدراسة من سنين طوال واصبح ضعيف في القراءة والكتابة، بالتعاون مع وزرة التربية التي خصصت لنا ملاك يدرسهم ويعلمهم، وقبل ذلك تكفل بالمهمة الباحثين الاجتماعيين من منتسبي الوزارة بتعليمهم، ودخل حوالي (40) نزيل الى دورة محو الامية واصبح الآن (20) منهم يقرأون ويكتبون والباقي في طريقهم الى التعلم، كما منحناهم مساحة دونم في المصحة ودعوناهم الى زراعتها بعد توفير مستلزمات الزراعة فقاموا بالفعل بزراعتها بالباميا والخضراوات وعدد من الاشجار، وحولناهم الى منتجين كون الزراعة فيها تدفق نفسي وتعطي للمزارع احساس بالفخر والانتاج، وتمكنا في العام الماضي (2024) من تأهيل (328) نزيل كان مدمنا على المخدرات واصبح انسانا سويا، وما زالوا يتواصلون معنا ولم يعودوا الى الادمان، واشرت عندنا حالتين فقط هم قيد المراقبة الآن".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- بعد تعافيه من الادمان.. احد ضحايا المخدرات: كنت ارى أبي وأمي من ألد اعدائي
- في مصحة وفرتها وزارة الداخلية.. متعافي من المخدرات: صديق السوء ورطني بالإدمان وكدت اخسر اهلي وحياتي
- العيون شاخصة نحو "المحكمة".. مياه "خور عبد الله" تعيد السجال بين العراق والكويت