- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مقارنة بين تحالف العبادي 2018 وتحالف السوداني 2025

بقلم: علي مبارك
مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في العراق، تتسارع التحركات السياسية لإعادة تشكيل التحالفات استعدادًا لخوض غمار السباق الانتخابي. وكما هي العادة في النظام السياسي العراقي بعد عام 2003، لا تخلو الانتخابات من تحالفات تحمل بصمة رئيس الوزراء الحالي أو السابق. ففي عام 2018، أطلق رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي تحالفه الانتخابي “تحالف النصر”، في حين أعلن رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني مؤخرًا عن تشكيل “ائتلاف الإعمار والتنمية” للمشاركة في انتخابات 2025. هذا التوازي يفتح الباب لمقارنة دقيقة بين التجربتين من حيث المكونات، الأهداف، ودلالات التسمية، والتوقعات الانتخابية.
أولًا: مكونات التحالفين
تحالف النصر عام 2018 جاء بتركيبة سياسية متوازنة جمعت تيارات شيعية وسنية مختلفة، من بينها كتلة الفضيلة، وتيار الإصلاح بقيادة إبراهيم الجعفري، ومستقلون بقيادة حسين الشهرستاني، بالإضافة إلى ثلاث كتل سنية، أبرزها “بيارق الخير” بزعامة وزير الدفاع السابق خالد العبيدي. هذه التركيبة عكست آنذاك محاولة للعبادي لتقديم نفسه كمرشح “وسطي” قادر على إدارة الدولة بعد هزيمة داعش ولدية تجربة ناجحة سابقة من خلال صنع توازن بين إيران وامريكا ونجح بذلك في إدارة الحرب ضد داعش من خلال التوازن بين الدولتين.
في المقابل، يتكون ائتلاف الإعمار والتنمية الذي أطلقه السوداني من تيار الفراتين (الذي يمثله شخصيًا)، وتحالف العقد الوطني (فالح الفياض)، وائتلاف الوطنية (إياد علاوي)، وتجمع بلاد سومر (احمد الاسدي)، وتحالف حلول الوطني، وتحالف إبداع كربلاء، وتجمع أجيال. رغم أن التركيبة تعكس تنوعًا سياسيًا، إلا أنها تتركز أكثر في الإطار الشيعي مع حضور محدود لقوى سنية حتى الآن.
ثانيًا: دلالات التسمية والرؤية السياسية
اسم “تحالف النصر” لم يكن اعتباطيًا، بل جاء ليعكس الإنجاز الأكبر لحكومة العبادي والمتمثل في النصر العسكري على تنظيم داعش وتحرير الأراضي العراقية، وهي ورقة سياسية حاول استثمارها شعبيًا.
أما السوداني فاختار تسمية “الإعمار والتنمية”، وهو ما يتماشى مع طبيعة خطابه الحكومي منذ تسلمه المنصب، إذ ركّز على مشاريع البنى التحتية، المجسرات، المدن السكنية، وطريق التنمية. وهذه الرؤية تسعى إلى تحويل الحكومة من إدارة أزمة إلى حكومة خدمات وإنجازات مادية.
ثالثًا: النتائج والتوقعات
في انتخابات 2018، حصل تحالف النصر على 42 مقعدًا، وكان رقمًا مهمًا يؤهله نظريًا لولاية ثانية، لولا تغيّرات المشهد السياسي، وتراجع الدعم الدولي، واندلاع الاحتجاجات الشعبية، لاسيما في البصرة، التي أفقدت العبادي الزخم السياسي والشعبي في اللحظة الحرجة.
أما ائتلاف الإعمار والتنمية، فلا يزال حديث النشأة، ولم يخض الانتخابات بعد. ومع ذلك، ومن خلال قراءة موضوعية للمشهد السياسي، فإن التوقعات تشير إلى أن تحالف السوداني قد لا يتجاوز سقف ما حققه العبادي في 2018، لعدة عوامل، أهمها: المتغيرات السياسية، الاحتقان الاجتماعي، وحجم المنافسة من أطراف تقليدية وأخرى جديدة. كما أن مسألة ولاية ثانية للسوداني، رغم وجوده في السلطة، لا يمكن حسمها إلا بعد الانتخابات وتفاعلات ما بعدها.
خاتمة: مستقبل التحالفات بين الإنجاز والواقع
تُظهر مقارنة تحالفي العبادي والسوداني وجود تشابه في التركيبة وآلية التشكيل، ما يعكس نمطًا متكرّرًا في بناء التحالفات السياسية القائمة على الطموح الشخصي أكثر من المشروع الجماعي. ومن المرجح عدم استمرار هذا النوع من التحالفات في حال عدم حصول رئيسه على منصب رئاسة الوزراء، مما يؤكد أن بقاءه مرهون بتحقيق مكاسب سلطوية، لا برؤية استراتيجية طويلة الأمد. وهذا يعزز الانطباع بأن التحالفات الانتخابية في العراق غالبًا ما تُبنى على رهانات ظرفية، لا على أسس سياسية راسخة.
وهنا يبرز التساؤل الأهم: هل يمكن للتحالفات المبنية على الطموحات الشخصية والمصالح الظرفية أن تؤسس لمشروع وطني مستقر ومستمر، أم أنها محكوم عليها بالانهيار مع أول اختبار سياسي؟
أقرأ ايضاً
- السوداني تحت المجهر.. قمة بغداد تعيد الانسداد
- مقارنة بين زعيمين تحت عباءة البعث العفلقية!!
- العبادي يكتب: "فليستعد العالم للجحيم"