
في الوقت الذي يضع تذبذب أسعار النفط عالميا العراق على صفيح ساخن اقتصاديا، بسبب اعتماده بشكل شبه كامل في موازنته المالية السنوية على ما يصدره من النفط الخام، عاد الحديث مجددا حول صفقة الفيول العراقي مع لبنان، رغم تمديد العقد 6 أشهر إضافية دون إستحصال أي خدمات أو مبالغ مالية مقابل ذلك.
وفي هذا الشأن، يعتزم وزيرا المالية والطاقة اللبنانيان، إجراء زيارة استثنائية إلى بغداد، الاثنين المقبل، بهدف التواصل مع المسؤولين العراقيين حول ملف الفيول الذي يحصل عليه لبنان منذ سنوات، في ظل ديون الأخيرة المتراكمة.
ذكرت وسائل إعلام لبنانية، تابعتها وكالة نون الخبرية، أن “وزارة المالية اللبنانية عقدت اجتماع ضم الوزير ياسين جابر، ووزير الطاقة والمياه جو صدي، والمدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير”، مبينة ان “الاجتماع خصص للتنسيق بشأن الزيارة المرتقبة إلى بغداد، والتي سيقوم بها الوزيران لمتابعة ملف تزويد لبنان بالفيول العراقي لزوم قطاع الكهرباء”.
وأكد الوزير جابر أن “الزيارة، المقررة يوم الاثنين المقبل، تهدف إلى تعزيز التعاون مع العراق، الذي لطالما وقف إلى جانب لبنان في أصعب الظروف”، مشيرا إلى أن “الهدف من الزيارة هو شكر العراق وتفعيل التنسيق في كيفية التعاون خصوصاً في بعض الأمور العالقة في موضوع المدفوعات لثمن المحروقات التي تم شراؤها، وفي موضوع المنصة التي يتم التسديد من خلالها عبر تقديم بضائع أو بيع بضائع وخدمات مقابل هذه الأموال حسب القانون الذي أصدره المجلس النيابي”.
وأوضح جابر أن “الزيارة ليست لتسديد ثمن المحروقات فوراً، بل لتنسيق آلية الدفع عبر سلع وخدمات”، مشيراً إلى أن “هناك أموالاً متوافرة في صندوق خاص بهذا الموضوع، وأن مؤسسة كهرباء لبنان تساهم في تغذية هذا الصندوق. وأضاف أن هناك إصراراً لدى المجلس النيابي لتسديد دفعات أخرى لتغذية هذا الصندوق”.
وذكر جابر أن “الزيارة ستشمل لقاءات مع وزير النفط ووزير الكهرباء ورئيس الجمهورية بالإضافة إلى شخصيات أخرى وفق البرنامج”، موضحا أن “الهدف هو تعزيز العلاقات الثنائية وتفعيل التعاون في قطاع الطاقة”.
ومنذ سنوات والعراق لم يحصل على مبالغ مالية أو خدمات أو سلع (كما تم ترويج ذلك كبديل عن الأموال) مقابل شحنات “الفيول” التي زود بها لبنان لتشغيل المحطات الكهربائية، لكنه نهاية العام الماضي وافق على تمديد عقد الفيول الموقّع مع لبنان حتى نهاية شهر كانون الثاني الماضي، بدلا من نهاية تشرين الأول 2024 مع زيادة الكمية إلى مليونَي طن سنويا، بدلا من 1.5 مليون طن فقط، ليعود في 29 آذار 2025 ويجدده مرة أخرى لستة أشهر.
يأتي ذلك، بعد نحو عامين من فشل مشروع المنصة الإلكترونية اللبنانية، المكلفة بالإعلان عن خدمات ومنتجات لبنانية يختار منها العراق ما يوافقه مقابل تزويده لبنان بالفيول، والتي تقدّر كلفتها -المبالغ بها- بـ2 مليوني دولار.
وفي تموز عام 2021 وقع لبنان مع العراق اتفاقا لاستيراد مليون طن من وقود الفيول للتخفيف من أزمة الكهرباء في البلاد، ووصلت أول باخرة إلى لبنان محملة بـ31 ألف طن من هذه المادة في 16 أيلول 2021.
وكان الباحث في الشأن السياسي غالب الدعمي، أكد في تصريح سابق، أن “منح النفط العراقي مجانا أو بأسعار تفضيلية من دون جدوى اقتصادية، لأي بلد أمر غير صحيح، ويمثل استنزافا لأموال الشعب العراقي، لاسيما وأن المنتجات الممنوحة ليست فائضة عن الحاجة”، مبينا أن “العراق مطالب بالتفكير في مشكلة انقطاع الغاز الإيراني بسبب العقوبات الأمريكية، ومعالجة نقص الوقود لتشغيل المحطات الكهربائية، لا سيما أن العراق موعود بصيف قاس”.
والفيول مزيج من الزيوت التي تبقى في وحدة تكرير النفط بعد التقطير (وقود ثقيل) ويحرق في الفرن أو المرجل لتوليد الحرارة أو لتوليد الطاقة الكهربائية أو الحركية.
واتفق العراق ولبنان على تبادل الطاقة، يمنح العراق بموجبه لبنان الذي يمر بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، مادة زيت الوقود الثقيل، مقابل “خدمات وسلع” سيحصل عليها العراق من لبنان، الا أن العراق لم يحصل على خدمات أو سلع كما أنه لم يحصل على المبالغ المالية مقابل الوقود التي زود بها لبنان لتشغيل المحطات الكهربائية.
ولم تدفع لبنان للعراق بعد ثمن النفط الذي حصلت عليه، لأسباب من بينها أن هناك بعض الشروط غير واضحة في الاتفاقية، فالعقد المبرم بين الطرفين ينص على أن يودع لبنان أموالا في حسابه بالدولار، ويمكن للعراق سحبه بالليرة اللبنانية لإنفاقه (داخل السوق اللبنانية) على “السلع والخدمات”، مثل الخدمات الطبية، دون وضوح في سعر الصرف الذي يختلف بين التسعيرة الحكومية والسوق السوداء، ولا طبيعة الخدمات التي من المفترض أن يحصل عليها العراق.
ولاحقت الصفقة العراقية اللبنانية فضيحة في أيلول 2023، بعدما كشفت صحيفة العالم الجديد، إن “قضية إرسال زيت الوقود (الفيول) العراقي إلى لبنان، انطوت على خفايا خطيرة جدا، تتعلق بالمقابل الذي يدفعه لبنان للعراق، حيث وصلت شحنة من فاكهة الرمان، كجزء من هذا الاتفاق، كانت محشوة بأقراص الكبتاغون المخدرة وبكميات كبيرة جدا”.
أقرأ ايضاً
- الذهب يتصدر الخسائر.. تراجع مفاجئ في الصادرات التركية إلى العراق
- العمل: قروض تصل إلى 5 ملايين للعمال المتقاعدين
- انخفاض كبير بأسعار الذهب في بغداد وكربلاء