
صرح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، بأن طهران أبلغته أن ضرب إسرائيل لمنشآتهم النووية قد يدفعهم إلى حافة الهاوية، وسيحاولون إنتاج أسلحة نووية.
وقال غروسي في مقابلة مع صحيفة “جيروزاليم بوست”: “قد يكون للضربة تأثير مدمر، يعزز – بصراحة – تصميم إيران على السعي لامتلاك سلاح نووي أو الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية”، مضيفا: “أقول لكم هذا لأنهم أخبروني بذلك مباشرة”.
وبحسب الصحيفة فإن هذا التصريح الإيراني المعتاد يمكن اعتباره بسهولة حربا نفسية. لكن سماعه مباشرة من أكبر مفتش نووي في العالم، الذي التقى بثلاثة رؤساء إيرانيين وكبار المسؤولين، يجعله أمرا يستحق التوقف عنده.
وأكد مسؤولون إسرائيليون للصحيفة أن إسرائيل قادرة على ضرب المنشآت النووية الإيرانية، فيما أعرب غروسي عن شكوكه حول هذه الإمكانية.
وعند مناقشة ما قد تفعله إسرائيل إذا لم يتم التوصل لاتفاق نووي جديد، قال غروسي: “ما تقرره الدول الأعضاء هو من اختصاصها. أنا لا أنصح الحكومة الإسرائيلية. سيقررون ما هو الأفضل”.
وتابع: “لكن شيء واحد مؤكد: البرنامج النووي الإيراني واسع وعميق. وعندما أقول ‘عميق’ أعني ذلك. العديد من هذه المنشآت محمية جيدا للغاية. تعطيلها يتطلب قوة ساحقة مدمرة”.
يشير “العمق” إلى رأي خبراء عسكريين بأن إسرائيل تفتقر لقنابل “أم القنابل” الأمريكية (MOAB) التي تزن 30 ألف رطل والقادرة على اختراق الجبال، وبالتالي لا يمكنها تدمير منشأة “فوردو” تحت الجبل أو المنشأة الجديدة قيد الإنشاء تحت جبل في “نطنز”.
وبحسب الصحيفة، الأمر يختلف تماما عند سماع غروسي نفسه يؤكد أن طهران قامت بتخصيب يورانيوم كاف لإنتاج 10 أسلحة نووية إذا قررت إكمال المهام الأخرى المتعلقة بتصنيع الأسلحة، وقال: “لقد كانوا يتراكمون اليورانيوم المخصب عند مستوى تخصيب عال جدا يبلغ 60%. ولصنع جهاز نووي فعال، تحتاج إلى تخصيب 90%. لذا الفارق ضئيل بين ما لديهم ومواد صنع الأسلحة”، موضحا أن “امتلاك إيران مواد كافية لصنع 10 قنابل لا يعني قدرتها على تجميع أو استخدام سلاح نووي”.
وأضاف: “هناك نقطة مهمة خاصة للجمهور الإسرائيلي: لا شيء من هذا يعني أنهم يمتلكون القنبلة. هناك العديد من الأنشطة والتقنيات والتطورات المطلوبة لتحويل هذه المواد إلى سلاح فعلي”، مشيرا إلى أن إيران قد تحتاج لمزيد من الوقت لتطوير سلاح نووي فعال.
وقالت مصادر استخباراتية إسرائيلية وأمريكية وخبراء نوويون للصحيفة إن الفترة التي تحتاجها إيران لحل مشكلات تصنيع السلاح النووي تتراوح بين عدة أشهر إلى سنة.
وأضاف غروسي: “اكتشفنا آثارا لليورانيوم المخصب في أماكن لم يكن من المفترض أن يكون فيها أي نشاط نووي. سؤالي بسيط – ليس اتهاما، فقط سؤال منطقي: إذا وجدنا هذه الآثار، فماذا كان يحدث هناك؟ أين اليورانيوم الذي ترك هذه الآثار؟ أرونا. اشرحوا لنا”، وتابع: “سنكتشف الحقيقة دائما. يمكنك بناء ما تريد، ولكن بمسحة واحدة سنعرف بالضبط ما كان يحدث – حتى لو حدث منذ 25 عاما”.
وعند سؤاله عما إذا كانت إيران قد ردت على هذه النتائج، أجاب: “تلقينا بعض الإجابات، لكنها لم تكن مرضية”، مشيرا إلى مشكلة الثقة في التعامل مع طهران، حيث قال: “أنا أثق بالجميع، لكني بحاجة إلى التحقق من كل شيء. أحيانا يسألني الناس: ‘كيف يمكنك التحدث مع هؤلاء الأشخاص؟ كيف يمكنك التعامل معهم، مصافحتهم، الابتسام لهم؟’ أولا، أنا دبلوماسي. يجب أن أتحدث معهم. إذا لم أفعل، فماذا علي أن أفعل؟”.
وردا على الانتقادات الإسرائيلية بأن الوكالة ساذجة في تعاملها مع إيران، قال غروسي: “إذا كان هناك شيء لسنا عليه، فهو السذاجة. نحن نعرف بالضبط ما نفعله. نحن لسنا في مجال التستر على الأمور. بالنسبة لنا، الشفافية حاسمة. يجب أن نصل إلى الحقيقة”.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة وإيران يبذلون حاليا جهودا للتفاوض على اتفاق نووي جديد، مؤكدا أن الفجوات بين الجانبين تبدو أوسع من أي وقت مضى. بينما يصر ترامب على عدم وجود اتفاق ما لم تتخلى إيران عن قدراتها في تخصيب اليورانيوم، يؤكد المرشد الأعلى الإيراني خامنئي أن إيران لن تتخلى أبدا عن حقها في التخصيب، ويعتقد غروسي أن الاتفاق لا يزال ممكنا رغم الخطاب والاختلافات الشاسعة.
وقال: “أعتقد أننا بحاجة إلى إيجاد نقطة تقارب بين الأمريكيين والإيرانيين بشأن قضية التخصيب. الاتفاق النووي القديم عفا عليه الزمن. لقد تجاوزه تطور البرنامج النووي الإيراني. هذه إيران مختلفة. مرت عشر سنوات. عقد كامل”.
وتابع: “أرى الكثير من الجدارة في توجه ترامب لإيران بقوله: ‘اسمعوا، نحتاج للجلوس ومعالجة هذه القضية. وإلا، قد يتصاعد هذا إلى صراع عسكري آخر’. انطباعي – وأقول هذا بحذر لأنني لا أريد التدخل في اختصاص المفاوضين – هو أنه ليس من المستحيل إيجاد أرضية مشتركة”.
وقال غروسي إن المفاوضات تجري بين المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، لكنه أصر على أن أي اتفاق يجب أن يشمل رقابة صارمة من الوكالة الدولية.
وأوضح: “هناك تقنيات جديدة، منشآت أكثر، وتطور أكبر. بدون القدرة على سد الفجوة المعرفية الحالية، كيف يمكنني، كمدير عام للوكالة، التوقيع على وثيقة تضمن ما تمتلكه إيران أو لا تمتلكه؟ لا يمكن أن يُتوقع مني تقديم ضمانات موثوقة”.
وأضاف أنه إذا توصل الجانبان إلى اتفاق، فهو واثق من أن الوقت سيحين حيث يجب ألا تبقى الوكالة خلف الكواليس بل تجلس مباشرة على طاولة المفاوضات.
واختتم قائلا: “أينما ذهبت، أسمع نفس الشيء: ‘يجب ألا تمتلك إيران سلاحا نوويا’. هناك إجماع دولي. الإيرانيون يعرفون هذا أيضا. وهناك أيضا تأثير الدومينو الذي يجب مراعاته – إذا حصلت إيران على أسلحة نووية، فسيكون لهذا عواقب على المنطقة بأكملها وما بعدها”.
أقرأ ايضاً
- بسعة (56) سرير.. العتبة الحسينية تنشر (4) مراكز طوارئ طبية في الحرم المقدس ومحيطه
- مشكلة صيفية مألوفة قد تخفي وراءها إنذارا مبكرا بالسرطان
- التعليم تمدد فترة التقديم للدراسات العليا