
تفتح قضية اتفاقية خور عبدالله المبرمة بين العراق والكويت فصلا جديدا من النزاع، لاسيما وأن الاتفاقية تمثل جزءًا من جهود ترسيم الحدود البحرية بين البلدين بعد الغزو العراقي للكويت عام 1990.
وقبيل بت المحكمة الاتحادية بشأن الطعون المقدمة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد بشأن الاتفاقية، حذر سياسيون، اليوم الثلاثاء، الحكومة من التنازل عن خور عبد الله، مهددين بـ”اليوم الأسود”، وسط مطالبات بحضور رئيس الوزراء محمد السوداني للبرلمان لمناقشة الأمر بشكل مستفيض.
ومن المقرر أن تبث المحكمة الاتحادية، غداً الأربعاء، في دعوى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ورئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، بشأن العدول عن قرارها السابق بعدم دستورية المصادقة على اتفاقية خور عبدالله.
وقال النائب المستقل هيثم الزركاني في حوار متلفز، إن “الجميع يعرف أن الكثير من النواب دعموا تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد السوداني”، مهددا بالقول: “إذا تنازل السوداني عن خور عبد الله التي هي أرض عراقية والمنفذ الوحيد للبلاد على البحر فانه سيرى يوماً اسود من عندنا”.
وأضاف: “نحن مستعدين الى قطع الطرق والنزول للشارع والخروج بمظاهرات وأن نخسر ارواحنا في سبيل خور عبد الله”، مؤكدا : “لابد أن يفهم السوداني ورئيس الجمهورية أن المحكمة لم تطعن بأصل الاتفاقية وإنما طعنت بصحة الجلسة في ذلك التوقيت”.
وأكد أن “هناك تحكم بالقرار الداخلي العراقي من الخارج بعد عام 2003، والكويت واحدة منهم”، مشيرا إلى أن “الضغط السياسي والخارجي الاكبر على العراق والوصاية الامريكية الحقيقة على الكويت، هما وراء ذلك”.
ولفت إلى “وجود سند عقار عثماني وبإسم شخصية عراقية موجود في العراق ونسخة منه في الأرشيف لدى تركيا”، مؤكدا أن “هذا يثبت عائدية خور عبد الله إلى العراق منذ التأريخ”.
من جهة أخرى، قال النائب عن حزب تقدم برهان النمراوي، إنه “بغض النظر عن موقف الحكومة من اتفاقية خور عبد الله سواء كان صح أم خطأ، إلا أن هكذا أمور مصيرية يجب أن تمحص وتوضح بشكل كامل من قبل الحكومة”.
وأضاف أن “الحكومة مطالبة بالحضور الى قبة البرلمان ومعها كافة الأوراق الرسمية وما لديها من معلومات ليتم مناقشتها بشكل مستفيض داخل الجلسة”، مشيرا إلى أن “اللغط والجدل بشأن الاتفاقية نحن في غنى عنه لاسيما وأن عمر الدورة الحالية شارف على الإنتهاء”.
وبدأت قصة خور عبد الله، في أيلول 2023، أصدرت المحكمة الاتحادية بالعراق قرارًا يقضي بعدم دستورية قانون التصديق على اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله، التي تم توقيعها بين العراق والكويت عام 2012 وصادق عليها البرلمان العراقي في 2013.
واستندت المحكمة في حكمها إلى أن التصديق على الاتفاقية لم يحصل على أغلبية الثلثين من أعضاء مجلس النواب، كما تنص المادة 61 من الدستور العراقي.
الا ان هذا القرار أثار استياءً واسعًا في الكويت، حيث اعتبرته الحكومة الكويتية “ادعاءات تاريخية باطلة”.
وسلمت الكويت مذكرة احتجاج رسمية للسفير العراقي لديها، معربة عن رفضها القاطع للحكم ومطالبة بغداد باتخاذ خطوات لمعالجة تداعياته.
ووصف وزير الخارجية الكويتي، الشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح، الحكم بأنه يحتوي على “مغالطات تاريخية”، مؤكدًا أن بلاده تتوقع من الحكومة العراقية اتخاذ “إجراءات ملموسة وحاسمة وعاجلة” لمعالجة هذا الأمر.
فيما أكدت الحكومة العراقية التزامها بالاتفاقيات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مشددة على أهمية احترام وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين العراق والكويت وفق السياقات الدستورية والقانونية.
إلا أنه، في 15 نيسان الجاري، قدم كل من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد طعنًا بقرار المحكمة الاتحادية بشأن الاتفاقية، وجاء هذا الطعن في إطار سعي الحكومة العراقية للحفاظ على العلاقات الثنائية مع الكويت وتجنب أي توترات قد تنجم عن هذا القرار القضائي، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في العراق، وسط اتهامات لرئيس الوزراء محمد السوداني بالتدخل لعرقلة تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية القاضي بإلغاء اتفاقية خور عبد الله المبرمة مع الجانب الكويتي، وذلك استناداً إلى ما قالوا إنها وثيقة بحوزتهم.
فيما أعلن النواب عزمهم تقديم شكوى رسمية ضد رئيس الوزراء إلى الادعاء العام، على خلفية ما وصفوه بمخالفة قانونية لقرار صادر عن أعلى سلطة قضائية في البلاد.
وتعتبر مسائل ترسيم الحدود بين الكويت والعراق من مسائل مصيرية عبر التاريخ بالنسبة لكلا الطرفين، نظراً لما اكتنفها من تطورات تاريخية نالت طابع الشد والجذب، وساهمت فيها التجاذبات التي سادت علاقات البلدين الجارين، ووصلت هذه التجاذبات لذروتها في آب أغسطس 1990 بالغزو العراقي للكويت، واستمرار آثاره من القضايا الثنائية العالقة حتى اليوم.
وكان القاضي والوزير السابق وائل عبد اللطيف، أكد في حينها أن “اتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت تشوبها مخالفات قانونية ودستورية جسيمة”، مشدداً على أن “قرار المحكمة الاتحادية بشأن الاتفاقية سليم بنسبة 100% ولا يمكن الطعن فيه، باعتباره قراراً باتاً وملزماً للجميع”.
وأكد الخبير بترسيم الحدود ومستشار وزير النقل السابق حسن العبادي، في تصريح سابق، أن “الحدود بعد العلامة 162، أهملت بالكامل، وفي وقت الحاكم المدني للعراق بول بريمر جرى حراك لترسميها، وقد تشجعت الكويت آنذاك لبدء المفاوضات مع العراق، لكنها كانت على قناعة بأن هذه المساحة البحرية قابلة للاستغلال بسبب تبدل الحكومات في العراق، فاتجهت إلى تعطيل المفاوضات“.
وأضاف أن “الكويت خلال السنوات الماضية، اتجهت إلى إنشاء جزيرتين اصطناعيتين قرب الخط الملاحي التجاري العراقي، وهو الخط الوحيد للعراق الذي تدخل منه السفن، وهذه أخطر جزر، لكونها تعتبر أراضي كويتية، وقد تمكنت الكويت من تسجيلها رسميا كجزر طبيعية في الخرائط الأدميرالية البريطانية وهذه كارثة“، مبينا أن “قانون البحار الدولي، اشترط أن تبتعد الجزيرة عن الساحل الكويتي، نصف مساحة البحري الإقليمي للدولة الساحلية المقابلة، وهذا ما تحقق بإحدى هذه الجزر، وجرى توسيعها وبناء برج مراقبة فيها على حساب العراق، وأصبحت الجزيرة تبعد عن ميناء البصرة 18 ميلا بحريا فقط“.
وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 833 لسنة 1993، فقد تم تقسيم خور عبد الله مناصفة بين العراق والكويت، فالحدود تبدأ من العلامة 107 إلى 110 وتمثل خط الساحل بين الجانبين، أي تكون المياه للعراق واليابسة للكويت، ومن النقطة 111 إلى 134 هو خور شيطانة، وتمثل خط التالوك لمجرى الينابيع العذبة، وبالتالي أصبح المجال البحري للعراق أكبر من مجال الجانب الكويتي، ومن النقطة 134 إلى 162 هو خور عبد الله، ويكون مناصفة بين العراق والكويت، أي الجزء الشمالي للعراق والجنوبي للكويت، فيما ترك القرار، ما بعد العلامة 162، ولم يرسمها، ورهن تحديدها بمفاوضات بين العراق والكويت.
يشار إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، زار الكويت مطلع 2023، وبحث هناك خلال زيارته التي استمرت لساعات عدة، التعاون بين البلدين وسبل تطوير العلاقات، دون التطرق لملف الحدود "حسب البيانات الرسمية".
أقرأ ايضاً
- الحكومة خفضتها من تريليون الى (205) مليار.. مجلس كربلاء: مشاريع الكهرباء الوزارية متلكئة ومنها نسب انجازه (صفر)
- حكومة السوداني تدعم استمرار عمل "الناتو" في العراق
- تحالف السوداني ونزيف الانسحابات.. ما علاقة "لقاء الدوحة"؟