
على الرغم من طول المدة التي تفصل القوى السياسية العراقية عن الموعد القانوني لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في 11 تشرين الثاني المقبل، إلا أن صراع التحالفات بدأ من الآن، وتحديدا فيما يتعلق بتيار الفراتين بزعامة رئيس الوزراء محمد السوداني.
فبعد انسحاب الأمين العام لمنظمة بدر، هادي العامري، وإعلان شخصيات بارزة أخرى تخليها عن التحالف، من بينها رئيس تحالف “خدمات” أحمد الأسدي، والأمين العام لحركة انصار الله الأوفياء حيدر الغراوي، وزعيم كتائب الإمام علي شبل الزيدي، كشف سياسيون، عن الأسباب الحقيقية وراء الانسحابات من تحالف السوداني، مؤكدين أن المصالح الشخصية كانت السبب وراء التحاقهم بالسوداني.
وقال عضو ائتلاف دولة القانون جاسم محمد جعفر، في حوار متلفز، إن “إنسحاب منظمة بدر ورئيس تحالف خدمات وأحمد الأسدي من تحالف السوداني جاء لثلاث أسباب، وهي أولا اسم القائمة، حيث لم يتم الاتفاق عليه”.
وأضاف: “كذلك من هو رئيس القائمة حيث ان رئيس تيار الفراتين محمد السوداني أصر على إبقاء تسمية القائمة على ما هو عليه وهو من يترأسها”، مبينا أن “السوداني أراد المرشحين بشخوصهم وبعناوين عامة وليس انتمائهم الحزبي، أي لا يكتب بجانب أي مرشح إلى من هو تابع”.
وأكد أن “هذا فيه ضرر للكتل عندما يصبح أحد من الأعضاء وزيرا ويريد من ينوب عنه فيتم الأخذ حسب الإنتماء وهو ما لا يريده السوداني”، مشيرا إلى أن “النقطة الثالثة والأهم والتي هي من أنهت التحالف هي زيارة السوداني السرية إلى قطر ولقائه الرئيس السوري أحمد الشرع هناك”.
وتابع أن “الإطار التنسيقي لا يعرف بالزيارة، حيث تمت معرفتهم بالأمر من وسائل الإعلام وهو ما أحدث شرخا بالعلاقة بينهم”.
إلى ذلك، رأى القيادي في تيار الفراتين عبد الهادي السعداوي، إن “رؤساء الوزراء السابقين جميعهم ينبثقون من كتل كبيرة أما كتلة السوداني هي فتية”، مؤكدا أن “السوداني لا يمتلك الأدوات السياسية الداعمة له داخل كتلته”.
وأضاف أن “الكثير من الذين التحقوا بتحالف السوداني كانت لأجل مصالحهم كونه رئيس حكومة ونجح ببرنامجه الحكومي”، مستطردا بالقول “لولا موقف السوداني مما يجري في المنطقة من حروب وتصرفه بحكمة لكان العراق ساحة لصراع المنطقة”.
ويرى مراقبون أن هذه الانسحابات تشكل ضربة قوية لمشروع السوداني الانتخابي، خصوصاً وأن الأسماء المنسحبة تمثل ثقلاً سياسياً وشعبياً لا يمكن تجاهله، وقد تعيد خلط أوراق المشهد السياسي، وتدفع باتجاه تحالفات جديدة أكثر مرونة وتوازناً في صنع القرار، في ظل استعدادات القوى السياسية لخوض الانتخابات النيابية المقررة في 11 تشرين الثاني المقبل.
وكشف المحلل السياسي والمقرب من الإطار التنسيقي حيدر البرزنجي، في 23 نيسان الجاري، عن معاتبة الإطار لرئيس الوزراء محمد السوداني لعدم إبلاغهم بزيارة الدوحة ولقاء اللرئيس السوري أحمد الشرع.
ويشهد الإطار التنسيقي، خلال الفترة الماضية، خلافات واضحة بشأن مسألة توجيه دعوة إلى رئيس النظام السوري أحمد الشرع للمشاركة في القمة العربية المرتقبة في العاصمة بغداد، يأتي ذلك بالتزامن مع الاستعدادات الجارية لعقد القمة العربية المقبلة في بغداد والتي من المتوقع أن تشكل محطة أساسية في بلورة توازنات المنطقة خلال المرحلة القادمة، فيما تبقى مسألة دعوة الشرع رهينة التوازنات السياسية الحساسة حيث يرى بعض الأطراف في هذه الخطوة فرصة لبناء تفاهمات إقليمية في حين يعتبرها آخرون مغامرة دبلوماسية قد تجر البلاد إلى مزيد من التعقيد.
وكانت كتلة بدر أعلنت، مؤخرا، انسحاباها من التحالف مع تيار الفراتين برئاسة رئيس الوزراء محمد السوداني، مبينة أن الدخول في التحالف مع السوداني لم تعتبره مكسباً منذ البداية، فيما لفتت الى انه لا توجد أية أسباب أخرى غير الفنية لتراجع بدر عن التحالف مع السوداني وستنزل الكتلة الانتخابات باسم بدر بشكل متسق.
وتعد الانتخابات العراقية القادمة من أكثر الدورات تعقيدا منذ سنوات بحسب العديد من المراقبين، حيث بات العراقيون يواجهون العديد من المشكلات في اختيار ممثليهم، في ظل ارتفاع أعدادهم ووجود المال السياسي الذي يعيق وصول المستقلين للسلطة.
وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، في 17 نيسان الجاري، عن تسجيل أكثر من 320 حزبًا سياسيًا، بالإضافة إلى 60 تحالفا سياسيا، داعية الأحزاب والتحالفات إلى مراجعة دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية.
يأتي ذلك، بالتزامن مع سباق محموم، من قبل بعض القوى السياسية، لزيادة عدد المقاعد البرلمانية وفق التعداد السكاني، وتلويح البعض بتأجيل الانتخابات إذا لم يتم ذلك.
وأعلن ائتلاف إدارة الدولة، في 10 نيسان الجاري، الاتفاق على إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في البلاد استناداً إلى القانون الحالي، دون إدخال أي تعديلات عليه.
ويمر العراق بتحديات كثيرة تحيط به، بدء من الصراع الأمريكي الإيراني وانعكاساته على الداخل العراقي وصولا إلى الخلافات السياسية حول الانتخابات المقرر إجراؤها في 11 تشرين الثاني المقبل والانقسام حول تعديل قانونها، فضلا عن تحديات أخرى اقتصادية وخدمية.
وصوّت مجلس الوزراء، في 9 نيسان الجاري، على تحديد يوم 11 من شهر تشرين الثاني من العام 2025 موعداً لإجراء الانتخابات التشريعية.
وينص القانون على أن يكون تحديد موعد الانتخابات قبل 90 يومًا، لكن السوداني حدد موعد الانتخابات بشكل مبكر جدًا وقبل 7 أشهر من موعدها المحدد، وهي قد تكون “سابقة من نوعها”، في محاولة لقطع الطريق على اية إشكالات ومزايدات سياسية محتملة.
ويرى مراقبون أن إعلان الصدر عدم خوض الانتخابات المقبلة من شأنه أن يُحدث فراغًا سياسيًا داخل البيت الشيعي، ويفتح الباب أمام قوى أخرى لإعادة رسم خارطة التوازنات، في وقت يمر فيه العراق بتحديات داخلية معقدة تتطلب حضورًا سياسيًا قويًا ومؤثرًا.
ويعتقد متابعون أن غياب التيار الصدري عن المنافسة الانتخابية القادمة، سيعيد تشكيل الخريطة السياسية في العراق على نحو غير مسبوق، لا سيما أن التيار كان يشكل ثقلاً نوعيًا داخل البرلمان، فضلاً عن تأثيره الشعبي والاجتماعي الواسع، ما سيمنح أطرافًا أخرى الفرصة لملء هذا الفراغ، خصوصًا تلك المتحالفة ضمن الإطار التنسيقي الذي يتطلع لتعزيز نفوذه.
أقرأ ايضاً
- حكومة السوداني تدعم استمرار عمل "الناتو" في العراق
- سجال "خور عبد الله" يتفاقم .. مطالبات باستضافة السوداني وتهديد بـ"اليوم الأسود"
- الزراعة : تجهيز 800 ألف دونم للاستثمار