
مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في البلاد، تتصاعد التكهنات حول شكل التحالفات المقبلة، في ظل استمرار غياب التيار الوطني الشيعي عن المشهد الانتخابي، خاصة أن الدستور العراقي يربط تشكيل الحكومة بالكتلة الأكبر التي تعرف بعد الانتخابات، وليس بالضرورة من تحصد أكبر عدد من المقاعد منفردة، ما يجعل من مرحلة ما بعد النتائج ميدانا فعليا للحسم السياسي.
وفي هذا الإطار، كشف عضو لجنة الدفاع النيابية علاوي البنداوي، عن الأسباب دخول الإطار التنسيقي بقوائم منفردة للإنتخابات، مستبعدا إجراء أي تغيير بقانون الانتخابات.
وتشكل تحالف “الإطار التنسيقي” عقب الانتخابات البرلمانية في تشرين الأول 2021، التي فاز بها التيار الصدري، إذ دفع فوز الأخير القوى الخاسرة إلى تشكيل إطار موحد لمنافسته، وما إن انسحب التيار من العملية السياسية، حتى أصبح “الإطار التنسيقي” الكتلة الكبرى برلمانياً بحصوله على 130 نائباً، ليتمكن بذلك من تشكيل الحكومة.
ويضم تحالف “الإطار التنسيقي” قوى ائتلاف “دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، وتحالف “الفتح” بزعامة هادي العامري، وتحالف “قوى الدولة” بزعامة عمار الحكيم، وكتل “عطاء”، وحركة “حقوق”، و”حزب الفضيلة”، وغيرها.
وقال البنداوي، إن “قوى الإطار التنسيقي ستتوزع على أكثر من قائمة انتخابية لتحقيق أعلى عدد من المقاعد النيابية ومن ثم تشكيل تحالف سياسي مهم يمكنه من تشكيل الحكومة بسهولة”، مؤكداً أن “قوى الإطار تحبذ تشكيل التحالف بعد إعلان نتائج الانتخابات ليعلم كلٌ حجمه الانتخابي وقواعده الشعبية وتمثيله السياسي”.
أوضح البنداوي، أن “انسحاب بعض الكتل من الإطار، لا يعتبر انسحاباً بعينه، مردفاً بالقول: “ما جرى كان انسحاب احتجاجي واعتراض على لقاء السوداني بالشرع في قطر سراً، ولا توجد انسحابات أو تفكك، بل هو متماسك وقد تستمر تجربة الإطار التنسيقي لما بعد الانتخابات كونه نجح في دعم الحكومة وتشكيل كتلة نيابية كبيرة”.
ورجح أن “تحقق القوائم الانتخابية للإطار أغلبية شيعية تمهد لتشكيل حكومة وطنية قوية بسهولة، وهذ لا يعني إقصاء الآخرين كون الإطار لا يؤمن بسياسة إقصاء الآخرين بل يهتم بالمشاركة في العملية الانتخابية وبالاستحقاقات الدستورية”.
واستبعد البنداوي، إجراء أي تغيير بقانون الانتخابات، بالقول “أي تغيير على فقراته سينعكس سلبا على موعد إجراء الانتخابات الامر الذي يشكل عبئا ماليا مضافا لأعباء الحكومة”.
وكان عضو إئتلاف دولة القانون زهير الجلبي، كشف الخميس الماضي، عن لوبي ثلاثي للدفع برئيس الوزراء محمد السوداني لمواجهة الإطار التنسيقي وذلك لتفكيكه وتشكيل جبهة جديدة قبيل الانتخابات.
وكشف المحلل السياسي والمقرب من الإطار التنسيقي حيدر البرزنجي، في 23 نيسان الجاري، عن معاتبة الإطار لرئيس الوزراء محمد السوداني لعدم إبلاغهم بزيارة الدوحة ولقاء اللرئيس السوري أحمد الشرع.
ويشهد الإطار التنسيقي، خلال الفترة الماضية، خلافات واضحة بشأن مسألة توجيه دعوة إلى رئيس النظام السوري أحمد الشرع للمشاركة في القمة العربية المرتقبة في العاصمة بغداد، يأتي ذلك بالتزامن مع الاستعدادات الجارية لعقد القمة العربية المقبلة في بغداد والتي من المتوقع أن تشكل محطة أساسية في بلورة توازنات المنطقة خلال المرحلة القادمة، فيما تبقى مسألة دعوة الشرع رهينة التوازنات السياسية الحساسة حيث يرى بعض الأطراف في هذه الخطوة فرصة لبناء تفاهمات إقليمية في حين يعتبرها آخرون مغامرة دبلوماسية قد تجر البلاد إلى مزيد من التعقيد.
وكانت كتلة بدر أعلنت، مؤخرا، انسحاباها من التحالف مع تيار الفراتين برئاسة رئيس الوزراء محمد السوداني، مبينة أن الدخول في التحالف مع السوداني لم تعتبره مكسباً منذ البداية”، فيما لفتت الى انه “لا توجد أية أسباب أخرى غير الفنية لتراجع بدر عن التحالف مع السوداني وستنزل الكتلة الانتخابات باسم بدر بشكل متسق”.
وتعد الانتخابات العراقية القادمة من أكثر الدورات تعقيدا منذ سنوات بحسب العديد من المراقبين، حيث بات العراقيون يواجهون العديد من المشكلات في اختيار ممثليهم، في ظل ارتفاع أعدادهم ووجود المال السياسي الذي يعيق وصول المستقلين للسلطة.
وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، في 17 نيسان الجاري، عن تسجيل أكثر من 320 حزبًا سياسيًا، بالإضافة إلى 60 تحالفا سياسيا، داعية الأحزاب والتحالفات إلى مراجعة دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية.
يأتي ذلك، بالتزامن مع سباق محموم، من قبل بعض القوى السياسية، لزيادة عدد المقاعد البرلمانية وفق التعداد السكاني، وتلويح البعض بتأجيل الانتخابات إذا لم يتم ذلك.
وأعلن ائتلاف إدارة الدولة، في 10 نيسان الجاري، الاتفاق على إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في البلاد استناداً إلى القانون الحالي، دون إدخال أي تعديلات عليه.
ويمر العراق بتحديات كثيرة تحيط به، بدء من الصراع الأمريكي الإيراني وانعكاساته على الداخل العراقي وصولا إلى الخلافات السياسية حول الانتخابات المقرر إجراؤها في 11 تشرين الثاني المقبل والانقسام حول تعديل قانونها، فضلا عن تحديات أخرى اقتصادية وخدمية.
وصوّت مجلس الوزراء، في 9 نيسان الجاري، على تحديد يوم 11 من شهر تشرين الثاني من العام 2025 موعداً لإجراء الانتخابات التشريعية.
ويدور الحديث داخل أروقة السياسة، عن تمسك إئتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي بمطالبته في تغيير قانون الانتخابات، وسط انقسام قوى الإطار بين مؤيد ورافض”، بحسب مصادر مطلعة.
وتسربت الى وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية، مقترح عن “تشكيل حكومة طوارئ وتأجيل الانتخابات”، وهو ما تسبب برد فعل سياسي قوي، في محاولة لاتهام حكومة السوداني بأنها “تنوي تأجيل الانتخابات” لإطالة أمد بقاء السوداني رئيسا للوزراء.
وينص القانون على أن يكون تحديد موعد الانتخابات قبل 90 يومًا، لكن السوداني حدد موعد الانتخابات بشكل مبكر جدًا وقبل 7 أشهر من موعدها المحدد، وهي قد تكون “سابقة من نوعها”، في محاولة لقطع الطريق على اية إشكالات ومزايدات سياسية محتملة.
ويرى مراقبون أن إعلان الصدر عدم خوض الانتخابات المقبلة من شأنه أن يُحدث فراغًا سياسيًا داخل البيت الشيعي، ويفتح الباب أمام قوى أخرى لإعادة رسم خارطة التوازنات، في وقت يمر فيه العراق بتحديات داخلية معقدة تتطلب حضورًا سياسيًا قويًا ومؤثرًا.
ويعتقد متابعون أن غياب التيار الصدري عن المنافسة الانتخابية القادمة، سيعيد تشكيل الخريطة السياسية في العراق على نحو غير مسبوق، لا سيما أن التيار كان يشكل ثقلاً نوعيًا داخل البرلمان، فضلاً عن تأثيره الشعبي والاجتماعي الواسع، ما سيمنح أطرافًا أخرى الفرصة لملء هذا الفراغ، خصوصًا تلك المتحالفة ضمن الإطار التنسيقي الذي يتطلع لتعزيز نفوذه.
أقرأ ايضاً
- سفيرة فنلندا تزور مرقد الأمام الحسين وتتحدث عن خبرتها في لبس العباءة العراقية (فيديو)
- بالاشتراك مع زوجته الثانية.. رجل يقتل طليقته أمام أطفالها
- ترامب يثير الجدل.. "قناتا بنما والسويس وُجدتا بفضل الدور الأميركي"