
تتكرر العواصف الترابية في العراق، وليس آخرها تلك التي ضربت مدناً ومحافظات مختلفة من البلاد في الاسبوع الماضي؛وتعتبر العواصف الترابية من بين أبرز التحديات البيئية والصحية التي تهدد السكان في العديد من المحافظات؛ وهي تضرب البلاد بوتيرة متزايدة خلال فترات متقاربة، ما يرفع عدد حالات الإصابة بالاختناق وأمراض الجهاز التنفسي، خصوصاً لدى كبار السن والأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة.
ويقول مصدر في دائرة صحة الأنبار إن المستشفيات والمراكز الصحية في عموم المحافظة سجلت عشرات الحالات من اختناق وأزمة صحية نتيجة العواصف الترابية التي اجتاحت المنطقة مؤخراً.
في السياق، يقول مصدر صحي طلب عدم ذكر اسمه ان "تنوع الحالات بين اختناقات بسيطة ومتوسطة وشديدة استدعى بعضها تقديم رعاية طبية كثيفة عبر كوادر تعمل بكل طاقتها لاستقبال المصابين وتوفير الأكسجين والأدوية اللازمة. وتستمر جهود التوعية لتوجيه المواطنين خصوصاً أصحاب الأمراض التنفسية من أجل اتخاذ الحيطة والحذر خلال العواصف".
ويشير إلى أن التنسيق يستمر مع الجهات المحلية من أجل توفير كل الخدمات الضرورية للمصابين والحدّ من تأثير العواصف القادمة خلال الأيام المقبلة.
وشهدت محافظة كركوك تصاعداً كبيراً في حالات الاختناق، واستقبلت مستشفياتها 119 حالة نتيجة العاصفة الترابية الأخيرة، بحسب بيان أصدرته مديرية الصحة في المحافظة التي أوضحت أن "الحالات المرضية تنوعت بين اختناقات بسيطة ومتوسطة وشديدة، ما استدعى اتخاذ تدابير طبية فورية واهتماماً كبيراً من الفرق الصحية المحلية".
فيما أعلن مدير عام دائرة صحة ميسان، عن استقبال 910 حالة اختناق في عموم مستشفيات ومراكز الطوارئ، نتيجة العاصفة الترابية الشديدة التي اجتاحت المحافظة الأسبوع الماضي.
وفي ظل هذه التحديات تواصل وزارة الصحة في العراق اتخاذ التدابير اللازمة لتأمين الرعاية الصحية للمواطنين، وأيضاً التنسيق مع الجهات المعنية لتوفير الحلول البيئية والطبية وفقاً لما يقول المتحدث باسمها سيف البدر، مضيفاً: "تعمل المؤسسات الصحية وفق طاقتها القصوى لاستقبال المصابين، وتتنوّع الحالات بين اختناقات بسيطة يمكن التعامل معها مباشرة، وأخرى شديدة تتطلب رعاية طبية كثيفة داخل المستشفيات".
ويتابع: "تبقى الفرق الطبية في عموم المحافظات في حالة تأهب خلال فترات التقلبات الجوية، وتتابع الوزارة المستجدات ميدانياً لضمان توفير الخدمات اللازمة للمواطنين".
ويشرح المتحدث باسم وزارة البيئة العراقية لؤي المختار، أن "الوزارة تعد خططاً استراتيجية شاملة لمكافحة التصحّر والحدّ من العواصف الترابية بالتعاون مع العديد من المنظمات الدولية والمحلية ذات الصلة".
ويضيف: "ليست الحكومة معزولة عن المجتمع الدولي في هذا المجال، وهي تستمر في التعاون مع المنظمات، مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، لدراسة وتحليل الظواهر المناخية في العراق، وتقديم حلول تضمن استدامة البيئة".
ويتابع: "ستنفذ الوزارة خططاً وبرامج لمعالجة التصحر والعواصف الترابية، مع مراعاة خصوصية التحديات المناخية في البلاد. ومن أبرز الالتزامات الدولية للعراق إعداد خطة التكيّف الوطني ضمن اتفاق الأمم المتحدة الخاص بالتغيّر المناخي".
ويضيف: "تأتي نحو 60% من العواصف الترابية من خارج العراق، خصوصاً من دول الجوار مثل سورية والسعودية، بسبب التدهور البيئي والجفاف هناك. وهي تتشكل داخلياً في المناطق الصحراوية مثل الأنبار ونينوى والمثنى التي تعاني من فقدان الغطاء النباتي وتعرّض التربة للتعرية. ونتوقع أن يكون تأثير العواصف الترابية هذا العام أقل من السنوات السابقة في حال استمرت الرطوبة الجيدة والأمطار التي سقطت في الأشهر الأخيرة من الربيع".
ويشدد المختار على "أهمية أن تتضافر الجهود الوطنية والإقليمية لمعالجة المشكلة التي تتطلب تعاوناً مستمراً بين الحكومة والمجتمع المدني والمزارعين والمؤسسات البيئية، فالتغيّر المناخي تحدٍ عالمي يتجاوز الحدود السياسية ويتطلب استجابة منسقة بين كل الأطراف".
من جهته، يوضح الخبير الجوي صادق عطية، أن "العواصف الترابية تُعد من الظواهر الطبيعية في مناخ العراق، لا سيما في المناطق الجنوبية والغربية وأجزاء من المناطق الوسطى التي تتسم بطبيعة شبه صحراوية وغطاء نباتي محدود".
ويضيف: "تثير الرياح الشمالية الغربية في فصل الصيف غالباً الغبار نتيجة طبيعة الأرض المكشوفة والجافة، بينما يُعد فصل الربيع موسماً انتقالياً يشهد تقلبات جوية".
ويذكر أن "الكتل الهوائية الباردة القادمة من مناطق شمالية تخفّض درجات الحرارة وتثير الغبار بسبب تصادمها مع الأرض الساخنة نتيجة الإشعاع الشمسي، ما يخلق دوامات هوائية نتيجة فرق الكثافة بين الهواء البارد والساخن. وتأتي العواصف الربيعية غالباً من شرق سورية".
وكشفت الهيئة العامة للانواء الجوية والرصد الزلزالي، بأن طقس العراق سيشهد موجة غبار متوقعة لتشمل جنوب غرب البلاد وأجزاء من العاصمة بغداد وكربلاء وبابل، بدءاً من يوم غد الجمعة.
أقرأ ايضاً
- في العراق.. عمال النظافة يعتمدون على دعم الناس للاستمرار
- نفذ (6) حملات حقن "البوتوكس" مجانا.. مركز الهادي لاعتلال الاعصاب يدرب اطباء وطلبة من داخل العراق وخارجه
- النفط وموازنة العراق.. أزمة "معقدة" والحلول "محدودة"