
بعد مرور ستة أشهر من الجمود السياسي الذي أعقب الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان، ما تزال الخلافات حول المناصب والنفوذ تهيمن على شكل المشهد السياسي في الإقليم وسط تلويح نيابي بحل البرلمان في حال لم تعقد جلسة جديدة خلال الأسبوعين المقبلين.
ورغم التقارب بين الحزبين الحاكمين في الإقليم، إلا أن عضو الاتحاد الوطني الكردستاني صالح فقي كشف، عن بقاء بعض النقاط العالقة لم يتم الحزبين الإتفاق عليها خلال حواراتهم المستمرة، فيما جدد رئيس حراك الجيل الجديد شاسوار عبد الواحد، تهديده بحل برلمان إقليم كردستان، في حال عدم عقد الجلسة خلال الأسبوعين المقبلين.
وقال فقي في حوار متلفز، إن “حوارات بين الحزبين وصلت لمرحلة متقدمة، ولم يبق إلا الاتفاق على عدة نقاط”.
وأشار إلى أن “اللجان المشتركة هيأت ورقة الاتفاق، وستتم المصادقة عليها من قيادة الحزبين، وهنالك اتفاق على تصفير جميع المشاكل والخلافات، قبل البدء بعقد جلسات البرلمان، وتسمية المناصب”.
وأضاف أن “الأهم من حسم المناصب، هو الاتفاق على شكل الحكومة المقبلة، وضرورة أن يكون للاتحاد الوطني دور، لا أن تكون مشاركتنا لمجرد المشاركة فقط”.
وكانت وسائل إعلام قد نقلت عن مصادر مطلعة، مؤخرا، أن الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني توصلا إلى توافق حول المناصب الرئيسية، بينما حال خلاف حول وزارتي الداخلية والمالية دون حسم المباحثات، حيث تمسك الاتحاد الكردستاني بالحصول على الحقيبتين وهو ما رفضه الديمقراطي الكردستاني، معتبرا أن الوزارتين من حقه باعتباره صاحب الأغلبية في البرلمان بعد تصدره نتائج انتخابات تشرين الأول 2024 وحصوله على 39 مقعدا، من أصل 100 بينما تحصل الاتحاد على 23 مقعدا.
إلى ذلك، جدد رئيس حراك الجيل الجديد شاسوار عبد الواحد، تهديده بحل برلمان إقليم كردستان، في حال عدم عقد الجلسة خلال الأسبوعين المقبلين.
وقال عبدالواحد في بيان إننا “قادرون على حل البرلمان، وسنفعل ذلك إذا لم تعقد جلسة لبرلمان كردستان خلال أسبوعين”، مبينا أن “الاتحاد الوطني أذا أراد فسنمنحه جميع نوابنا الـ 15 وسنصوت له لتشكيل الحكومة بدون الديمقراطي الكردستاني (حزب بارزاني)”.
وأضاف، أن “عدد نواب الأحزاب الأخرى كافٍ لتشكيل حكومة بدون الحزب الديمقراطي الكردستاني”، لافتا إلى أن الأخير “لا يزال بإمكانه المشاركة في الحكومة دون تولي منصب رئيس الوزراء في الإقليم”.
وفي رسالة إلى مسرور بارزاني، قال عبدالواحد: “ألا يعلم رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال أننا حللنا برلمان كردستان في عام 2023؟”.
وكانت مصادر مطلعة، كشفت في 25 آذار الماضي، أن “اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، برئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق تشكيل الحكومة”، مبينة أن “بارزاني اشترط خلال اللقاء إعادة إحياء التحالف الكردستاني في الانتخابات البرلمانية الاتحادية، وأن يعمل الكرد معا في بغداد، لحل الملفات العالقة مع الحكومة الاتحادية”، فيما أشارت إلى أن “جميع الشروط تم الاتفاق عليها، وبقيت اللمسات الأخيرة التي سيتم حسمها خلال الاجتماعات بين اللجنة التفاوضية المشكلة من الحزبين، ليتم حسم تسمية المناصب”.
وكشفت المصادر عن “اتفاق يفضي إلى توحيد البيشمركة بين الحزبين، وإنهاء الإدارتين، وحسم المناصب، بحيث يكون للديمقراطي منصبا رئاسة الإقليم والحكومة، وللاتحاد رئاسة البرلمان، ونائب رئيس الحكومة، ونائب رئيس الإقليم و8 وزارات، بينها وزارة البيشمركة، ووزارة المالية”.
وكان عضو حركة تفكري ازادي الكردية لقمان حسن كشف في 17 آذار الماضي، عن احتمالية تأجيل تشكيل الحكومة في كردستان لما بعد إجراء الانتخابات البرلمانية في البلاد، وذلك لاعتبارات سياسية.
وخلال الشهرين الماضيين، عقد الحزبان عدة جولات من المفاوضات انتهت بتشكيل لجنة مشتركة، هدفها صياغة مسودة يجري الاتفاق عليها للبرنامج الحكومي المقبل، وآلية توزيع المناصب التنفيذية لحكومة الإقليم، لكن الاتفاق لم يفض إلى أي نتائج تدفع نحو الإسراع بحسم ملف تشكيل الحكومة.
ويشهد إقليم كردستان أزمة سياسية مستمرة منذ الانتخابات الأخيرة، حيث تعثرت مفاوضات تشكيل الحكومة بين الحزبين الرئيسيين.
وتعود جذور الخلافات إلى تباين الرؤى حول تقاسم السلطة، وصلاحيات المناصب الرئيسية مثل رئاسة الإقليم والحكومة والبرلمان.
برغم عقد عدة اجتماعات بين اللجان التفاوضية للحزبين، إلا أن التقدم لا يزال محدودا، مما يزيد من حالة الجمود السياسي في الإقليم، وسط ترقب داخلي وضغوط خارجية لحلحلة الأزمة.
وطبقاً للنظام الداخلي لبرلمان الإقليم، يتعين على رئيس الإقليم دعوة البرلمان المنتخب إلى عقد جلسته الأولى خلال 10 أيام من المصادقة على نتائج الانتخابات، وإذا لم يدعُ الرئيس إلى عقد الجلسة الأولى يحق للبرلمانيين عقدها في اليوم الحادي عشر للمصادقة على النتائج، فيما يترأس العضو الأكبر سناً جلسات البرلمان قبل انتخاب الرئيس الدائم بعد تأدية القسم الدستوري.
وشهد البرلمان بدورته السادسة انعقاد جلسته الأولى في مطلع كانون الأول 2024، والتي تضمنت تأدية اليمين القانونية لأعضائه، وإبقاء الجلسة مفتوحة بسبب عدم حسم المناصب الرئيسة في الإقليم.
وبحسب سياسيين، فإن واقع هذا الصراع بين الحزبين التقليديين “الديمقراطي” بزعامة مسعود بارزاني و”الاتحاد الوطني” بزعامة بافل طالباني يفتح الباب أمام تساؤلات حول الخيارات المتاحة في تجاوز سقف الشروط المتبادلة، واستقطاب قوى من ساحة المعارضة التي يفرض بعضها شروطاً تعجيزية، وآخر اتخذ قراراً قطعياً بعدم المشاركة في أية حكومة يشكلها الحزبان في ظل عقبات قانونية تفرض سقوفاً زمنية في حال إبقاء جلسة البرلمان مفتوحة لحين إبرام اتفاق سياسي.
ويقف سقف المطالب المرتفع لدى كل منهما عائقاً في طريق تشكيل حكومة شراكة، فكلاهما يخوض سباقاً لاستقطاب باقي القوى الفائزة وفي مقدمهما حراك “الجيل الجديد” ويحوز 15 مقعداً، يليه “الاتحاد الإسلامي” بسبعة مقاعد ثم حزب “الموقف الوطني” بأربعة مقاعد، و”جماعة العدل” بثلاثة مقاعد، ومقعدان لحزب “جبهة الشعب”، ومقعد لكل من حركة “التغيير” و”الحزب الاشتراكي”.
ويشترط حزب بارزاني في تشكيل الحكومة الجديدة أن تكون وفق معيار “الاستحقاق الانتخابي” مع أهمية أن تكون “مؤسسات الإقليم موحدة”، في إشارة إلى الفجوة القائمة بين ادارته في أربيل مع نظيرتها في السليمانية بقيادة حزب طالباني، في حين يرفع الأخير شعار “تصحيح مسار الحكم” بهدف ما يعتبره إنهاء حال احتكار القرار من قبل الديمقراطي.
وبعد تأجيل دام أكثر من عامين، شهد الإقليم إجراء انتخابات برلمانية، غير أن نتائج هذه الانتخابات كشفت عن مشهد سياسي معقد، إذ لم يتمكن أي من الحزبين التقليديين، الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، من تحقيق الأغلبية المطلقة لتشكيل حكومة منفردة، ووضع هذا الأمر الحزبين أمام تحد جديد، إذ يجب عليهما التفاوض والتحالف مع قوى سياسية أخرى لتشكيل الحكومة المقبلة.
وسيطر الحزب الديمقراطي الكردستاني على منصبي رئاسة الإقليم والحكومة، حيث ترأس نيجيرفان بارزاني رئاسة إقليم كردستان، وابن عمه وصهره مسرور بارزاني، منصب رئاسة حكومة الإقليم، فيما حصل الاتحاد الوطني في الدورة الأخيرة على منصب رئاسة البرلمان.
وكان السياسي الكردي المستقل لطيف الشيخ، أكد في تصريح سابق، أن “تشكيل حكومة الإقليم سيطول، ففي كل مرة، كان اللاعب والمؤثر الإقليمي والدولي يتدخل بصورة كبيرة، وينجح في تقريب وجهات النظر، لكن تركيا وإيران هذه المرة، وحتى الولايات المتحدة الأمريكية، منشغلة بالأزمة السورية وتطوراتها، لذا فإن موضوع تسمية المناصب، وتشكيل حكومة الإقليم سيطول، وقد نحتاج إلى أكثر من 6 أشهر”.
أقرأ ايضاً
- أحزاب عراقية تعقد اجتماعاً لتشكيل "تحالف جامع"
- رئيس الوزراء يهنئ الرئاسة اللبنانية بمناسبة اكتمال التشكيلة الحكومية الجديدة
- بالأسماء.. تشكيلة الحكومة اللبنانية الجديدة