
وسط أجواء مشحونة بالتوتر، جاء قرار المحكمة الاتحادية، اليوم الخميس، بإرجاء النظر حول الطعنين بقرار بطلان اتفاقية خور عبدالله، وقضية رواتب موظفي كردستان، ليشغل الخلاف داخل أعلى سلطة تشريعية في البلاد، متسببا باستقالة 9 أعضاء فيها.
يشار إلى أنه في حال قبول هذه الاستقالات، فإن المحكمة لن تستطيع عقد الجلسات أو إصدار أي قرارات بسبب عدم اكتمال النصاب، لحين تعيين أعضاء جدد بدلا عنهم، بحسب مختصين.
وذكرت صحيفة العالم الجديد، إن المحكمة الاتحادية العليا في العراق أرجأت، اليوم الخميس، النظر في الطعنين المقدمين من الرئيس العراقي، عبداللطيف رشيد، ورئيس الوزراء، محمد السوداني في قرار بطلان القانون رقم 42 لسنة 2013، بشأن تصديق الاتفاقية بين حكومتي العراق ودولة الكويت، وكذلك اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله.
وأضافت، أنه طبقا لجدول المرافعات الخاص بالمحكمة، فإن جلستي النظر في الدعويين ستعقدان في الـ25 من حزيران الحالي، كجلستين مؤجلتين ومن دون مرافعة.
ونقلت الصحيفة عن مصادرها، انه تم تأجيل جلسة المحكمة الاتحادية بشأن رواتب موظفي إقليم كردستان، لغرض دراسة الشكوى المقدمة من موظفي الإقليم، قبل إصدار الأمر الولائي بصرف الرواتب، وإنهاء الأزمة المتفاقمة.
وأشارت، إلى أنه على إثر ذلك قدم تسعة قضاة من أعضاء المحكمة الاتحادية العليا في العراق، (6 أعضاء دائمون، و3 أعضاء احتياط) استقالاتهم ظهر اليوم، احتجاجا على آلية إدارة المحكمة، والجلسات من قبل رئيسها القاضي جاسم محمد العميري، وتفرده في اتخاذ القرارات.
وكان من المقرر أن يجتمع أعضاء المحكمة الاتحادية اليوم الخميس، لإصدار أمر ولائي بصرف رواتب موظفي اقليم كردستان، لحين البت في الدعوى المقدمة إلى المحكمة حول هذا الموضوع.
وأعلن رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، أمس الأربعاء، أنه وجه رسالة خاصة إلى المحكمة الاتحادية العليا تتعلق برواتب موظفي الإقليم، في ظل استمرار الخلافات المالية بين بغداد وأربيل.
وتشهد العلاقات بين بغداد وأربيل، تحركات مكثفة خلال الأسابيع الأخيرة، في محاولة لتسوية الملفات الخلافية، وفي مقدمتها الموازنة الاتحادية، وآلية توزيع الإيرادات، وسط تأكيد حكومي متواصل على الالتزام بمبدأ العدالة والمساواة بين جميع المحافظات العراقية.
وأكد رئيس المحكمة الاتحادية العليا، القاضي جاسم العميري، في 16 حزيران الجاري، على ضرورة إيجاد حل لأزمة رواتب موظفي إقليم كردستان “وفقا للقانون”.
ويتخذ الخلاف بين أربيل وبغداد، حول قطع الأخيرة تمويل رواتب موظفي الإقليم، أبعادا سياسية واقتصادية معقدة، وسط خلافات متراكمة، أبرزها ملف النفط والاتفاقيات الثنائية مع شركات أمريكية، بحسب مختصين.
وتسلمت المحكمة الاتحادية العليا، في 1 حزيران الجاري، دعوى قضائية من قبل عدد من موظفي إقليم كردستان، يطالبون فيها بإلزام وزارة المالية الاتحادية، إرسال رواتب موظفي كردستان، بناء على قرار المحكمة الاتحادية لعامي 2023 و2024، الذي نص على وجوب استمرار صرف رواتب موظفي الإقليم، بغض النظر عن المشاكل المالية الأخرى بين بغداد واربيل، وسط ترجيحات بصرف الرواتب يوم الثلاثاء المقبل.
وكانت وزيرة المالية، طيف سامي، قد أبلغت رسميا، في 28 آيار الماضي، حكومة الإقليم بتعذّر استمرار الوزارة في تمويل الرواتب، مرجعة ذلك إلى “تجاوز كردستان الحصة المقررة لها ضمن قانون الموازنة الاتحادية والبالغة 12.67%”.
وحول قضية اتفاقية خور عبد الله، فإنها تمثل واحدة من أبرز الملفات المثيرة للجدل في المشهد السياسي العراقي، خاصة وأنها جاءت في فترة حساسة تمر بها البلاد، بين الاستعدادات للقمة العربية التي عقدت الشهر الماضي ببغداد، وبين سباق التحالفات السياسية قبيل الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني المقبل.
وبدأت قصة اتفاقية خور عبد الله، في أيلول 2023، حيث أصدرت المحكمة الاتحادية قرارا يقضي بعدم دستورية قانون التصديق على اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله، التي تم توقيعها بين العراق والكويت عام 2012 وصادق عليها البرلمان العراقي في 2013.
واستندت المحكمة في حكمها إلى أن التصديق على الاتفاقية لم يحصل على أغلبية الثلثين من أعضاء مجلس النواب، كما تنص المادة 61 من الدستور العراقي.
إلا أن هذا القرار أثار استياء واسعا في الكويت، حيث اعتبرته الحكومة الكويتية “ادعاءات تاريخية باطلة”.
وسلمت الكويت مذكرة احتجاج رسمية للسفير العراقي لديها، معربة عن رفضها القاطع للحكم، ومطالبة بغداد باتخاذ خطوات لمعالجة تداعياته.
ووصف وزير الخارجية الكويتي، الشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح، الحكم بأنه يحتوي على “مغالطات تاريخية”، مؤكدا أن بلاده تتوقع من الحكومة العراقية اتخاذ “إجراءات ملموسة وحاسمة وعاجلة” لمعالجة هذا الأمر.
وكانت الحكومة العراقية، أكدت التزامها بالاتفاقيات الدولية، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مشددة على أهمية احترام وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين العراق والكويت وفق السياقات الدستورية والقانونية.
إلا أنه في 15 نيسان الماضي، قدم كل من رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، ورئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، طعنا بقرار المحكمة الاتحادية بشأن الاتفاقية، وجاء هذا الطعن في إطار سعي الحكومة العراقية للحفاظ على العلاقات الثنائية مع الكويت، وتجنب أي توترات قد تنجم عن هذا القرار القضائي، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في العراق، وسط اتهامات لرئيس الوزراء، محمد السوداني، بالتدخل لعرقلة تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية، القاضي بإلغاء اتفاقية خور عبد الله المبرمة مع الجانب الكويتي، وذلك استنادا إلى ما قالوا إنها وثيقة بحوزتهم.
في المقابل، أعلن نواب عزمهم تقديم شكوى رسمية ضد رئيس الوزراء إلى الادعاء العام، على خلفية ما وصفوه بمخالفة قانونية لقرار صادر عن أعلى سلطة قضائية في البلاد.
وكان القاضي والوزير السابق، وائل عبد اللطيف، أكد في حينها أن “اتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت تشوبها مخالفات قانونية ودستورية جسيمة”، مشددا على أن “قرار المحكمة الاتحادية بشأن الاتفاقية سليم بنسبة 100% ولا يمكن الطعن فيه، باعتباره قرارا باتا وملزما للجميع”.
وكشف النائب علاء الحيدري، عن تقديم الكويت رشاوى لأطراف عراقية تصل إلى 600 مليار دولار لتمرير اتفاقية خور عبد الله، فيما حذر النائب المستقل هيثم الزركاني، رئيس الوزراء، محمد السوداني من “يوم أسود” في حال التنازل عن خور عبد الله.
وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 833 لسنة 1993، فقد تم تقسيم خور عبد الله مناصفة بين العراق والكويت، فالحدود تبدأ من العلامة 107 إلى 110 وتمثل خط الساحل بين الجانبين، أي تكون المياه للعراق واليابسة للكويت، ومن النقطة 111 إلى 134 هو خور شيطانة، وتمثل خط التالوك لمجرى الينابيع العذبة، وبالتالي أصبح المجال البحري للعراق أكبر من مجال الجانب الكويتي، ومن النقطة 134 إلى 162 هو خور عبد الله، ويكون مناصفة بين العراق والكويت، أي الجزء الشمالي للعراق والجنوبي للكويت، فيما ترك القرار، ما بعد العلامة 162، ولم يرسمها، ورهن تحديدها بمفاوضات بين العراق والكويت.
أقرأ ايضاً
- العميري يطالب باجتماع "سياسي" والمشهداني يعارض.. ما علاقة ذلك باستقالة القضاة؟ (وثائق)
- ايران :تغيير اسم شارع "خالد إسلامبولي" إلى شارع "سيد حسن نصر الله"
- السفارة الأميركية بالعراق تتأهب لأوامر إخلاء بسبب مخاطر أمنية