
لطالما كان الجمود التشريعي الذي شهده مجلس النواب، خلال هذه الدورة البرلمانية الحالية، موضع جدل داخل الأوساط السياسية والشعبية، في ظل الغيابات المتكررة والخلافات المستمرة بين الكتل السياسية، والتي تسببت بتعطيل عشرات القوانين التي تهم شرائح مهمة في البلاد.
ورغم العطلة التشريعية للبرلمان، إلا أن الحديث حول تفعيل ملف الاستجوابات، لتعويض ما فاته من رقابة وتشريع ما زال مستمرا، إذ حذر النائب عن تحالف الفتح، فراس المسلماوي، من تكرار سيناريو شلل مجلس النواب بسبب الصراعات السياسية، بعد انتهاء العطلة التشريعية، مشيرا إلى أن بعض الكتل المتنفذة تستفيد من حالة الجمود البرلماني، لمنع إقرار القوانين، وتعطيل آليات الرقابة، ولا سيما الاستجوابات.
وقررت رئاسة مجلس النواب، إنهاء الفصل التشريعي الأول من السنة التشريعية الرابعة – الدورة الانتخابية الخامسة، يوم الجمعة التاسع من آيار الجاري، مبينة، أن ذلك يأتي استنادا إلى المادة 57 من دستور جمهورية العراق، والمادة 22 من النظام الداخلي لمجلس النواب.
وتنص المادة 57 من الدستور العراقي لمجلس النواب دورة انعقاد سنوية بفصلين تشريعيين امدهما 8 أشهر، يحدد النظام الداخلي كيفية انعقادهما، ولا ينتهي فصل الانعقاد الذي تعرض فيه الموازنة العامة الا بعد الموافقة عليها.
أما المادة 22 من النظام الداخلي لمجلس النواب، فتنص على أولاً: لمجلس النواب دورة انعقاد بفصلين تشريعيين امدهما 8 أشهر يبدأ أولهما في 1 آذار وينتهي في 30 حزيران من كل سنة، يبدأ ثانيهما في 1 أيلول وينتهي في 31 كانون الأول.
وقال المسلماوي في تصريح صحافي، إن “الكتل المستفيدة من تعطيل الجلسات البرلمانية، تعمل على تأزيم الخلافات بين القوى السياسية، بهدف تعطيل القوانين المهمة وتمرير مصالح ضيقة”، لافتا إلى أن “عدم رضوخ رئاسة البرلمان للضغوط السياسية، بات أمرا ضروريا لتفعيل الدور الرقابي والتشريعي”.
وأضاف، أن “المرحلة المقبلة تتطلب وحدة الصف البرلماني والابتعاد عن المناكفات السياسية، والعمل على اقرار القوانين واستجواب المقصرين”.
وكان النائب، ياسر الحسيني، كشف مؤخرا، عن وجود فساد واسع داخل وزارة التجارة يتعلق بمنح إجازات تشغيل المطاحن، محذرا من آثار اقتصادية خطيرة تهدد آلاف العاملين في هذا القطاع، فيما أكد أن “المطاحن في العراق تعمل حاليا بنسبة لا تتجاوز 8% من طاقتها الإنتاجية، في وقت تمنح فيه وزارة التجارة إجازات تشغيل غير مدروسة لأشخاص متنفذين محسوبين على وزير التجارة الحالي المنتمي إلى تحالف خميس الخنجر السياسي المعروف وزعيم تحالف السيادة، مشيرا إلى أن الأخير يعمل عرقلة عمل البرلمان وقضايا الاستجوابات خوفًا من مساءلة وزير التجارة الفاسد.
وشهد البرلمان خلال الفصل التشريعي الأول، حالة من تعطيل الجلسات، نتيجة لتغيب عدد من النواب عن حضور الجلسات، وسط انتقادات للرئاسة بعدم تطبيق النظام الداخلي للمجلس، واتخاذ إجراءات صارمة لضمان سير أعمال الجلسات وعدم تعطيل انعقاد البرلمان.
وحمل النائب المستقل، هيثم الفهد، في 5 أيار الجاري، الحكومة مسؤولية تعطيل جلسات، مؤكدا أن التعطيل جاء لتفادي إحراجها بشأن بعض القوانين، وتحديدا قانوني تقاعد الحشد الشعبي، وسلم الرواتب.
ومنذ بداية الدورة النيابية في كانون الثاني يناير 2022، عقد مجلس النواب العراقي 132 جلسة فقط، في حين ينص النظام الداخلي على عقد 256 جلسة سنويا، كما حدد النظام الداخلي عقد 8 جلسات شهريا، وفصلا تشريعيا يمتد 4 أشهر، بواقع 32 جلسة في كل فصل.
وواجهت المؤسسة التشريعية، منذ انطلاق الدورة الخامسة للبرلمان، تحديات كبيرة، أبرزها الانقسامات الحادة بين الكتل السياسية، وغياب التوافق حول الملفات الكبرى، ما انعكس سلبا على الأداءين التشريعي والرقابي، كما ساهمت هيمنة بعض الأطراف النافذة على قرارات البرلمان في إضعاف دوره، وتراجع ثقة المواطنين بفعاليته، خصوصا مع تكرار تعطيل الجلسات وتغييب القوانين الإصلاحية، مما دفع عددا من النواب إلى طرح خيار حل البرلمان، كمدخل لإعادة بناء المشهد السياسي وفق أسس جديدة.
واتهم النائب المستقل، رائد المالكي، في 15 نيسان الماضي، جهات سياسية، وموظفا في مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بالوقوف وراء تعطيل جلسات مجلس النواب، بهدف إفشال إدراج تعديل قانون الانتخابات على جدول الأعمال، محملا رئاسة مجلس النواب، ورؤساء الكتل السياسية مسؤولية ما يجري.
وكان النائب المستقل، حسين السعبري، ذكر في 9 آذار الماضي، وجود توجه لحل مجلس النواب العراقي، والذهاب لانتخابات مبكرة، في حال استمرار تعطيل جلساته.
ويخضع حل البرلمان في العراق للمادة 64 من الدستور العراقي، التي تنصّ على أن حل البرلمان يجري بإحدى طريقتين: إما بطلب من رئيس الحكومة وموافقة رئيس البرلمان، أو بطلب من ثلث أعضاء البرلمان على أن يجري التصويت على حله بالغالبية.
وتوصف حصيلة مجلس النواب العراقي في تشريع القوانين وإنجاز الأعمال الرقابية بالضحلة، حيث لم يتمكنّ المجلس سوى من تمرير عدد محدود من التشريعات بعضها هامشي وقليل الأثر على واقع البلاد وسكانه إن لم يكن ذا تأثير عكسي باتجاه إضعاف وحدة المجتمع وإذكاء النعرات الطائفية والعرقية داخله.
وتأخذ محاولة تمرير أيّ قانون من قبل البرلمان مددا زمنية طويلة بسبب كثرة الجدل والخلافات التي تدور عادة على خلفية مصالح الجهات الممثلة في البرلمان وتوجهاتها وانتماءاتها العرقية والطائفية.
ويعد تعطل إقرار العديد من القوانين المهمة من شأنه إضعاف الدور التشريعي والرقابي لمجلس النواب، وفق ما يراه مراقبون للشأن السياسي، الذين ينتقدون لجوء البرلمان إلى مبدأ التوافقية السياسية التي أدت لتأجيل قوانين مهمة يرتقبها الشارع العراقي.
وكان عضو لجنة النزاهة النيابية، هادي السلامي، كشف في 2 كانون الثاني الماضي، عن التوقيع على 9 استجوابات ستشمل وزير الدفاع ثابت العباسي، وبنكين ريكاني وزير الإعمار والاسكان والبلديات والأشغال العامة، وزير التجارة أثير داود الغريري، وكذلك زير الكهرباء زياد علي فاضل، ووزيرة الاتصالات هيام الياسري، ووزير النقل رزاق محيبس السعداوي، فضلا عن هيئة الإعلام والاتصالات، وهيئة الاستثمار”، إلا أنه لم يتم أي شيء يذكر حتى الآن.
الجدير بالذكر أنه في 13 آذار 2024، طال الاستجواب رئيس شبكة الاعلام العراقية السابق، نبيل جاسم، الذي فشل بإقناع المجلس بأجوبته، واكتفى المجلس بسحب يده من إدارة الشبكة بدون مساءلته قانونيا عن الملفات التي استجوب على أساسها.
أقرأ ايضاً
- بعد تعافيه من الادمان.. احد ضحايا المخدرات: كنت ارى أبي وأمي من ألد اعدائي
- تطمينات وتحذيرات.. حرب الانتخابات تصل إلى الرواتب
- المالية النيابية تستبعد تعديل سعر برميل النفط