
استعداداً للحدث الوطني الأبرز والمتمثل بانعقاد القمة العربية في العاصمة بغداد في 17 أيار الجاري، تضع أمانة بغداد لمساتها الأخيرة على أكثر من 80 مشروعاً خدمياً متنوعاً ضمن خطتها للارتقاء بالواقع الخدمي، في وقت أعلنت فيه وزارة الداخلية إكمال كافة استعداداتها لتأمين القمة والوفود المشاركة فيها، مبينة أن طيران الجيش سيقوم بتأمين سماء العاصمة خلال فترة
الانعقاد.
ويأتي التزاحم الخدمي الذي لم تنقطع فيه مشاهد أعمال البناء والعمران بمختلف مناطق العاصمة، نتيجة للدعم الحكومي وتوظيف الإمكانات المادية والبشرية لظهور العاصمة بالصورة المثلى أمام ضيوفها من الوفود والملوك والرؤساء العرب.
مشاريع خدمية
الناطق الإعلامي باسم الأمانة عدي الجنديل، أوضح خلال حديثه لـ"الصباح"، أن "الأمانة أنجزت حزمة مشاريع في الشوارع والطرق الرئيسة التي ستمر من خلالها الوفود الدبلوماسية، بهدف إظهار الوجه العمراني والتطويري للعاصمة بغداد بشكل يليق بضيوفها ويتناسب مع حجمها التاريخي".
وأضاف، أن "الأمانة دشَّنت أكثر من 80 مشروعاً خدمياً متنوعاً تشمل كافة القطاعات الخدمية؛ لاسيما أعمال الطرق والجسور والشوارع، من أبرزها مشروع تطوير وتأهيل وتأثيث شارع مطار بغداد الدولي التي شملت قشط وإكساء الشارع بطول 20 كيلو متر".
وأكد، أن "تطوير الشارع الحيوي الذي يمتد من صالة المطار وصولاً إلى مستشفى ابن سينا، استخدمت فيه التقنية الحديثة بطبقة رابطة للإكساء تهدف إلى إطالة عمر الطريق ليصل إلى أكثر من 50 عاماً، فضلاً عن تأثيثه بالإنارة والعلامات الدلالية والمرورية، إلى جانب صيانة وتطوير المساحات والمسطَّحات الخضراء التي تفصل جانبي الطريق علاوة على استبدال الأسيجة الواقية."
وأوضح الجنديل، أن "دوائر بلديات المنصور والرشيد والكرخ والرصافة والغدير تعمل على تطوير الشوارع ضمن قواطعها الجغرافية التي تشمل شارع الجمهورية الممتد من ساحة الطيران في منطقة الباب الشرقي وصولاً إلى الباب المعظم، فضلاً عن إكساء وتطوير وتأثيث وتخطيط شوارع حيفا والحارثية وحي الجامعة والسدة في منطقة الكرادة الذي شهد توسعة الطريق وتطوير اكتاف الشارع ورصفه بالمقرنص المرمري، إلى جانب شوارع جامعة بغداد في الجادرية وشارع الكرادة خارج وثلاث محلات سكنية في منطقة الأعظمية."
وتابع، أن "الدوائر البلدية خصصت لها قواطع ومساحات معينة داخل المنطقة الخضراء بهدف إنجاز أعمال خدمية متنوعة تشمل الإكساء وتطوير وزراعة المساحات الخضراء وإنشاء لوحات زهرية ترحب بالوفود، علاوة على رفع الكتل الكونكريتية من أمام مبنى مجلس النواب والأمانة العامة لمجلس الوزراء، إضافة إلى تطوير وإكساء الشوارع وتزيينها وتخطيطها لتظهر بالصورة المثلى التي تليق بمكانة العاصمة وتاريخها."
الناطق باسم الأمانة، بين أن "خطة العام الحالي تضمنت إكساء 9 ملايين متر مربع من شوارع وأزقة جانبي الكرخ والرصافة للمناطق السكنية والمحلات الرسمية التي تشمل مناطق اإفرازات الحديثة والمناطق السكنية القديمة."
وذكر الجنديل، أنه "لأول مرة وبهدف تحسين وتطوير الواقع الخدمي تصل الأمانة في تاريخها إلى هذه الأرقام التي تعكس الدعم الحكومي لقطاع الطرق الذي ارتفع بواقع مليون و500 ألف متر مربع، مقارنة بالعام الماضي الذي بلغت خطة الإكساء فيه 7 ملايين و500 ألف متر مربع من الشوارع والطرق".
حديث الغزي
وكان الأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي، أكد أمس الأول الثلاثاء، أن خطة تأمين القمة العربية لن تتضمن حظراً للتجوال وسيتم تعزيز أمن أماكن الاجتماعات الوزارية واجتماعات الملوك والرؤساء والزعماء، كاشفاً عن إكمال تنفيذ عشرات المشاريع الخدمية استعداداً للقمة.
وقال الغزي في حديث لـ"العراقية الإخبارية" وتابعته "الصباح": "تم عقد اجتماع اللجنة العليا للقمة العربية وجرى التأكيد على استكمال كافة الاستعدادات، ناقشنا المواضيع الخدمية التي تم التعاقد عليها من قبل أمانة بغداد ووزارة الإسكان والإعمار وأيضاً، وزارة النقل وبعض الجهات الخدمية الأخرى".
وأضاف، أنه "تم بالتعاون وتضافر الجهود تنفيذ (عشرات المشاريع)، وهذه المشاريع بدأ العمل عليها منذ شهور، وأعلنت كل الدوائر والجهات الخدمية باستكمال كافة مشاريعها الخدمية المتعلقة بالقمة العربية أيضاً، وأيضاً في ما يتعلق استعدادات وزارة النقل الملاحة والطيران والمطار فإنها استكملت أيضاً".
ولفت، إلى أن "الخطة تتضمن تأمين مواقع إقامة الاجتماعات سواء على مستوى الوزراء أو الملوك والرؤساء والزعماء"، وأيضاً في "الخطة شقٌّ صحيٌّ وآخر إعلامي".
استعدادات الداخلية
إلى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية، أمس الأربعاء، عن استكمال جميع الإجراءات الخاصة لتأمين القمة العربية في بغداد، فيما أشار إلى أن طيران الجيش سيشارك في تأمين سماء بغداد.
وقال مدير دائرة العلاقات والإعلام بالوزارة، العميد مقداد ميري في مؤتمر صحفي حضرته "الصباح": إن "هناك لجنة عليا تخصُّ تأمين القمة العربية في بغداد وقد أكملت جميع مستلزماتها"، مبيناً أنه "تم وضع خطة طوارئ لأي حالات طارئة".
وأضاف، أن "اللجنة الأمنية الخاصة بتأمين قمة بغداد أجرت زيارة إلى البحرين للاطلاع على التجارب السابقة"، مشيراً إلى أنه "تم انتخاب 600 ضابط ومنتسب لتأمين الحماية الشخصية للوفود عالية المستوى".
وتابع: "تم انتخاب ضباط برتبة لواء لإجراء العمل الاستخباري، مع انتخاب 100 ضابط لإشراكهم في المواكب الأمنية الخاصة بالوفود"، لافتاً إلى أنه "تم تشكيل لجنة أمنية لتدقيق الوفود ومن بينها الإعلامية".
وبيّن، أنه "ستكون في مركز العمليات 3 آلاف كاميرا"، لافتاً إلى أن "طيران الجيش سيشارك في تأمين سماء بغداد، ولن تكون هناك مظاهر مسلحة في العاصمة، ولا وجود لأي قطع للطرق"، وشدد "لن نسمح بأي خرق أمنّي خلال القمة العربية".
تحولات جوهرية
وفي خطوة تعكس تحولات جوهرية في المشهدين السياسي والأمني للعراق، تستضيف العاصمة بغداد أعمال القمة العربية وسط حضور رسمي رفيع ومشاركة فعالة من الدول الأعضاء. هذا الحدث، الذي وصف بأنه "تاريخي" من قبل العديد من المسؤولين، لا يُجسد فقط عودة العراق إلى دوره القيادي في المنطقة، بل يبعث برسائل سياسية قوية عن قدرته على التنظيم، الاستقرار، والانفتاح على العالم.
النائب دنيا الشمري، أشارت في حديث لـ"الصباح"، إلى أن "القمة تمثل نقطة تحول كبيرة في نظرة الدول العربية للعراق، فلطالما اتُهم العراق بعدم الاستقرار وفقدان القدرة على احتضان الفعاليات الكبرى، لكن القمة العربية أثبتت عكس ذلك. بغداد اليوم أكثر أماناً وجمالاً، وتملك من الإمكانيات والبنية التحتية ما يؤهلها لاستضافة فعاليات عالمية."
وأضافت، أن "انعقاد القمة في بغداد ليس مجرد اجتماع دبلوماسي، بل رسالة واضحة بأن هناك طموحاً عراقياً لبناء دولة حديثة جامعة للأمة العربية على المستويات السياسية، الثقافية، الاجتماعية، والعلمية."
وفي ملف تمكين المرأة، أوضحت الشمري، أن "العراق تجاوز مرحلة التمكين الرمزي إلى مرحلة المشاركة الفعلية"، مشيرة إلى أن "وجود ثلاث وزيرات في الحكومة، وعدد من الوكيلات والمديرات العامات وعميدات الجامعات، يثبت أن المرأة العراقية شريك حقيقي في صناعة القرار."
وأكدت، أن "ثلث أعضاء البرلمان العراقي من النساء، وهو ما يُعدّ مؤشراً على وجود دعم حقيقي ومؤسسي لدور المرأة"، مضيفة أن "ملف المرأة، إن طُرح ضمن أعمال القمة، فستديره وزيرات بشكل مباشر ضمن رؤية وطنية تهدف إلى تعزيز أدوار النساء في مختلف مفاصل الدولة."
محطة دبلوماسية بارزة
وتعدُّ القمة العربية المرتقبة ببغداد من أبرز المحطات الدبلوماسية التي يشهدها العراق في السنوات الأخيرة، وتناقش القمة أبرز الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية والأزمات الإقليمية، إلى جانب قضايا الأمن الغذائي والتنمية والتكامل الاقتصادي بين الدول العربية.
وفي هذا السياق، أشاد عضو مجلس النواب أمانج هركي، بأهمية عقد القمة في بغداد، مؤكداً أنها خطوة تعكس عودة العراق بقوة إلى محيطه العربي والإقليمي.
وقال هركي، في حديث لـ"الصباح": إن "عقد القمة في بغداد خطوة ممتازة تؤكد تحسن الوضع الأمني والسياسي، وتعكس ثقة المجتمع الدولي والدول العربية ببغداد، وهو مؤشر مهم على استقرار العراق واستعداده لاستضافة محافل بهذا الحجم".
وأضاف، أن "هذا الحدث يمثل انفتاحاً مهماً للبلد، ولبغداد تحديداً، التي كانت ولسنوات طويلة غائبة عن المشهد العربي بهذا المستوى من التمثيل"، موضحاً أن "البلاد تحتاج إلى مثل هذه المناسبات التي تضعها في صدارة الأحداث وتعزز حضورها على الخارطة الدبلوماسية".
وبيّن، أن "القمة ستكون لها آثار إيجابية على المستوى الاقتصادي، سواء من حيث تعزيز العلاقات التجارية مع الدول المشاركة أو فتح فرص استثمارية جديدة، خصوصاً في قطاعات البنى التحتية والطاقة"، وأكد أن "الرسالة الأهم من القمة هي أن العراق بات مستقراً وآمناً، ويملك الإرادة السياسية للعب دور فاعل في القضايا العربية والإقليمية".
أقرأ ايضاً
- بغداد وواشنطن يبحثان ملف مخيم الهول وإعادة الرعايا
- خلافات إدارية بين بغداد وأربيل تعرقل حركة الشاحنات التركية
- أمين مجلس الوزراء: اكتمال استعدادات قمة بغداد ولا حظر للتجوال