
عملياً انتهت ولاية البرلمان قبل 6 أشهر من عمره الافتراضي بسبب «غياب النواب».
البرلمان، في آخر شهر وحتى موعد الانتخابات القادمة، سيحذر منه النواب من «إكمال النصاب» أي عقد أي جلسة.
«إكمال النصاب» سيهدد، بحسب نحو نصف أعضاء البرلمان، بتعديل قانون الانتخابات.
ومنذ نحو 6 أشهر، لم يعقد البرلمان سوى 10 جلسات، لكن النواب حصلوا مقابل ذلك على رواتب بنحو 18 مليار دينار.
يقول عارف الحمامي، وهو نائب مؤيد لتعديل قانون الانتخابات، إن «عدم حصول جلسات في البرلمان بسبب الخوف من تعديل قانون الانتخابات».
الحمامي، وهو نائب عن «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، يشير في اتصال مع «المدى» إلى أن «إكمال النصاب يعني إمكانية توقيع 50 نائباً على عرض تعديل القانون».
في جلسة الاثنين الأخيرة (6 أيار)، قرر البرلمان رفع الجلسة بسبب «عدم اكتمال النصاب»، بحسب الحمامي.
وكان من المقرر أن يعقد البرلمان، أمس، جلسة جديدة وفق جدول الأعمال المنشور في موقعه.
لكن الحمامي توقّع قبل عقد الجلسة بساعات احتمال تكرار «سيناريو جلسة الاثنين» وعدم اكتمال النصاب.
وكان جدول أعمال جلستي (الاثنين والثلاثاء) يتضمّن تعديل ومناقشة قوانين غير مهمة وأخرى تتعلق بالانضمام إلى اتفاقيات.
تقول عالية نصيف، وهي من المعسكر المعارض لتعديل قانون الانتخابات، إن «النواب ضامِنون ضميمة»، في تعليق على سبب مقاطعة بعض النواب للجلسات.
وتؤكد نصيف في حوار تلفزيوني أن نواباً «يخبئون تعديل قانون الانتخابات ليظهرونه متى ما تحقق النصاب في الجلسة».
وطالبت النائب أن يقدم النواب المدافعون عن تعديل القانون «تعهّداً بعدم عرض التعديل» مقابل إنهاء المقاطعة.
«استقيل ورشح»
يدافع فريق المالكي عن فكرة تعديل يحول دون ترشح «المسؤولين» إلا بعد تقديم استقالاتهم من المنصب قبل 6 أشهر من الانتخابات.
ويعرض هذا الفريق حججاً تتعلق باستخدام «إمكانات» و«أموال» الدولة في الانتخابات.
ويدعم هادي العامري، زعيم منظمة بدر، تغيير قانون الانتخابات مع الإبقاء على «سانت ليغو» والمحافظة دائرة واحدة.
وبحسب القيادي في المنظمة معين الكاظمي، فإنه يجب «تعديل قانون الانتخابات لمنع استغلال المناصب في الانتخابات».
وبموقف منظمة بدر، فإن أغلب «الإطار التنسيقي»، باستثناء فالح الفياض، رئيس الحشد، وعمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة، وحيدر العبادي، رئيس الوزراء الأسبق، مع تعديل قانون الانتخابات.
وتفسر مصادر سياسية شيعية ما يجري بأنه «تقليم لأظافر الحكومة» عن طريق تعديل قانون انتخابات يمنع «المسؤولين من الترشح»، أو قبول السوداني بالتحالفات بشروط «الإطار».
وكان السوداني قد فاجأ «الإطار التنسيقي» بإعلان ترشحه شخصياً للانتخابات، خلافاً لما قيل إنه «اتفاق سابق» بعدم نزوله في السباق الانتخابي.
وكانت الذريعة ذاتها (استخدام إمكانات الدولة) قد منعت السوداني من خوض انتخابات 2023 المحلية، بسبب مخاوف من استغلال الأخير «الموازنة الثلاثية».
«الدورة البائسة»
ولحين إجراء الانتخابات المتوقعة في 11 تشرين الثاني المقبل، فإن البرلمان قد لا يتمكن من عقد جلسات.
ويظهر أغلب النواب منشغلين في التحضير للانتخابات من خلال النشاطات التي يبثونها على صفحات التواصل الاجتماعي.
يُقدَّر غياب أكثر من 100 نائب، على الأقل، في كل جلسة، من أصل 329 نائباً.
ويقول محمود المشهداني، آخر رئيس للبرلمان، إن «النواب أولاده»، خلال تعليقه على عدم فرضه عقوبات ضد المتغيبين.
ولم يستطع البرلمان سوى عقد 10 جلسات منذ انتخاب المشهداني أواخر تشرين الأول 2024.
وفي تراجع عن مواقفه السابقة، اعتبر المشهداني في حوار تلفزيوني بُث قبل أيام، أن تعطيل البرلمان «ذنب قيادات الصف الأول» وليس النواب.
وكان المشهداني قد قرر مطلع 2025 فرض غرامة مالية قدرها «مليون دينار» على النائب المتغيب عن الجلسة الواحدة، ونشر أسماء النواب المتغيبين في الموقع الإلكتروني الرسمي للمجلس.
ويقر رئيس البرلمان، في حواره الأخير، بأن الدورة الحالية «بائسة»، لكنه يؤكد أن «الإطاريين» وخلافات القيادات هي السبب.
موسم العبادات
ويستعد النواب الآن لأداء «الحج»، حيث سافر العام الماضي 80 نائباً في وقت كان البرلمان ينتظر جداول موازنة 2024 الأخيرة.
كما «اخترع النواب» عطلة خصصوها لـ«العبادة» في رمضان الفائت، وحصلوا على عطلة أكثر من شهر بأجرٍ كامل.
ويكلف شهر الغياب للنواب 3 مليارات دينار من الرواتب على الأقل، بمعدل 8 ملايين دينار شهرياً لكل نائب.
ويصف الباحث في الشأن السياسي، علي البيدر، الدورة الحالية للبرلمان بأنها «الأسوأ أو الأقل إنتاجاً منذ تأسيس العملية السياسية في 2003».
ويقول البيدر لـ«المدى» إن «هذه الدورة هي دورة الأزمة؛ بدأت بأزمة انسحاب الصدريين، ثم أزمة انعقاد الجلسة الأولى، وأزمة تغيير رئيس البرلمان».
لماذا ننتخب؟
وبسبب تكرار غياب النواب بدأ ناشطون يتساءلون عن المغزى من الاشتراك في الانتخابات القادمة.
ويرى البيدر أنه من المفترض أن يكون هناك وعي مجتمعي يصنع واقعاً نيابياً أفضل يخرج ممثلين أفضل، لكننا نتراجع في إيجاد برلمان فاعل.
ويشير الباحث أيضاً إلى أن قانون الانتخابات السابق، وتوزيع المحافظات إلى دوائر انتخابية، ساهم في صعود ممثلين لا يمتلكون الإمكانية الحقيقية، ومعظمهم اتكأ على موروث مجتمعي ضيق مثل المنطقة والقبيلة؛ فلم نذهب إلى خيارات فكرية أو أكاديمية.
وينصح الباحث بزجّ النائب في دورات تدريبية لتعريفه بمهامه ودوره الرقابي في المجلس.
ويقول البيدر إن «إنجازات النائب صارت تبليط بعض الأمتار ووضع محوّلة كهرباء»، وهو ما يجعل دوره مضحكاً أمام جسامة المشاكل الموجودة في البلاد وأهمية منصبه.
أقرأ ايضاً
- العمل: بابل ثاني أعلى محافظة بمعدلات الفقر في العراق
- العراق والإمارات يؤكدان أهمية العمل العربي المشترك
- وزير العمل يوضح بالأرقام أعداد المستفيدين من هيئة حقوق ذوي الإعاقة المشمولين براتبي الإعانة والمعين المتفرغ