
تحت قبة البرلمان، يستمر صدى تغيب النواب ليعصف بالعمر المتبقي للبرلمان، مما يثير القلق وينذر بتداعيات خطيرة على العملية السياسية في العراق.
ومع تأجيل جلسة البرلمان، اليوم الثلاثاء، لعدم اكتمال النصاب، حمل النائب المستقل هيثم الفهد، الحكومة مسؤولية تعطيل جلسات، مؤكدا أن التعطيل جاء لتفادي إحراجها بشأن بعض القوانين، وتحديدا قانوني تقاعد الحشد الشعبي، وسلم الرواتب.
وفي آذار الماضي، أتمّ البرلمان القراءة الأولى لمشروع قانون هيئة الحشد الشعبي، المتعلق بالهيكلية الإدارية من مديريات وألوية وغيرها، وذلك بعد سحب القانون الخاص بالخدمة والتقاعد لمنتسبي الحشد من البرلمان، وإعادته لمجلس الوزراء، نظرا إلى اللغط الذي أثير حوله.
وقال الفهد، إن “هناك قرارا حكوميا خفيا يقف وراء تعطيل جلسات مجلس النواب، وهذا التعطيل من أجل عدم إحراج الحكومة، حتى لا يمرر قانون الحشد الشعبي، وحتى لا يسبب إحراجا مع أمريكا والوضع العام، كذلك موضوع سلم الرواتب، فالحكومة لا تريد السلم الجديد كونها لا تملك الأموال الكافية”.
وأضاف أن “هناك إرادة لمنع تعديل قانون الانتخابات، وهذا له أولوية لدى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ولهذا تعطيل جلسات مجلس النواب هو بقرار حكومي مخفي، من أجل إبقاء الوضع على ما هو عليه لحين موعد الانتخابات التشريعية المقبلة”.
ويشهد البرلمان حالة من تعطيل الجلسات، نتيجة لتغيب عدد من النواب عن حضور الجلسات، وسط انتقادات للرئاسة بعدم تطبيق النظام الداخلي للمجلس، واتخاذ إجراءات صارمة لضمان سير أعمال الجلسات وعدم تعطيل انعقاد البرلمان.
ومنذ بداية الدورة النيابية في كانون الثاني 2022، عقد مجلس النواب العراقي 132 جلسة فقط، في حين ينص النظام الداخلي على عقد 256 جلسة سنويا، كما حدد النظام الداخلي عقد 8 جلسات شهريا، وفصلا تشريعيا يمتد 4 أشهر، بواقع 32 جلسة في كل فصل.
وواجهت المؤسسة التشريعية منذ انطلاق الدورة الخامسة للبرلمان، تحديات كبيرة، أبرزها الانقسامات الحادة بين الكتل السياسية، وغياب التوافق حول الملفات الكبرى، ما انعكس سلبا على الأداءين التشريعي والرقابي، كما ساهمت هيمنة بعض الأطراف النافذة على قرارات البرلمان في إضعاف دوره، وتراجع ثقة المواطنين بفعاليته، خصوصا مع تكرار تعطيل الجلسات وتغييب القوانين الإصلاحية، مما دفع عددا من النواب إلى طرح خيار حل البرلمان كمدخل لإعادة بناء المشهد السياسي وفق أسس جديدة.
واتهم النائب المستقل، رائد المالكي، في 15 نيسان الماضي، جهات سياسية، وموظفا في مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بالوقوف وراء تعطيل جلسات مجلس النواب، بهدف إفشال إدراج تعديل قانون الانتخابات على جدول الأعمال، محملا رئاسة مجلس النواب، ورؤساء الكتل السياسية مسؤولية ما يجري.
وكانت مصادر مطلعة أفادت، في آذار الماضي، بأن قرار سحب قانون تقاعد الحشد جاء بطلب من قادة الإطار، لتعديل فقرة تضمن بقاء القادة الحالية في الهيئة، وتحديدا رئيسها فالح الفياض، وذلك في خطوة لتدارك التعطيل المستمر لجلسات البرلمان.
الجدير بالذكر أن المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، أكد في 8 آذار الماضي، أن الحكومة لم تبلغ رسميا بحل الحشد الشعبي، أو أي مؤسسة أمنية أخرى، فيما أشار إلى عدم وجود أية ضغوطات حول الفصائل، أو الدولار، أو شركة النفط “سومو”، الأمر الذي يكشف حجم الضغوط والصراعات داخل البلاد.
جاء ذلك بعد تصريحات السياسي، عزت الشابندر في 6 آذار الماضي، التي أكد فيها أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وجه أوامر للعراق، وليست نصائح كما يروج لها”، مبينا أن “ذلك جاء عن طريق اتصال هاتفي لوزير خارجيته بالسوداني، حيث تركزت الأوامر على قطع الغاز الإيراني، ونزع سـلاح الفصائل، وحل الحشد الشعبي عبر دمجه بالمؤسسات الرسمية، بحيث يتم توزيع أفراده على قطاعات مختلفة، مثل المرور، الإطفاء، أو حتى ”نواطير”، حسب تعبيره.
وأضاف أن الحديث جاء بالنص “هذه أوامرنا ويجب أن تنفذوها”، مستطردا بالقول “إذا لم نستجب لأوامر ترامب فإننا سوف نعاني، لذا يجب على الحكام العراقيين أن يصارحوا شعبهم بهذه الحقيقة لكي يقفوا معهم”.
ويُعدّ قانون الخدمة والتقاعد لمنتسبي الحشد الشعبي، من القوانين المثيرة للجدل، إذ يمثل خلافا داخل البرلمان ومع الحكومة أيضا، وقد أخفق البرلمان أخيرا في التوصل إلى صيغة توافقية بشأن فقراته، خاصة أنه يشمل إحالة نحو 4 آلاف، بينهم قادة في الخط الأول بالحشد، على التقاعد لبلوغهم السن القانونية.
وأعلن الإطار التنسيقي، في 4 آذار الماضي، المضي بقانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد الشعبي، وذلك بعد الاتفاق على فقرة سن التقاعد، حيث بقيت كما هي عند 60 سنة، مع منح القائد العام للقوات المسلحة، رئيس مجلس الوزراء، صلاحية تمديد الخدمة لخمس خدمة لمنتسبي الحشد الشعبي ممن بلغ سن التقاعد، وفقا لمقتضيات المصلحة، بحسب عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، رفيق الصالحي.
وتتنازع الكتل الشيعية في البرلمان على تمرير القانون، الذي جرت قراءته الأولى والثانية قبل أكثر من شهر، لكن الخلافات بشأن فقرة تحديد سن التقاعد قد حالت دون إقرار القانون حتى الآن.
أقرأ ايضاً
- المندلاوي يوجه بنشر أسماء أعضاء مجلس النواب "المتغيبين" واستقطاع رواتبهم
- مجدداً.. مجلس النواب يؤجل انعقاد جلسته لعدم اكتمال النصاب القانوني
- العراق والإمارات يؤكدان أهمية العمل العربي المشترك