- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الحماية الجزائية للعلامات التجارية

بقلم: القاضي حبيب إبراهيم حمادة
تعد العلامة التجارية مظهرا من مظاهر الملكية الفكرية، إذ تنقسم هذه الأخيرة إلى ملكية صناعية مثل براءة الاختراع والرسوم الصناعية، وملكية أدبية المتمثلة بحق المؤلف إضافة إلى الملكية التجارية وتشمل الاسم التجاري والعنوان التجاري والعلامة التجارية، وتظهر اهمية العلامة التجارية كونها الوسيلة او الاداة المستخدمة في تمييز المنتجات او الخدمات على اختلاف انواعها للتجار او الصناع عما يشتبه معها مع منتجات او خدمات اخرى لتجار آخرين، لذا فأنها تعد وسيلة دعائية فعالة في تصريف المنتجات او عرض الخدمات او زيادة الطلب عليها من قبل الجمهور إضافة إلى تعزيز ثقة المستهلك بالمنتجات المصنعة او الخدمات المعروضة.
وعرف الفقه القانوني العلامة التجارية كونها أداة لتمييز المنتجات او الخدمات الخاصة بإحدى المناشئ عن غيرها من المنتجات او الخدمات الأخرى، بينما عرفها المشرع العراقي في المادة (١) من قانون العلامات والبيانات التجارية رقم ٢١ لسنة ١٩٥٧ المعدل بانها (اي اشارة او مجموعة من الاشارات يمكن ان تشكل علامة تجارية يمكن من خلالها التمييز بين سلع مشروع ما عن سلع مشاريع أخرى، مثل الاشارات وبخاصة الكلمات وبضمنها الاسماء الشخصية والحروف والارقام والاشكال الرمزية والألوان وكذلك اي خليط من هذه الإشارات يمكن تسجيله كعلامة تجارية...).
وقد اوجب المشرع العراقي توافر عدة شروط لتسجيل العلامة التجارية اصوليا، اذ ورد النص في المادة (٥) من القانون على عدم تسجيل العلامة التي تكون خالية من الصفة المميزة او المستعملة في التجارة وان تكون العلامة غير مخالفة للنظام العام والآداب وان لا تكون من العلامات المطابقة للنياشين او الأعلام او الشعارات الأخرى للعراق او الدول الاخرى اعضاء اتحاد باريس او المنظمات الدولية الحكومية، كما يجب ان لا تكون مطابقة او مشابهة لرمز الصليب الاحمر او الهلال الاحمر او صليب جنيف، وان لا تكون العلامة اسم شخص او لقبه او شعاره الا بموافقته التحريرية، كما يشترط بها ان لا تكون القاب درجات الشرف التي يعجز طالب التسجيل عن اثبات صحتها، كما اوجب المشرع ان لاتكون من العلامات التي تخدع الجمهور او تربكه او التي تحتوي أوصافا غير صحيحة عن منشأ المنتجات وكذلك الاشارات التي تحتوي على اسم تجاري وهمي او مقلد او مزيف. كما يشترط لتسجيل العلامة ان لا تكون مطابقة أو مشابهة لعلامة مشهورة او علامة تجارية مسجلة سابقا اذا كان تسجيل تلك العلامة سيؤدي الى إحداث إرباك لدى الجمهور بالبضاعة التي تميزها العلامة او البضائع المشابهة.
والقاعدة العامة إن العلامة التجارية إنما تكون ملكا لمن قام بتسجيلها وفقا لأحكام القانون، ولا يجوز المنازعة في حق ملكيتها اذا كان قد استعملها لمدة خمس سنوات متتالية من تاريخ إكمال تسجيلها وفقا لمور ورد عليه النص في المادة (٣) من القانون، ويحصل الاعتداء او التجاوز على العلامة التجارية بأشكال متعددة ومنها تزوير العلامة التجارية المسجلة من خلال نسخها كاملا او تقليدها باستعمال علامة مشابهة للعلامة المسجلة بصورة تضلل الجمهور بدون موافقة مالكها الشرعي وأيضا استعمال علامة تجارية دون وجه حق من خلال طبع علامة تلصق على منتجات لا تعود لصاحب العلامة اضافة الى بيع او عرض منتجات مقلدة بغض النظر عما اذا كان الفاعل هو الذي قام بتزوير او تقليد العلامة. وتتمثل الحماية الجزائية للعلامة التجارية بالنصوص العقابية المتضمنة فرض العقوبات المقيدة للحرية والمالية بحق من يبادر الى الاعتداء او المساس بالعلامة التجارية المسجلة قانونا، اذ ورد النص في المادة (٢٥) من قانون العلامات والبيانات التجارية رقم (٢١) لسنة ١٩٥٧ المعدلة بالقانون رقم ٨٠ في ٢٠٠٤/٤/٢٦ على فرض عقوبة الحبس لمدة لاتقل عن سنة ولاتزيد على خمس سنوات وغرامة لاتقل عن خمسين مليون دينار ولاتقل عن مائة مليون دينار بحق المتهمين عند تزوير العلامة التجارية المسجلة قانونا او تقليدها بطريقة يراد منها خداع الجمهور او استعمال علامة تجارية مزورة او مقلدة وبسوء نية او استعمال علامة تجارية مسجلة اصوليا بصورة غير مشروعة او وضع علامة تجارية مملوكة للغير على منتجاته وايضا كل من باع او عرض للبيع او للتداول او حاز بقصد البيع منتجات تحمل علامة تجارية مزورة او مقلدة او علامة تجارية موضوعة بصورة غير مشروعة وبشكل متعمد او عرض تادية خدمات بموجب التزوير او التقليد او باستعمال علامة بصورة غير قانونية عمدا.
كما ورد النص في المادة (٢٦) منه على فرض عقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنة او بغرامة لا تزيد على مائة دينار او باحدى هاتين العقوبتين في حالة استعمال علامة تجارية غير مسجلة او من استعمل طرقا للادعاء بتسجيل تلك العلامة، وفي حالة ارتكاب الجرائم المشار اليها في المادتين اعلاه فان المشرع قد اعتبر الجريمة المرتكبة في مثل هذه الحالة من جرائم الجنايات، وتكون العقوبة المقررة لذلك هي الحبس لمة لاتقل عن خمس سنوات ولاتزيد عن عشرة سنوات وبغرامة لاتقل عن مائة مليون دينار ولاتزيد على مائتي مليون دينار. وحسنا فعل المشرع العراقي عند تشديده للعقوبات المفروضة بحق المتهمين عند ارتكابهم الجرائم الماسة بالعلامة التجارية خاصة فيما يتعلق بالغرامات المالية بغية الحد من ارتكاب مثل تلك الجرائم كونها تمثل اعتداء على حقوق الغير اضافة الى انتشار ظاهرة الغش التجاري وما يرتبه من اثار سلبية على الفرد والمجتمع والمساس بالاقتصاد الوطني عموما.
أقرأ ايضاً
- السياسة التجارية للعراق.. من فرضية النمو الى الهدم الاقتصادي
- مكاتب الاعلان والمطابع والحماية القانونية
- الحماية القانونية للشواطئ