
يتصاعد السجال الداخلي في بغداد مع اقتراب موعد القمة العربية في 17 آيار المقبل، حول مشاركة رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع -أبو محمد الجولاني- في القمة، حتى بات الشغل الشاغل للسياسيين والمختصين بالشأن السياسي، فيما يستمر الغموض الحكومي حول الأسباب التي جعلت من لقاء رئيس الوزراء محمد السوداني والشرع في الدوحة “سريا”.
وفي تطور لافت، كشف مختصون ومقربون من رئيس الوزراء محمد السوداني، عن موقف الأخير من دعوة رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع إلى بغداد، في ظل الحديث عن مذكرة القبض بحقه واعتقاله فور وصوله إلى بغداد، مشيرين في الوقت ذاته الى ضرورة محاسبة الذين سربوا صورة لقاء مسقط.
إذ قال السياسي والمقرب من رئيس الحكومة، عائد الهلالي في حوار متلفز، “إنني جلست شخصيا مع رئيس الوزراء محمد السوداني وتحدثت معه حول الملف القانوني للرئيس السوري أحمد الشرع في العراق وقال لي إن ملف الشرع في ملعب القضاء العراقي، وانه عندما يقول القضاء أن (الجولاني) مطلوب للقضاء فلا نسمح بأن ندعوه الى القمة العربية”.
وأضاف: “بالتالي عندما يكون هناك ملف للشرع عند القضاء ويأتي الشرع الى بغداد ويتم تنفيذ حكم القبض عليه من قبل القضاء العراقي، فأن ذلك سيصبح سابقة دولية“، مبينا : “اعتقد انه لا السوداني والقضاء العراقي قادر على اتخاذ خطوة من الممكن أن تعكر صفو الأجواء التي سادت العملية السياسية في العراق، ولا يريد أن يدخل في مناكفات مع دول المنطقة لأنه ذهب بحالة من التهدئة في المنطقة”.
وحول الحديث عن تسريب صورة السوداني والشرع في الدوحة من قبل أشخاص مقربين من السوداني، قال محافظ بغداد الأسبق صلاح عبد الرزاق، إن “تسريب صورة لقاء الدوحة من قبل مقربين من السوداني “كارثة” ويدل على أنهم أشخاص غير موثوق بهم”، مبينا أن “زيارة السوداني السرية هي من شجعت الإشاعات وحديث المؤامرات، لاسيما وان موظفي المطار لا يعلمون أصلا بالزيارة”.
وأضاف : “إذا كان تسريب الصورة غير معلوم به من قبل الحكومة فهذا إهمال أولا أو خيانة”، مشددا على “ضرورة محاسبة المتسببين بذلك”.
وتابع أن “ما اثار الجدل في العراق هو التكتم الحكومي عن الزيارة ولماذا قطر من كشفت على ذلك”، واصفا إياه بـ”الفخ”، مشيرا الى أن “زيارة رئيس المخابرات العراقي حميد الشطري الى سوريا كانت صورة اللقاء مع الشرع تم تسريبها من قبل السوريين”.
وكان حزب الدعوة الإسلامية، أعلن الأحد الماضي، رفضه “غير المباشر” لزيارة احمد الشرع الرئيس السوري الانتقالي، الى بغداد للمشاركة في القمة العربية، مشددا على ضرورة التأكد من خلو السجل القضائي العراقي والدولي من كونه مطلوبا، فيما لوح الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي بالقبض على الشرع فور وصوله إلى بغداد.
وخلال الأيام الماضية، أجرى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لقاء سريعا مع رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في العاصمة القطرية الدوحة.
ومثّل هذا اللقاء ضربة مفاجئة لقوى الإطار التنسيقي الحاكم في البلاد، حيث أنها ما تزال تصنف القيادة السورية الجديدة في خانة الإرهاب.
لكن لقاء السوداني والشرع لم يك مفاجئا للكثير سواء في بغداد أو دمشق، إذ مهدت له زيارتان متبادلتان من الجانبين في وقت سابق، الأولى عندما أجرى رئيس جهاز المخابرات العراقي حميد الشطري زيارة إلى دمشق مطلع العام الحالي، والثانية عندما زار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بغداد والتقى برئيس الحكومة والرئاسات الأخرى الشهر الماضي.
وكان المحلل السياسي المقرب من رئيس الحكومة، عائد الهلالي، أكد في تصريح سابق، أن “السرية التي أحاطت باللقاء لا تبدو عفوية، وقد تدل على حساسية كبيرة في مضمون النقاشات، سواء تعلق الأمر بملفات إعادة تموضع بعض القوى، أو بتفاهمات أمنية لا يمكن تمريرها عبر القنوات الرسمية دون إثارة توتر داخلي”، مبينا أن “تحفظ السوداني على إعلان تفاصيل اللقاء قد يفهم كمحاولة لكسب الوقت أو احتواء ردود الفعل داخل البيت السياسي العراقي، وربما بانتظار نضوج نتائج هذا التواصل لعرضها في سياق سياسي أوسع وأكثر قابلية للتقبل”.
ولم يكن اللقاء منفصلا عن مشهد إقليمي آخذ بالتبدل، حيث ظهرت مؤشرات التقارب السعودي الإيراني، والمحادثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران.
وبالتزامن مع اللقاء، جرى تداول وثائق تكشف أن الشرع كان معتقلا في العراق منذ الرابع عشر من أيار 2005، بموجب مذكرة صادرة عن مجلس القضاء الأعلى، وقد تم تسجيله حينها باسم وهمي هو “أمجد مظفر حسين النعيمي” في دائرة الإصلاح بسجن التاجي.
ويرى خبراء القانون أن “الشرع حالياً بحكم رئيس دولة، وبموجب القوانين العراقية والدولية، فإن رؤساء الجمهورية لهم حصانة، لذلك لا يمكن للعراق محاسبة أي رئيس جمهورية عن أي جريمة كانت بموجب هذه الحصانة، وبالتالي أي قضية سابقة على الشرع هي ساقطة بموجب القانون لحصانته ولا يمكن محاسبته عليها”.
وكشفت وسائل اعلام محلية، خلال الشهر الماضي، أن السوداني، قام بتشكيل خلية أزمة للتعامل مع دمشق وإدارة ملف العلاقات معها، تضم شخصيات سياسية وحكومية تتمتع بصلات جيدة مع تركيا الراعية للنظام الجديد في سوريا، وهم كل من وزير الدفاع ثابت العباسي، ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، ووزير الخارجية فؤاد حسين، ورئيس جهاز المخابرات حميد الشطري، فضلا عن القائم بأعمال السفارة العراقية في دمشق ياسين الحجيمي، وذلك لحساسية ملف سوريا والتعامل مع حكومتها الجديدة في ظل رفض أطراف داخل الإطار التنسيقي (الشيعي) لها”.
يشار إلى أن اتصال جرى بين رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مطلع نيسان الجاري، ورئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، أكد خلاله دعم العراق لـ”خيارات الشعب السوري”، إلى جانب عدد من القضايا المهمة، جاء ذلك بعد حذر عراقي من التفاعل مع التطورات السورية خلال الأشهر الماضية، حيث يعكس هذا الاتصال أثر المتغيرات في الظروف الإقليمية على إجرائه، ويؤشر إلى حد ما إلى كسر القيود السياسية المفروضة على السوداني من قبل بيئته السياسية، ممثلة بـ”الإطار التنسيقي” الحليف للأسد، وكذلك الفصائل المسلحة التي تشكلت منها حكومة السوداني، والتي حاربت على الجغرافية السورية للدفاع عن الأسد كخيار استراتيجي وعقائدي.
ولا يستبعد مراقبون للشأن السياسي حضور الشرع في قمة بغداد المرتقبة، وذلك لان الدعوة الرسمية توجهت له حسب البروتوكولات المعمول بها في الجامعة العربية، وبغداد ودمشق ستتفقان في النهاية على طبيعة المشاركة السورية في القمة المقرر إجراؤها في آيار المقبل.
أقرأ ايضاً
- نائب يتساءل: كيف ستواجه الحكومة أزمة النفط والكهرباء والتعيينات بعد قمة بغداد؟
- وزير الثقافة العراقي يسلم أحمد الشرع دعوة رسمية لحضور القمة العربية في بغداد
- الزراعة : تجهيز 800 ألف دونم للاستثمار