
يستعد العراق لخوض انتخابات تشريعية جديدة في تشرين الثاني المقبل، في خضم مشهد سياسي متقلب، حيث تشهد فيه الساحة السياسية تداخلات معقدة، بين الأزمات الاقتصادية والاجتماعية من جهة، والتحولات السياسية التي تشهدها البلاد من جهة أخرى، وعلى وقع تلك التداعيات، أعلنت سبع كيانات سياسية، عن تشكيل “ائتلاف الإعمار والتنمية”، استعدادا لخوض الانتخابات التشريعية، المقرر إجراؤها في تشرين الثاني المقبل.
وذكر بيان صادر عن الائتلاف الجديد، الذي يتزعمه رئيس الوزراء، محمد السوداني، دون أن يكشف الائتلاف عن ذلك، أن “أهداف هذا التشكيل الجديد تنطلق من البرنامج الحكومي، وأولوياته الخمس، ومُستهدفاته في مجالات الإعمار والاقتصاد والاستقرار”.
وأضاف البيان، أن “الائتلاف الجديد يضم كلاً من: تيار الفراتين، وتحالف العقد الوطني، وائتلاف الوطنية، وتحالف إبداع كربلاء، وتجمع بلاد سومر، وتجمع أجيال، وتحالف حلول الوطني”.
وأكد، أن “هذا التكتل يسعى إلى استدامة الإعمار، وتعزيز الاقتصاد الوطني، واستكمال مشاريع البنى التحتية، وتوسيع العلاقات الإقليمية والدولية”، كما شدد على “أهمية البناء على ما تحقق من منجزات خلال العامين الماضيين في مجالات الخدمات، وخلق فرص العمل، والرعاية الاجتماعية”.
ودعا البيان، العراقيين إلى المساهمة في مشروع وطني جامع ينهض بالعراق نحو مستقبل مستقر ومزدهر.
وتأتي هذه التحالفات في وقت يشهد فيه الإطار التنسيقي، أجواء مشحونة مع رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، إثر قرارات الأخير وتفرده في السلطة، وسط تكهنات تظهر بين فترة وأخرى، حول مستقبل العملية السياسية في ظل مقاطعة زعيم التيار الوطني مقتدى الصدر للانتخابات.
وتعد الانتخابات العراقية القادمة، من أكثر الدورات تعقيدا منذ سنوات، بحسب العديد من المراقبين، حيث بات العراقيون يواجهون العديد من المشكلات في اختيار ممثليهم، في ظل ارتفاع أعدادهم، ووجود المال السياسي الذي يعيق وصول المستقلين للسلطة.
وصوّت مجلس الوزراء، في 9 نيسان الماضي، على تحديد يوم 11 من شهر تشرين الثاني من العام 2025، موعدا لإجراء الانتخابات التشريعية.
وينص القانون على أن يكون تحديد موعد الانتخابات قبل 90 يوما، لكن السوداني حدد موعد الانتخابات بشكل مبكر جدا وقبل 7 أشهر من موعدها المحدد، وهي قد تكون “سابقة من نوعها”، في محاولة لقطع الطريق على أية إشكالات ومزايدات سياسية محتملة.
وتسببت مقاطعة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر للانتخابات، بفتح باب منافسة جديدة، حيث بدأت القوى السياسية مساعيها للاستحواذ على مقاعد الصدريين الـ73، التي تخلوا عنها بعد انسحابهم مع بداية الدورة النيابية الحالية، حيث تسعى مختلف الكتل للظفر بها، وفيما يخص المدن المختلطة مثل بغداد وديالى وغيرها، فإنها ستبقى الرهان الأكبر لتحقيق الفوز.
وأكد النائب السابق، محمد سلمان، في 15 آيار الجاري، أن كثرة الأحزاب في العراق يعكس حالة من التشظي والانفلات السياسي، داعيا إلى تعديل قانون الأحزاب في العراق أسوة بدول العالم، من خلال عدد الأصوات الحاصل لها الحزب في الانتخابات السابقة، من أجل التسجيل، والمشاركة في الانتخابات.
واشتدت المخاوف من أن يتحول المشهد الحزبي في العراق، إلى مساحة لتسجيل الكيانات الورقية أو المتاجرة بالمشاركة الانتخابية، خصوصا في ظل تزايد التحالفات الجديدة التي بلغ عددها 66 تحالفا حتى آيار مايو الجاري، بينها ستة فقط قامت بتحديث بياناتها.
ويعد التوافق السياسي، إحدى الركائز غير المكتوبة في النظام السياسي العراقي بعد عام 2003، حيث تقوم أغلب التفاهمات المتعلقة بتشكيل الحكومة وتوزيع المناصب السيادية، على مبدأ المحاصصة والتوازن بين المكونات، وعلى الرغم من اعتماد الانتخابات كآلية دستورية لاختيار أعضاء البرلمان، إلا أن النتائج النهائية غالبا ما تكون رهن التحالفات والاتفاقات، التي تفضي إلى تشكيل السلطة التنفيذية، بعيدا عن حجم المقاعد البرلمانية لكل طرف.
وشهدت الدورات النيابية المتعاقبة منذ 2005، اعتمادا واضحا على التفاهمات السياسية لتسمية رؤساء الحكومات، بدءا من إبراهيم الجعفري، مرورا بنوري المالكي، ثم حيدر العبادي، وعادل عبد المهدي، وصولا إلى مصطفى الكاظمي، وأخيرا محمد شياع السوداني.
ولم تشكل أي حكومة بناء على نتائج انتخابية حاسمة، بل ظلت خاضعة لمعادلات التوافق، التي غالبا ما تعكس ميزان القوى داخل الإطار السياسي، لا داخل البرلمان فحسب، وهو ما ساهم في ترسيخ فكرة أن “الكتلة الأكبر” تحدد بعد الانتخابات لا قبلها.
أقرأ ايضاً
- السوداني يوعز بتخصيص أراضٍ سكنية لوزارة الداخلية
- رفع شكوى قضائية ضد حكومة السوداني بسبب تأخير جداول موازنة 2025
- عون يشكر الـ20 مليون دولار.. السوداني يؤكد حرص العراق على دعم لبنان