
رغم انتعاش الآمال التي سادت الأسبوعين الماضيين، إثر التقارب بين حكومتي بغداد وأربيل واللقاءات المتكررة، لاستئناف صادرات نفط كردستان إلى ميناء جيهان التركي، إلا أن تعثراً جديداً كشفت عنه شركات نفط عاملة في الإقليم أعاد المفاوضات إلى المربع الأول.
أكدت رابطة شركات النفط في كردستان “إبيكور”، اليوم الأحد، عدم التوصل لاتفاق مع حكومتي الإقليم وبغداد، بشأن إعادة تصدير النفط عبر خط جيهان، فيما أوضحت المشاكل القانونية التي تواجه عقودها.
وقالت “إبيكور”، في بيان، إن “شركات القطاع النفطي الأعضاء في رابطة أبيكور شاركت في الاجتماع الذي عُقد بتاريخ 20 نيسان بين حكومتي إقليم كردستان والعراق، لبحث استئناف تصدير النفط عبر خط أنابيب العراق – تركيا، لكن للأسف لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال الاجتماع”.
وأضافت أن “شركات الرابطة الأعضاء مستعدة لاستئناف تصدير النفط عبر الخط المذكور، حال التوصل إلى اتفاق يضمن دفع المستحقات المالية للشركات، وفقًا للشروط التعاقدية المعتمدة مع الشركات النفطية الدولية، إضافة إلى تسديد كافة الديون المتراكمة على الحكومة تجاه تلك الشركات”.
وشددت على “ضرورة حصول الحكومة على موافقة رسمية تضمن التزامها بتطبيق قانون الموازنة العراقي”، مشيرة إلى أن “العقود المبرمة بين حكومة إقليم كردستان والشركات النفطية لم يتم إقرارها كعقود قانونية وصحيحة من قبل المحاكم العراقية، الأمر الذي يفرض أن يشمل أي اتفاق بشأن دفع مستحقات الشركات إجراءات واضحة وفق قانون الموازنة وعقود الشركات النفطية”.
وكشفت إبيكور، عن “تقديمها عدة مقترحات لكل من الحكومة الفيدرالية وحكومة الإقليم”، مؤكدة أن “هذه المقترحات تتمحور حول آليات عمل دولية قائمة على قانون الموازنة والعقود النفطية”، فيما بينت أنه “لم يتم اعتماد المقترحات حتى الآن”.
وبشأن الضمانات المطلوبة لدفع مستحقات تصدير النفط مستقبلًا، أوضحت أن “كلا الحكومتين أبدتا استعدادهما لمراجعة الخيارات المقترحة، ولكن لم تجرِ حتى الآن أي مفاوضات جوهرية بهذا الشأن، ولم يتحقق أي تقدم ملموس”.
ولفتت إلى أن “الحكومة العراقية لا تزال تؤكد أهمية استئناف تصدير النفط، إلا أن الجهود المبذولة بهذا الاتجاه كانت محدودة ولم تحقق نتائج عملية”.
وكان رئيس ديوان مجلس وزراء حكومة إقليم كردستان أوميد صباح، كشف في 16 نيسان الجاري، عن اجتماع مهم سيُعقد يوم 20 نيسان الجاري، بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان لمناقشة ملف تصدير نفط الإقليم، وذلك بحضور ممثلي الشركات النفطية العاملة في الإقليم.
وكان المتحدث باسم لجنة النفط النيابية علي شداد، أكد في 9 آذار الماضي، أن “وزارة النفط استكملت كافة الإجراءات لتصدير النفط الخام عبر ميناء جيهان وأبلغت الجانب التركي بإنهاء استعداداتها لاستئناف التصدير، وذلك بعد تعديل قانون الموازنة لتصبح كميات النفط المصدرة تتراوح بين 300 ألف إلى 325 ألف برميل يوميا”.
وأضاف شداد، أن “الاجتماع الأخير المنعقد بين وزارة النفط وحكومة إقليم كردستان، تطرق لمطلب الإقليم بزيادة حصة الاستهلاك المحلي من 46 ألفا إلى 110 آلاف برميل في اليوم الواحد، ما يعد مخالفة صريحة للموازنة المصوت عليها في مجلس النواب، ويتسبب بعرقلة إعادة تصدير النفط الخام عبر جيهان”، مشددا على أن “الوفود التفاوضية قد انتهى دورها أمام مادة قانونية لا تقبل المفاوضة أو الاتفاق”.
وفي الوقت ذاته، عقد اجتماع ثلاثي في بغداد بين وزارة النفط الاتحادية ووزارة الموارد الطبيعية في إقليم كردستان وشركات إنتاج النفط في الإقليم، لمناقشة عقبات استئناف تصدير النفط.
يأتي هذا الاجتماع بعد اجتماع ثلاثي عقد في 2 آذار الماضي، ببغداد بين الأطراف الثلاثة نفسها، وتم تقديم نتائجه إلى رئيس مجلس الوزراء، خلال اجتماعه برئاسة محمد شياع السوداني، دون إصدار الأخير أي قرار بشأن مسألة استئناف تصدير نفط كردستان.
ورغم الإجتماعات المتكررة ومرور نحو شهرين على اتفاق الحكومة الاتحادية مع إقليم كردستان لاستئناف تصدير نفط الإقليم، إلا أن الاتفاق لم ينفذ حتى الآن، إثر الملفات العالقة بين وزارة النفط الاتحادية وشركات نفط عالمية مستثمرة في نفط الإقليم.
الجدير بالذكر أن الحكومة الاتحادية طعنت في الصحة القانونية لعقود تقاسم الإنتاج القائمة مع شركات أجنبية في كردستان العراق من خلال دعوى قضائية بدأت في 2022، لكن توافقا بين بغداد وأربيل في الفترة الأخيرة حول قضايا خلافية من بينها صرف رواتب موظفي الإقليم واستئناف صادرات النفط منه عبر ميناء جيهان التركي، بعث إشارات إيجابية حول حلحلة أزمة تسببت في مشاكل مالية لحكومة الإقليم وخسائر مالية كبيرة للحكومة الاتحادية.
وتناقضت الخطوات القضائية كذلك مع تصريحات كان قد أدلى بها السوداني مؤخرا، قال فيها إن بغداد تنتظر استكمال إجراءات بدء تصدير النفط من ميناء جيهان التركي.
يشار إلى أن رابطة شركات النفط في كردستان “إبيكور”، أكدت في بيانات سابقة أنها لا تزال غير واثقة من طرق سداد الأموال للشركات النفطية، وترى أنه “يجب أن يكون هناك ضمان للدفع عن الصادرات النفطية السابقة والمستقبلية، ويجب تحويل مدفوعات بيع النفط المتوقعة إلى الشركات الأعضاء في الرابطة مباشرة إلى تلك الشركات، كما يجب الحفاظ على الشروط التجارية الحالية والنموذج الاقتصادي للشركات الأعضاء في هذه الرابطة”.
واعترفت الرابطة بأنها “أبلغت كبار أعضاء إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن وأعضاء الكونغرس الأميركي بأنه ينبغي للبيت الأبيض الضغط على رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، خلال زيارته لواشنطن في 15 نيسان 2024، “بهدف إعادة فتح خط الأنابيب الناقل بين العراق وتركيا والسماح بتصدير النفط المنتج في إقليم كردستان إلى الأسواق الدولية، وحصول شركات النفط العالمية بما في ذلك أعضاء الرابطة على ضمان الدفع مقابل صادرات النفط السابقة والمستقبلية”، إلى جانب اشتراطها “قيام الحكومة العراقية بتنفيذ بنود الميزانية الاتحادية العراقية لحكومة إقليم كردستان بشكل كامل”.
وفي 25 شباط الماضي، نقلت السفارة الأمريكية في العراق تصريحا عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس، قالت فيه، إن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو اتفق مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال محادثة هاتفية على “ضرورة الإسراع في إعادة تشغيل خط أنابيب العراق-تركيا، والالتزام بالشروط التعاقدية مع الشركات الأمريكية العاملة في العراق لجذب استثمارات إضافية”.
وكان العراق قد كسب دعوى للتحكيم رفعها أمام هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في العاصمة الفرنسية باريس، ضد تركيا بشأن تصدير النفط الخام من إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي دون الرجوع إلى شركة تسويق النفط العراقية “سومو”، وعلى إثر القرار، توقف تصدير نفط كردستان البالغ 480 ألف برميل يوميا في 25 آذار مارس 2023.
وعدّل البرلمان، في 2 شباط الماضي، الموازنة العامة، ممهدا الطريق لاستئناف تصدير نفط إقليم كردستان إلى ميناء جيهان التركي بعد توقفه عامين.
وتهدف التعديلات إلى دعم تكاليف إنتاج شركات النفط العالمية في إقليم كردستان، وتعد موافقة البرلمان هذه خطوة مهمة نحو استئناف صادرات النفط إلى تركيا، وفي هذا السياق، تم تحديد تكلفة استخراج ونقل برميل النفط في المنطقة بـ16 دولارا.
ونقلت “بلومبيرغ” عن وزير الخارجية فؤاد حسين، قوله على هامش مؤتمر ميونخ للأمن “تم الاتفاق على الإطار القانوني، وما يتعلق بالأمور الفنية بين شركات النفط والحكومة الفدرالية العراقية وحكومة إقليم كردستان للبدء في التصدير، مشيرا إلى نقاشات تدور حول كميات النفط التي سيتم استهلاكها محليا، وما سيتم تصديرها.
وكان العراق يصدر ما بين 400 ألف إلى 500 ألف برميل يوميا من الحقول في شمالي البلاد، بما في ذلك المنطقة الكردية، عبر خط الأنابيب المتوقف متجها نحو تركيا.
وقال وزير النفط حيان عبد الغني، مطلع آذار الماضي، إن العراق يخطط لنقل ما لا يقل عن 300 ألف برميل يوميا من النفط الخام بمجرد استئناف العمليات، مضيفا أن الإدارة العراقية بدأت كذلك عملية رسمية لحمل حكومة إقليم كردستان على نقل النفط إلى شركة سومو التابعة لوزارة النفط، والتي تتولى عملية التسويق”.
وأوضح حسين، أن “إنتاج النفط في المنطقة الكردية يبلغ نحو 280 ألفا إلى 300 ألف برميل يوميا، وتقدر حكومة إقليم كردستان احتياجاتها للاستهلاك المحلي بما في ذلك لتوليد الطاقة بنحو 110 آلاف إلى 120 ألف برميل يوميا”، مضيفا أن بغداد تعتقد أن “عددا أقل قد يكون كافيا”.
وقد يشكّل إعادة الضخ عبر خط الأنابيب معضلة لبغداد، الملزمة بخفض إنتاج الخام كجزء من اتفاق أوبك بلس، لكنها تكافح للالتزام بالتخفيضات.
ويخضع إنتاج وصادرات منظمة البلدان المصدرة للبترول لتدقيق متزايد، بعد أن دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المجموعة الشهر الماضي، إلى “خفض سعر النفط”.
أقرأ ايضاً
- من الصين إلى الهند.. "أبل" تعتزم نقل تجميع هواتفها
- نينوى تفتح أبوابها أمام الشركات الكورية
- الموارد: سد الوند يعمل بكفاءة عالية وبطاقة تصل إلى 38 مليون م3