
كشف الخبير الاقتصادي، أحمد هذال، عن آخر تقنيات “مجتمع الاحتيال المالي” في العراق للالتفاف على القيود الأميركية المفروضة لمنع تهريب الدولار، وسابقاً كان الاعتماد بشكل أساسي على “الفواتير الوهمية” للحصول على الدولار (مثل ادعاء شراء آلاف الأطنان من النبگ مثلاً)، لكن القيود الجديدة مطلع العام 2025 فرضت على التجار إثبات أنهم “يشترون شيئاً حقيقياً” وقرر البنك المركزي العراقي إخلاء مسؤوليته من الأمر، وترك المهمة على التاجر العراقي الذي يجب أن تقنع وصولاته البنك الأميركي بأنه يقوم بعملية استيراد شرعية، لكن الخبير أحمد هذال يشير إلى أن شركات متخصصة ظهرت في دبي أو تركيا أو الأردن صار بإمكانها “ترتيب الفواتير المطلوبة” بشكل رسمي وببضائع حقيقية بما لا يثير شك العملاقين الأميركيين “جي بي مورغان” و”سيتي بنك”، ولكن المستفيدين من هذه العملية سيضخمون حجم الفاتورة، فعلى سبيل المثال يمكن تمرير فاتورة لاستيراد 1.5 طن من الذهب، بينما لن يصل إلى المنفذ الحدودي سوى طن واحد فقط، وفي المقابل سيتم تحويل المبلغ كاملاً إلى الطرف المُصدر مع فارق السعر، ولن يمكن لأي مصرف أميركي في النهاية أن يتعرف على حقيقة الكميات التي دخلت من الحدود، ويضيف الخبير الاقتصادي إنه لن يمكن معرفة الحقيقة إلا باعتماد نظام الأتمتة “الأسيكودا” في الحدود، والذي لا يسمح بتحويل الأموال إلى البائع المفترض إلا بعد التحقق رقمياً من الكميات الداخلة، وأنها مطابقة لكمية الدولارات المطلوبة.
وقال هذال، أنه "بعد تطبيق نظام المنصة الإلكترونية للسيطرة على ملف الاستيرادات والحوالات الخارجية، استفادت الكثير من المصارف والشركات والجهات المستوردة من فجوة سعر الصرف حينها عبر فواتير مضخمة لا تتناسب مع الحجم الحقيقي للاستيراد والحاجة الداخلية للسلع والخدمات، ما أدى إلى تكديس الدولار في الخارج، ومع عدم امتلاك 60% من التجار الصغار لحسابات بنكية أو شركات رسمية، بدأ هؤلاء بالاعتماد على السوق الموازية للدولار لتغطية استيراداتهم، حيث يعتمد السوق الموازي بشكل أساس على الحركة العكسية للدولار المكدس في الخارج والذي يقدر بـ 10 مليارات دولار سنوياً".
وأضاف أنه "حتى مع التحول نحو نظام المصارف المراسلة الأجنبية، ربما انتهت ظاهرة الفواتير الوهمية، ولكن الفواتير المضخمة بقيت مستمرة، حيث توجد شركات في الإمارات وتركيا والأردن، وغيرها، قادرة على ترتيب كافة الأوراق الرسمية في الداخل (المستورد) والخارج (المصدر) وعبرها يتم تمرير الحوالة دون أن يكتشفها مصرف “جي بي مورغان” مثلاً، لأن ما يهم المصرف الأميركي هو عدم وصول الحوالة الى أطراف معاقبة، أما مسألة اكتشاف حجم التلاعب بكمية البضاعة المستوردة فهي من مسؤولية هيئة الجمارك العراقية وهي الحلقة الأضعف في هذا السياق".
وأكد أنه "بالإمكان تمرير فاتورة شراء 1.5 طن من الذهب من دبي على سبيل المثال، بشكل طبيعي عن طريق البنوك المراسلة وعبر “جي بي مورغان” أيضاً بشكل أصولي ورسمي، ولكن لن يدخل إلى العراق سوى طن واحد حقيقي، بينما سيتم تحويل المبلغ كاملاً إلى دبي، وهنا يستفيد التاجر أو الشركة من فرق الكمية وفرق العملة وسعر الصياغة أيضاً لأنه قد يبيع هذه الكمية من الذهب إلى تركيا مرة أخرى".
وأوضح، أنه "بهذه الطريقة يتحايل هؤلاء لتكديس الدولار مرة أخرى في الخارج، ومن ثم بيعه إلى الداخل أو السوق الموازية، عن طريق حوالات بطاقات الدفع الإلكتروني، لتغطية استيرادات التجار ممن لا يملكون حسابات مصرفية معتمدة لدى بنوك مراسلة أو ممن يريدون تغطية تجارتهم مع الأطراف المعاقبة".
وختم حديثه أنه "من شأن أتمتة الجمارك، والذي يسمى بنظام الأسيكودا، أن يحد من الفواتير المضخمة لأنه سيمنع تحويل مبلغ الفاتورة إلا بعد وصولها إلى المنفذ الحدودي، وبعد التحقق من حجم البضاعة الداخلة الى العراق، ولكن ستبقى المشكلة قائمة إذا لم يطبق هذا النظام في منافذ كردستان لأنه سيحرمهم من الإيرادات غير النفطية التي يستحصلونها عبر جماركهم الخاصة".
المصدر: +964
أقرأ ايضاً
- انخفاض طفيف بأسعار الدولار في العراق
- تحذير من ارتفاع "كارثي" من نفقات الحكومة العراقية على الرواتب
- تجاوز الـ142 ألفاً.. ارتفاع جديد بأسعار صرف الدولار أمام الدينار العراقي