
أبو همدان "قنبر"، هو خادم ومولى علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وكان يحب علياً حباً شديداً، ورجلاً عابداً ورعاً عارفاً متكلّماً لسناً لم تُحدّد المصادر تاريخ ولادته ومكانها، ولا من هي عائلته، لكنه كان من أعلام القرن الأوّل الهجري،عاش مجهول النسب، إلاّ أن التصاقه بأمير المؤمنين علي أعطاه شهرة وعرّفه من بين أقرانه وكان قنبر من خواص أصحاب علي(عليه السلام) ، ومن السابقين المقرّبين له كما كان حاجبه، دفع إليه أمير المؤمنين(عليه السلام) اللواء يوم صفّين في قبال غلام عمرو بن العاص الذي كان قد رفع لواءه، جاء ذكره ضمن شرطة الخميس مع أويس القرني وميثم التمار ومالك الأشتر وكميل بن زياد وحبيب بن مظاهر الأسدي، ولشدّة حبّه ودفاعه عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أمر الحجاج بن يوسف الثقفي بقتله، فقد روي أنّه سأله: مولى مَن أنت؟ فقال: أنا مولى مَن ضرب بسيفين، وطعن برمحين، وصلّى القبلتين، وبايع البيعتين، وهاجر الهجرتين، ولم يكفر بالله طرفة عين، فلمّا سمع ذلك الحجّاج أمر بقطع رأسه.
وفي وسط بغداد كانت هناك خربة طالها النسيان والاهمال في زمن البطش والطغيان واقفلت ابوابها لكنها تضم جسد رجل شريف رافق امير المؤمنين وعمل خادما ومولى له لسنوات، وما ان زال الظالم حتى شمر اهالي منطقة "قنبر علي" عن سواعدهم واعادوا احياء هذا المرقد الشريف ليصبح مكانا يعبد فيه الله وتحيا فيه شعائر اهل بيت نبيه.
خرابة واهمال
ويتحدث خادم المرقد " عادل زيدان الحسناوي" البالغ من العمر (64) عاما والذي تعد عائلته واحدة من اقدم العائلات التي سنت هذه المنطقة عبر مئات السنين عن ما مر بالمرقد وما اصبح عليه لوكالة نون الخبرية بالقول ان" قبر الرجل الصالح "قنبر" خادم ومولى أمير المؤمنين "علي بن ابي طالب" (عليه السلام) يقع في ساحة زبيدة وسط العاصمة بغداد، وكثير من العراقيين لا يعرفون مكانه، بينما سميت منطقتنا "قنبر علي" نسبة الى هذا الرجل الشريف الذي كان من خواص الامام علي (عليه السلام)، ويوجد هنا قبره والضريح المشيد عليه، وانا منذ كان عمري خمس سنوات اي في العام (1966) عرفت هذا المرقد الشريف وتعلقت به وكنت ازوره مع والدتي، وكان المرقد في زمن الطاغية المقبور مغلق ومهجور ويعاني من الاهمال والنسيان وبناء متهالك ومرتع للقوارض والحيوانات ولا يزوره احد بل لا يعرفه غير اهالي المنطقة، واصبح عبارة عن خربة تفوح منها روائح التراب والبنايات المهجورة".
نخوة الاهالي
وعندما شاء الله بحكمته ان يزول النظام المقبور، وبعد اربع سنوات وانجلاء غمة الاحداث الطائفية في العراق، ولمحبة اهل البيت (عليهم السلام) ومن تعلق بهم المغروسة في قلوبهم تناخي اهالي المنطقة وقرروا اعادة تأهيله وصيانته وافتتاحه امام الزوار، وفتحوا الباب ونفذوا حملة تنظيف وصيانة وتبييض للجدران والسقف وصبغ حديد الشبابيك واعادة اعمار زجاجها المكسور، وترميم القبر وطلاء الجدران وغسل الارضية ورصفها بالمرمر والكاشي، وتبرع الكثير من اهالي المنطقة بشكل تكافلي للانفاق على عمليات التأهيل والصيانة والترميم، وقمنا بفرش الارضية بالسجاد وسجادات الصلاة وتوفير التربة الحسينية والمسبحات، واصبح الآذان ينطلق من سماعات المرقد باوقاته الشرعية، والصلاة تقام بحضور الكثير من اهالي المنطقة والزائرين، واصبح الزوار من العراقيين والعرب والاجانب يقصدونه للتبرك بضريح رجل عاش دهرا من الزمن يخدم امير المؤمنين علي (عليه السلام)".
تطوير جديد
ويكمل "ابو علي" حديثه عن المرقد وما حصل فيه من تطوير جديد بقوله ان" الاهالي ناشدوا مكتب رئيس مجلس الوزراء محمـد شياع السوداني قبل شهر تقريبا، كما ناشدنا مدير عام بلدية الرصاف " عادل بشير" الذي يقع المرقد ضمن رقعته الجغرافية، وكان خير عون لنا وقامت البلدية بتنظيم حملة تنظيف بمحيط المرقد، وتهيئة مكان اضافي الحق به يقع بين الشارع العام والمرقد وصب ارضيته وسيرصف بالمرمر، وستقوم البلدية بنصب مسقف ووضع "مساطب" لتوفير امكنة للجلوس تحت الظل وتقيهم من البرد والمطر، لان الكثير من الزائرين وخاصة العرب والاجانب عندما يأتون بباصين او ثلاثة للزيارة، وكانوا يبدون استغرابهم من عدم توفير خدمات للزائرين في بلد عرف بالكرم والسخاء والاهتمام بالمراقد الدينية، فيضطرون للوقوف في الشمس او البرد والمطر لصغر مساحة المرقد وعدم استيعابه لاعدادهم، كما سفتتح باب رئيسي مقابل الشارع العام ليصبح مدخلا رئيسا للمرقد".
مكان المرقد
ويشير "الحسناوي" الى امر مهم بقوله ان" الهنود والباكستانيين والعرب من الخليجيين الكويتيين والسعوديين والبحرينيين اصبحوا يعرفون مكان المرقد اكثر من العراقيين ويأتون لزيارته بل ادخلوها ضمن برامج حملات الزيارة الخاصة بهم، وقد حصلت كرامات كثيرة يشهد بها اهالي المنطقة وعدد كبير من الزائرين بشفاعة هذا الرجل الصالح واكثرها تتعلق بالشفاء من الامراض المستعصية، وكشف الكرب وتحقيق مراد الملهوفين من محبي اهل البيت (عليهم السلام)، ووجود مرقده الشريف في منطقة "قنبر علي" هو نعمة وسبب في هداية الناس وخاصة الشباب الذين يقصدونه واتكفل بفتح الباب لهم حتى وان كان في وقت متأخر من الليل، واصبح مركز احياء للشعائر الدينية والحسينية، حيث ننصب المواكب امام في شهر محرم الحرام وايام مناسبات اهل البيت (عليهم السلام) واربعينية الامام الحسين (عليه السلام)، وتنطلق منه المواكب الحسينية وتقام مجالس العزاء الحسيني واللطم والمحاضرات الدينية، كما اصبح محطة للمعزين بذكرى استشهاد الامام "موسى بن جعفر الكاظم" (عليه السلام)، وكذلك نقيم مأدبات للافطار للصائمين في شهر رمضان المبارك وصلوات وقراءة للادعية المخصوصة واحياء ليالي القدر المباركة فيه، والملفت للنظر ان زائري مولى ابي الحسن "قنبر" هم من الشيعة والسنة والمسيحيين".
قاسم الحلفي ــ بغداد
أقرأ ايضاً
- العطش في العراق.. أزمة المياه تدفع السكان للهجرة الى كربلاء والنجف والبصرة
- البنتاغون: الضربات الأميركية على الحوثيين لم تحقق سوى نجاح محدود رغم كلفتنا مليار دولار
- عودة الكاظمي.. مشروع جديد أم تهدئة مع الأمريكان؟