
رغم بدء العد التنازلي للانتخابات النيابية المقبلة، عاد إلى الواجهة مجددا ملف تعديل قانون الانتخابات، في مسعى جديد لتكييف قواعد اللعبة السياسية بما يتناسب مع مصالح القوى النافذة، وهو ما أثار جملة من التساؤلات حول توقيته وأثره على الاستعدادات الجارية، خصوصا مع دخول المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في مراحل متقدمة من عملها الفني والإجرائي.
وإلى جانب الجدل حول مدى شرعية إدخال تغييرات جوهرية على القانون قبل أشهر قليلة من الاقتراع، يبرز مأزق التوافق السياسي، حيث تحتاج هذه التعديلات إلى أغلبية نيابية وسط انقسام واضح بين الكتل، في وقت ذكرت مصادر محلية أن اتفاقا جرى على طرح التعديلات بعد عيد الأضحى.
وفي هذا الإطار، يقول النائب علي المشكور، إن “تعديل قانون الانتخابات لا يؤثر على سير العملية الانتخابية أو الجداول الزمنية المرتبطة بها”.
ويضيف المشكور، أن “التعديلات المطروحة لا تمس مراحل تقديم القوائم أو تسجيل التحالفات، بل تنحصر في طريقة احتساب النتائج”، مؤكدا أن “تعديل قانون الانتخابات، وفق ما يطرح حاليا، لا يؤثر على سير العمل الفني للمفوضية، ولا على توقيت تقديم قوائم التحالفات أو أسماء المرشحين، وإنما يتعلق فقط بكيفية توزيع النتائج بعد الاقتراع”.
ويتابع أن “التغيير المقترح يتمثل في تخصيص نسبة من المقاعد تبلغ 10 بالمئة، لصالح رؤساء القوائم أو مرشحين محددين، على أن توزع بقية الأصوات بشكل اعتيادي على باقي المرشحين”، مضيفا أن “عملية التصويت ستجري بشكل طبيعي، وكذلك إجراءات العد والفرز، ولن يتغير شيء في الإجراءات الفنية للمفوضية، لأن التعديل المقترح لا يتجاوز فقرتين أو ثلاثا تتعلق فقط بكيفية احتساب النتائج النهائية”.
وبسحب مصادر مطلعة، فقد حسمت قوى الإطار التنسيقي موقفها من تعديل قانون الانتخابات، بعد سلسلة اجتماعات مغلقة سبقت عطلة عيد الأضحى، وجرى خلالها التوافق على إعادة صياغة فقرة توزيع الأصوات داخل القوائم، بما يمنح رئيس القائمة 80 بالمئة من الأصوات، مقابل 20 بالمئة توزع على باقي المرشحين.
يشار إلى أن العملية الانتخابية في العراق تجري وفق القانون الانتخابي النافذ، وهو قانون (انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018 المعدل)، والنظام الانتخابي المعتمد بموجب القانون المذكور ويتم بنظام التمثيل النسبي، بحسب مختصين.
من جانبه، رأى النائب في البرلمان باقر الساعدي، أن “الانتخابات المقبلة ستجرى بموجب القانون الانتخابي النافذ، إذ لا توجد فسحة زمنية كافية لإجراء تعديلات جوهرية”، مشيرا إلى أن “أي تغيير يتطلب توافقات سياسية وتشريعية معقدة، وهو أمر غير متاح في ظل الظروف الحالية”.
ويوضح الساعدي، أن “الحديث عن تعديل القانون في هذه المرحلة غير عملي، نظرا لضيق الوقت وغياب الأرضية السياسية اللازمة لإطلاق حوارات معمقة بين القوى المختلفة”، مؤكدا أن “العملية الانتخابية تمضي في مسارها ووفق الجدول المقرر دون تغيير في الإطار القانوني”.
ويقترح أحد التعديلات المطروحة تحويل المحافظة إلى دائرة انتخابية واحدة، باستثناء محافظات كبرى مثل بغداد والبصرة والموصل، التي تقسم إلى دائرتين انتخابيتين، في محاولة لمعالجة التفاوت في الكثافة السكانية وتوزيع المقاعد، كما يتضمن تحديد عدد المرشحين في كل قائمة بما يتوافق مع عدد المقاعد المخصصة للدائرة، للحد من ظاهرة “الترشيح الواسع” الذي يستخدم أحيانا كأداة لتجميع الأصوات دون نية فعلية للفوز.
ويهدف المقترح الذي تقدم به النائب رائد المالكي، إلى تعزيز حضور القوى الناشئة داخل البرلمان، من خلال تخصيص 30 بالمئة من المقاعد في كل دائرة للمرشحين الأفراد الحاصلين على أعلى نسب تصويت، تفوق 1.5 بالمئة، مقابل 70 بالمئة، توزع على القوائم الانتخابية، كما يتضمن التعديل المقترح إعادة ضبط معادلة “سانت ليغو” الانتخابية، عبر خفض معامل القسمة من 1.7 إلى 1.5، بهدف توسيع قاعدة التنافس ومنح فرص أكبر للمرشحين خارج الأحزاب الكبرى.
بدوره، حذر الخبير الانتخابي عادل اللامي، من “تداعيات تعديل قانون الانتخابات في المرحلة الحالية، إذ سيربك عمل مفوضية الانتخابات ويهدد استقرار النظام الديمقراطي في البلاد”.
ويؤكد اللامي، أن “المفوضية سبق وأن أصدرت نظام توزيع المقاعد، وقد أصبح نافذا، وبالتالي فإن أي تعديل للقانون الآن سيدخل العملية الانتخابية في حالة من الفوضى والتأخير”، مشيرا إلى أن “هذه الظاهرة، التي تتكرر قبيل كل استحقاق انتخابي، غير صحية”.
ويوضح، أن “كل تغيير في القانون يفرز عيوبا جديدة، بسبب (خصخصة المصلحة الوطنية لصالح كيانات سياسية)، ما يضيق على الأحزاب الناشئة ويمنعها من المنافسة الحقيقية، لا سيما مع التلاعب المتكرر بطريقة احتساب الأصوات”.
وكان نواب قد أقروا بصعوبة تعديل قانون الانتخابات، بسبب الانقسام السياسي بين كبار الكتل السياسية، منوهين إلى أن كل طرف سياسي سيعمل على تمرير القانون وفق ما يخدم مصلحته الحزبية، ولذا تم تأجيل هذا التعديل لحين حسم القوانين الخلافية المعلقة منذ أشهر دون التصويت عليها.
يذكر أن مجلس النواب قد صوت خلال جلسته التي عقدت في الـ27 من آذار 2023 بحضور 218 نائبا على قانون “التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لعام 2018”.
وشملت التعديلات الأخيرة إلغاء النظام المعمول به في انتخابات تشرين الأول 2021، واعتمد بموجب النظام الانتخابي الجديد نظام الدوائر المتعددة وقسم البلاد جغرافيا إلى 83 دائرة بدل النظام القديم الذي حدد أن كل محافظة تمثل دائرة انتخابية واحدة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- تطمينات وتحذيرات.. حرب الانتخابات تصل إلى الرواتب
- المالية النيابية تستبعد تعديل سعر برميل النفط
- 3 تريليون دينار سنويا لتمريره.. استبعاد سياسي لتعديل "سلم الرواتب"